من أقذر الأمراض التي عرفتها البشرية هو مرض البواسير والآلام التي تصاحب المرض لا تستطيع أن تصفها الكلمات حيث إن الألم يتعدى الجسد ليصل إلى الروح فيصيبها بما يشبه الشلل ويجعلها تخرج من عالمها لتقف على حد فاصل بين الموت والحياة الموت فيه اقرب إليها من الحياة , وتتحول كل معاني حياة الإنسان إلى كيفية تخفيف الألم عند الذهاب إلى الحمام والأدهى من كل هذا هو الوضع الاجتماعي والثقافة السائدة في مجتمعنا ( ثقافة العيب ) فمريض البواسير لا يستطيع التصريح بمرضه وفي اغلب الأحيان يرفض الذهاب لعلاجه حياء من كشف عورته أمام الآخرين حتى إن الشاعر الشعبي العراقي قال ساخرا من مريض البواسير :
( كل الأمراض تهون إلا البواسير هم ( ط ي ز ك ) يشكوا وهم مضحكة تصير )
وهنا أسجل تعاطفي مع النائب خالد العطية في التخلص من بواسيره بمبالغ خيالية وأقول إن كل نفط الشعب فدوه لبواسير النواب الكرام . الذي أريد أن أسوقه هنا هو مقارنة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق مع مرض البواسير سيء الصيت باعتبار إن الذي حدث ويحدث في العراق لا يمكن إصلاحه إلا بعملية جراحية لاستئصال ساسة وقادة هم في أحسن الأحوال ليسوا سوى بواسير في جسد العراق .
البواسير بالعربية أو الباسور وبالانكليزية ( hemorrhoid) والكلمة دخلت اللغة الانكليزية عام 1398 م وكانت مستمدة من اللغة الفرنسية القديمة ( emorroides ) والكلمة حسب المختصين مأخوذة من الإغريقية وتعني ( القدرة على تصريف الدم ) أو( التدفق ) , والتعريف الطبي لها : عبارة عن أوعية دموية منتفخة في القناة الشرجية , وهذا المرض قديم قِدم البشرية فقد وردت أول إشارة إلى المرض في سنة 1700 قبل الميلاد في بردية مصرية تشرح بالتفصيل طريقة العلاج للمرض , كما ذكرها أبو قراط في عام 460 قبل الميلاد وشرح طريقة العلاج والتي تماثل الآن طريقة الشريط المطاطي المستعملة حديثا , كما ذكر طريقة التداخل الجراحي جالينوس لاستئصال البواسير التي يعتمدها الأطباء حاليا كآخر علاج لهذا المرض الذي تشير الإحصائيات الأخيرة إن نصف سكان كوكب الأرض أصيبوا به في مرحلة من مراحل حياتهم , ولأهمية المرض وتأثيره على حياة المجتمع الإنساني فقد تم ذكره في الكتاب المقدس بلفظ قديم ( emerods ).
البواسير أنواع ثلاثة على غرار ساستنا في العراق نوع داخلي عادة ما يصاحبه نزيف دموي وتكون مؤلمة جدا عندما تكون مخثورة أو نخرية ولك سيدي القارئ أن تقارن الباسور الداخلي مع ساسة الفتنة وشيوخها من الداخل العراقي الذين نخروا الوحدة الاجتماعية في العراق وكان نتيجة أعمالهم بحور من الدم تجري بين أبناء المجتمع الواحد وقسموا المجتمع إلى روافض ونواصب وكان ذروة أنتاجهم داعش الشر الذي استباح الأرض والعرض , والنوع الثاني من البواسير خارجية وهذا النوع يكون اشد إيلاما من البواسير الداخلية ويسبب التهابات شديدة في منطقة الشرج وهذا النوع يتماثل مع ساستنا الأفاضل الذين يتلقون تعليماتهم من خارج الحدود
ويشتغلون بأجندات إقليمية فهذا باسور أمريكي وذاك إيراني والآخر تركي وأخيه سعودي قطري وهلم جرا وما أكثر الآلام التي سببوها للعراق شعبا وأرضا ووجود . أما النوع الثالث وهو الأخطر فهو النوع المختلط أي أن المريض مصاب بالنوعين الداخلي والخارجي معا ولك سيدي أن تتصور حجم الألم المصاحب لهذا النوع من المرض ولك أن تتخيل حجم الكوارث التي سببها ساسة الاحتلال ولصوص المنطقة الغبراء وكمية الخراب الذي أحدثه هؤلاء السفهاء في جسد العراق حيث أنهم لا يعدوا أن يكونوا باسور من نوع مختلط ( داخلي وخارجي ) يلعبون على كل الحبال التي من شأنها أن تشنق الشعب العراقي وتغتال المجتمع وتستبيح الأرض الطاهرة لكي يرضى من هم في خارج العراق .
يشرح الأطباء إن أسباب الإصابة بمرض البواسير تتلخص بعدم انتظام حركة الأمعاء ( الإمساك والإسهال ) وهذا يتماثل مع الوضع العراقي بعد الاحتلال الأمريكي فحالة التخبط التي عاشها المجتمع العراقي والشعارات الدينية التي رُفعت والظاهرة الديمقراطية الجديدة على المجتمع العراقي وكمية الأحزاب التي ظهرت على الساحة العراقية وغياب الرؤية الموضوعية للأحداث وجهل الشارع العراقي سببت حالة الإمساك والإسهال في الوضع العراقي وأنتج ساسة ليسوا أكثر من بواسير في جسد العراق , والسبب الآخر الذي يسبب البواسير حسب الأطباء هو عدم ممارسة الرياضة , وسوء التغذية أو الجلوس لساعات طويلة وهذا الذي حدث في العراق فالشعب العراقي بالأعم الأغلب لا يمتلك وعي سياسي ولا يعرف الضار من النافع وبإمكان أي شخصية دينية أن تلعب بأفكاره وتحرفها عن الطريق الصحيح بمجرد أن تضع العمامة أمام الناس باعتبارها أٌقدس المقدسات فهي لا تنطق عن الهوى , كما أن معظم الشعب العراقي مصاب بسوء التغذية الفكرية فهو لا يعرف ما يأكل ( غذاءه الفكري يأتيه جاهزا معلبا في مصانع رجال الدين وشيوخ الفتوى ) بحيث إن رجال الدين ابتدعوا قانونا هو الأول من نوعه في العالم ويتلخص ب ( لا تقل قولا , لا تفعل فعلا بدون الرجوع إلى رجل الدين ) فتحول الشعب البسيط إلى قطيع يسوقه رجل الدين إلى حيث يشاء وكان نتاج ذلك البواسير الكارثية في الجسد العراقي والمتمثلة بساسة الأحزاب الإسلامية ولصوص المنطقة الغبراء .
لا يوجد لحد اللحظة دواء شافي للبواسير وكل الأدوية المتوفرة في العالم لا تعدو أن تكون مسكنات للمرض فهي تُسكن الألم ولا تقضي على المرض وهكذا الحال في إصلاحات العبادي فهي لا تعدو أن تكون مسكنات للمرض العراقي والمرض باقي في الجسد العراقي وينتشر بكل هدوء وغدر .
يقول الأطباء إن الحل الأمثل للبواسير هو التداخل الجراحي والاستئصال بشكل نهائي , لذلك نتمنى أن يعي كل الشرفاء في العراق أن الحل يتمثل باستئصال بواسير الجسد العراقي لأنها إذا لم تستأصل ستتحول إلى سرطانات تقتل العراق بأكمله .
مقالات اخرى للكاتب