بالرغم من معركة المصير التي يخوضها أبناء العراق النجباء ضد أشرس عدو دموي إجرامي ظلامي في تأريخ العراق الحديث يسعى لإعادة هذا الوطن الحضاري إلى عصور الظلام والتخلف والإنحطاط، وبالرغم من الإعتداء التركي الفاضح والغاشم على الأرض العراقية لعرقلة القضاء على هذا العدو الداعشي المتوحش أولا ولتحقيق الأطماع الأردوغانية العثمانية على أرض العراق ثانيا. إلا إن بعض السياسيين مازالوا يعيشون في عالمهم الخاص المبني على المصالح الأنانية الفردية والحزبية، ويتصورون إن الوطن في عرفهم هو لايعدو أن يكون غنيمة والشاطر من يحصل على حصة الأسد من هذه الغنيمة لصالح كتلته وعشيرته وشخصه ضاربين عرض الحائط الهم الوطني والأخطار الكبيرة المحدقة بالعراق وما يرتكبه الدواعش المجرمون من جرائم بشعة بحق المدنيين إنتقاما لهزائمهم النكراء على جبهات القتال. وآخرها الجريمة المروعة في ناحية الشوملي حيث تسلل سفاح داعشي بصهريج يحمل كمية كبيرة من مادة نترات الأمونيا الشديدة الإشتعال إلى هذه المنطقة الفقيرة المحرومة من أبسط الخدمات فقتل أكثر من 100شهيد وجرح200 معظمهم من الزوار الإيرانيين العائدين من زيارة أربعينية الإمام الحسين ع. إضافة للدمار الهائل الذي تركه في البنية التحتية المتهالكة لهذه الناحية. ويتساءل المواطن العراقي كيف دخل هذا المجرم إلى عمق هذه المنطقة والعراق يخوض حربه مع هذه العصابات الإجرامية التي لايردعها دين في الوصول إلى أهدافها الشريرة.؟ مما يدعو إلى أن تكون القوات الأمنية المحلية في كامل إستعدادها لمواجهة غدر هذه القطعان الضالة الحاقدة على الجنس البشري بشكل لم يسبق له مثيل . وإلى متى يستمر مسلسل التبريرات عند حدوث جرائم الإبادة هذه ؟ وكأن الذين يدافعون عن الوطن في جبهات القتال يدفعون ثمن تضحياتهم بقتل أهلهم في هذه المناطق.
والذي يؤلم المواطن العراقي حين يرى بعض السياسيين مشغولين بقضاياهم الشخصية، وهم غير آبهين بهذه الجرائم الشنيعة. وإن تحدثوا فإنهم يطلقون إتهامات غائمة ولا ينسون أبدا ذكرمقولة (الإقصاء والتهميش) يرفعونها كقميص عثمان لإعطاء المبررات لأعداء العراق من أخوة يوسف لكي ينفذوا أجنداتهم الخبيثة لمنع إستئصال الورم الداعشي من جسم العراق .وهم بذلك دواعش سياسة بامتياز ولم يغيروا مابأنفسهم أبدا.
والمواطن العراقي يسمعهم وهم يصدعون رأسه ليل نهار في الفضائيات بضرورة المصالحة مع البعثيين الذين دمروا العراق وملأوه بالمقابر الجماعية من أقصاه إلى أقصاه ، وعبدوا أبشع دكتاتور ظهر في العصر الحديث،ونفذوا كل ماأمر هم به بل تمادوا أكثر من ذلك ، ويطالبون بنسيان الماضي ، والتجاوز على أنهار الدماء التي سفكت من خلال (عفا الله عما سلف) للتمهيد لما يسمى بـ (للمصالحة الوطنية ) ومن خلال كل حديث يتحدثون به يعتبرون كلامهم (إنقاذ للوطن مما هو فيه ) وإنهم (حريصون جدا) على مصالح الوطن والمواطن. وهم على هذه الحال منذ ثلاثة عشر عاما. يكررون أنفسهم في كل حديث، وينتقلون من فضائية إلى أخرى لتسويق كلامهم الذي جلب أوخم العواقب للعراق.
لقد صار ديدن هؤلاء الذين لايرون إلا مصالحهم الأنانية الرهان على كل حدث يؤذي الوطن والشعب ليحققوا مآربهم السياسية الخبيثة تحديا لإرادة الشعب العراقي الذي لاقى الأمرين منهم . وكأنهم يقولون إن طريقنا هذا هو الطريق الوحيد الذي يحقق لنا مانصبوا إليه وليكن من بعدنا الطوفان.
لقد سلم بالأمس نفر من هؤلاء المتباكين على الشعب العراقي محافظة نينوى على طبق من ذهب للدواعش، ووصفوا الجيش العراقي بـ (الصفوي)، وهربوا وشجعوا شرطتهم والمتآمرين معهم من ضباط الخيانة والفساد ، ولجأوا إلى فنادق أربيل الراقية. ومن هناك أخذوا يتشدقون بخيانتهم التي تزكم الأنوف ويعتبرون تصريحاتهم الخيانية دفاع عن العراق بعد أن تركوا هذه المحافظة العزيزة تحت نير الدواعش الأشرار فعاثوا فيها فسادا ، وسبوا أهلها ، وباعوا نساءها في سوق النخاسة ، ودمروا متاحفها وآثارها ومساجدها. ورغم هذه المآسي التي يشيب لهولها الولدان ما زال هؤلاء السياسيون على حالهم ويختلقون مختلف الأعذار التي تهاوت وتساقطت كأوراق الخريف ولا يخجلون من رفع عقيرتهم بضرورة تقسيم المحافظة إنطلاقا من (رغبة شعبها ) بعد تحريرها كما يدعون. وكأن محافظة نينوى هي ملك للحكومة العراقية وليست تلك المدينة العريقة التي تمثل قلب العراق ، وأبناءها الوطنيون الغيارى الذين تصدوا للغزاة عبر التأريخ لم يقبلوا في أية حقبة تأريخية أن يكونوا البادئين بتقسيم العراق على أساس عرقي ومذهبي ليكون تقسيم نينوى الغالية على قلب كل عراقي شريف تمهيدا لتقسيمات مستقبلية أخرى على صعيد العراق برمته وهو الأمر الذي يحلم به الأعداء لتمزيق العراق وتحويله إلى ولايات طائفية متناحرة.
ولا حاجة لذكر أسماء هؤلاء فهم متواجدون في البرلمان وفي الحكومة، ويتحدثون كل ليلة في الفضائيات الطائفية التي تأخذ أوامرها من الخارج دون أي حياء عن ضرورة تقسيم محافظة نينوى إلى محافظات واحدة للكورد وأخرى للعرب السنة وثالثة للمسيحيين ورابعة للإيزيديين وخامسة للشبك والمعركة مازالت في أوجها ضد الدواعش ، ودماء أبناء العراق الشرفاء تسيل كالأنهار على هذه الأرض الطيبة. ولا يكتفون بذلك بل يوجهون طعناتهم الطائفية الغادرة لأبناء الحشد الشعبي الذين يضحون بأرواحهم من أجل تحرير الأرض من هذا الإرهاب الأسود ليقدموا المدن إلى أهلها الذين شردتهم داعش منها بعد تحريرها. والعالم كله يشاهدهم كيف يستقبلون العوائل النازحة ويقدمون لها المساعدات الغذائية ويتعاملون مع المشردين بأرقى سلوك إنساني شهدته الحروب.لكن مرض الطائفية الخبيث المتأصل في هذه النفوس لا يسمح لهم بقول الحقيقة الساطعة كنور الشمس . فيبحثون في الزوايا المظلمة ليسوقوا أجندات أخوة يوسف ضد بلدهم وشعبهم. ولا يكتفون بهذا بل يرسلون رسائل الغزل إلى الطاغية العثماني أردوغان الذي حول تركيا إلى سجن مفتوح برميهم اللومعلى الحكومة العراقية في حدوث الأزمة بين العراق وتركيا والتي سببها طرف واحد هو أردوغان حين غزا الأرض العراقية بجندرمته ودباباته وأطلق حزمة من الأكاذيب المتناقضة لتبريرعمله العدواني الذي يتناقض تناقضا صارخا مع كل القوانين الدولية . وهم يدعون إن إيران غارقة في الشأن العراقي فلماذا الإحتجاج على تركيا فقط.؟ لكنهم بكلامهم هذا يقلبون الحقيقة تماما.
عجيب أمر هؤلاء السياسيين الطائفيين الذين يغمضون أعينهم عن رؤية الشمس ويحاولون إظهار الحكومة العراقية وكأنها هي المعتدية على الأراضي التركية وأبسط إنسان في هذا العالم يدرك إن المعتدي على العراق هو أردوغان. وهم يعلمون إن إيران أدخلت بعض مستشاريها بموافقة الحكومة العراقية.وهي التي وقفت مع العراق من الدقائق الأولى للغزو الداعشي ولولاها لما بقوا في مناصبهم. أما أردوغان فإنه غزا الأرض العراقية كما غزتها داعش. وتحدى حكومتها وآدعى إدعاآت باطلة بأن العرب والتركمان السنة معرضون للخطر من قبل الحشد الشعبي ولابد أن يحميهم من ( بطش ) أبناء وطنهم وهي كذبة أردوغانية تافهة تخفي وراءها نوايا مبيتة. والعرب السنة في البرلمان العراقي أول من رفضوا هذه الفرية الأردوغانية جملة وتفصيلا.
وتارة أخرى يطالبون الحكومة العراقية بالقضاء على حزب العمال الكردستاني الذي تحاربه الحكومات التركية منذ أكثر من ربع قرن ولم تستطع كسر إرادته. وكأن الحكومة العراقية هي التي خلقت هذا الحزب وليست السياسات الشوفينية لحكام تركيا المتعاقبين وأبشعهم السلطان أردوغان الذي شن حرب إبادة قذرة ضد الشعب الكردي في تركيا.
وتارة ثالثة يبشرون الشعب العراقي بمذابح قادمة في الموصل وتلعفر كما روج عادل الجبير في بداية المعركة. ويحلمون بعودة الدكتاتورية إلى العراق ويصرحون في الفضائيات بأن العملية السياسية قد فشلت فشلا تاما ولا ينقذ العراق إلا حاكم قوي مرهوب الجانب أوما يسمونها ب(حكومة إنقاذ وطني )لكنهم متمسكون بمناصبهم لايغادرونها أبدا لكي يدعموا قولهم بفعلهم. فأية إزدواجية صارخة تعشعش في هذه النفوس ؟ وهل يتصورون إن الشعب العراقي غافل عن تصرفاتهم .؟
ويمكنني أن أقول إن هؤلاء السياسيين الذين يغردون خارج السرب العراقي، وتتناغم توجهاتهم مع توجهات أعداء العراق قد فقدوا غيرتهم ونخوتهم وحسهم الوطني.وأثاروا بتصرفاتهم غضب الشعب العراقي ولست مدافعا في كلامي هذا عن الحكومة العراقية التي تحولت إلى بيت عنكبوت .
إن انتهازية هؤلاء السياسيين ورغبتهم المحمومة في إضعاف العراق، وجعله ساحة لأجندات الأعداء، وكأنهم يعيشون خارج سفينة بلدهم. وهم يتصورون إنهم إذا سلكوا هذا الطريق فإنهم سيحصلون على المزيد من المكاسب الشخصية على حساب وطنهم وشعبهم من خلال صراعهم المحموم على السلطه. ولم يخجلوا من سلوكهم المشين والمعادي للشعب. والأدهى والأمر إن بعض شركائهم في الحكم يطرحون (مبادرات ووثاق سياسية) للتصالح معهم دون علم الشعب ومعرفته بهذه بتفاصيل هذه المبادرات وكأنهم قد حصلوا على صك التحاور مع أشخاص أوصلوا العراق إلى شفير الهاوية طيلة نصف قرن. وما هي إلا مبادرات مشبوهة غايتها تغطية عمليات الفساد من باب (غطيلي وغطيلك ) ومن حق المواطن العراقي أن يعرف إلى أين يسير هؤلاء بالعراق؟ ولماذا لاتطرح مثل هذه المبادرات السياسية على إستفتاء شعبي لإثبات إدعاآتهم بأنهم يمثلون الشعب .؟
لقدعانى الشعب العراقي الويلات والكوارث من تصرفات هؤلاء السياسيين الذين يضعون قدما في العملية السياسية وقدما أخرى مع الإرهاب رغم كل مافعله الإرهاب في مناطقهم. ومع السياسيين الفاسدين وجميعهم ليسوا أمناء لتحمل شرف المسؤولية الوطنية في أية إنتخابات قادمة بعد أن شهد الشعب العراقي في الفترة الماضية سرقات هائلة وحرائق رهيبة وخدمات مزرية وفساد إداري ومالي لم يشهد له العراق مثيلا طوال تأريخه الحديث. وبعد أن تكاثرت الجراح في خاصرة الوطن وانعدمت البسمة على شفاه الأطفال ، ومازالت ثروة العراق تنهب على أيدي حيتان الفساد والملايين من الشباب العراقيين يعانون من البطالة والحرمان وطبقات واسعة من الشعب العراقي تعاني من نقص في الغذاء والدواء ومن تفشي الأمراض وكأن كل مايجري على أرض العراق من مآس وويلات.
إن المصالحة الوطنية تحدث بين أشخاص لم تتلوث أياديهم بالدماء وعمليات الفساد وهو أمر يدعو له كل مواطن عراقي تهمه مصلحة العراق . لكن معظم السياسيين الحاليين بكل أسف قد انكشف زيفهم، وفقدوا ثقة الشعب الذي سلمهم الأمانه و خيبوا أمله تماما بسلوكهم ونهجهم المبني على جني المصالح الحزبية والشخصية الضيقة بأي ثمن بعد أن تخلوا عن وعودهم الانتخابية تماما وتحولوا إلى طلاب سلطة وجاه ونفوذ على حساب الطبقات المسحوقة من هذا الشعب الذي أدى واجبه الوطني في الذهاب إلى صناديق الإقتراع لكنه لم يحسن الإختيار بعد أن خدعته الشعارات الزائفة التي رفعوها للوصول إلى السلطة والجاه والمال.
لقد كتب كتاب مخلصون لوطنهم مئات المقالات الجادة عن هذا المشهد الغرائبي الشاذ المثير لشهية الأعداء والأصدقاء لكثرة مافيه من عجائب وغرائب وتناقضات تجعله مادة دسمة للكتابة ، وحذروا السياسيين من المخاطر المحدقة بوطنهم ، وأدعي إنني أحدهم ليس طمعا في شيء مادي أبدا بل إن الانتماء للعراق هو الذي يجعلنا نكتب بحرقة وألم بعيدا عن الترف الفكري وإطلاق السهام السامة لخاصرة العراق كما يفعل الآخرون من أيتام الدكتاتورية البغيضة التي جثمت على صدور العراقيين لسنين طوال وشردتنا عن وطننا ، وأيتامها اليوم يتمتعون بخيرات الوطن وما زالت ألسنتهم طويلة في ذرف دموع التماسيح على شعب العراق .
إن صبر العراقيين قد نفذ نتيجة لتصرفات هؤلاء السياسيين الساعين لتقسيم العراق وإرجاعه إلى زمن الدكتاتورية البغيضة مستغلين ضعف الحكومة ، وكثرة أخطائها. وتصريحاتهم المستمرة تدلل على عدم رغبتهم في التغيير حتى لاينكشف أمرهم. والسياسي العراقي الذي يتناغم صوته مع أصوات أعداء وطنه في الخارج لاحياء له. ولايحق له أبدا أن يشترك في العملية السياسية مرة أخرى ليبث سمومه الطائفية المقيتة من داخل الوطن. وكلامي هذا ليس دفاعا عن الحكومة العراقية التي تحمل معها فيروسات التناقضات الصارخة التي تؤذي المواطن العراقي العادي أكثر من غيره . وتنشر الداء في كل ساحات الوطن. وليس لي إلا أن أقول إذا ذهب الحياء تفشى الداء.
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
اخبار العراق اليوم تصلكم بكل وضوح بواسطة العراق تايمز