اشارت احدى الاخوات تعقيبا على ما كتبته يوم امس الى حكايه شقيقي وهو طبيب جراح اجرى عمليات ناجحه مطلع التسعينات وخلال مقابله صحفيه اجرتها السيده سهام الشجيري ونشرت في الف باء بعد ان برز اسمه انتقد النظافه وعدم توفر ابسط المستلزمات في مستشفى كربلاء ( الشراشف وانابيب المياه العاطله)وكان هذا النقد الخطير جدا !!!سببا باتهامه بانتقاد النظام لانه طائفي !!!واحالته للتحقيق لذي قاده وزير الصحه انذاك اوميد مدحت واربعه من اطباء العظام المشهورين مما اضطره للهرب الى هولندا ليعمل هناك حتى اليوم وقلبه يحترق على وطنه

الصوره التي قدمتها بالامس تحدثت عن الجانب الاول وهو معاناه المرضى لكن عددا من الاخوه الاطباء اشاروا الى ضروره ان اتناول معاناتهم اليوميه وما يتعرضوزن له يوميا من ضغوط كبيره تبدا باعداد المرضى الكبير جدا في المستشفيات ( العراق بين الدول التي لايتناسب عدد المرضى مع عدد الاطباء القليل ) ونقص الكوادر المساعده والاعتداء عليهم بشتى الوسائل التي تصل للتهديد بالقتل والفصل العشائري بسبب موت المرضى لانهم وصلوا الى مرحله الاحتضار ناهيك عن سوء ادارة المستشفيات والفساد والفوضى وغياب الرقابه وصعوبه الحصول على عيادات خاصه ا لائقه بسبب جشع اصحاب العقارات

وهذا الامر حسب اعتقادي يعود الى عاملين الاول عدم وجود نظام تامين صحي في العراق على غرار ما هو في دول العالم المتقدمه ينظم الخدمات الطبيه ويحترم الطبيب ويوفر له ما يليق به من حياه يستحقها اسوه بزملائه في الغرب وغياب الرقابه ونمو المافيات داخل المؤسسات الطبية من جهة وجهل كثير من المرضى وذويهم ان الطبيب ليس ساحرا بل انه يقوم بما عليه من واجبات لانقاذ حياه المريض وفق ما يتوفر له من امكانات علميه وتقنيه بينما يصطحب البعض مرضاهم للمستشفيات وهم في حالة ميئوس منها وبعدها يتهمون الاطباء بانهم سبب موت مرضاهم 
وعلى الاخوه الاطباء العراقيين ان لاينسوا ان الدراسه الطبيه في الغرب تكلف مبالغ طائله جدا ( حوالي 25 الف دولار سنويا في الولايات المتحده) تسبقها سنتان بعد الاعداديه قبل بدء الدراسه الجامعيه بينما توفر الدراسه الطبيه في العراق مجانا من اموال الخزينه اي اموال الشعب وهذا ما يلزم الطبيب بواجب انساني ووطني يختلف عما هو الحال في الخارج

والامر رغم ذلك متداخل معقد له صله بالنظام والقيم الاجتماعيه والوعي العام بمقدار ما هو مرتبط بالجانب العلمي والانساني وحاجه العراق الذي افرغ من الاف الاطباء الذين اكرهوا على الهرب للتعويض عنهم عبر وسائل ليست باليسيره من بينها تقديم مغريات ماديه كبيرة جدا مهما كانت كبيره فانها اقل من قدرهم واهميتهم في حياه الناس فجميع دول العالم تفتح ابوابها للاطباء والكوادر العلميه النادره 
وهناك حاجه الى حوار مفتوح وعلمي بين نقابه الاطباء ووزاره الصحه والمواطنين والاعلام النزيه مع الحاجه للاستعانه بخبرات الدوله المتقدمه للارتقاء بمستوى الخدمات الصحيه في العراق 
مع فائق اعتذاري للاخوه الاطباء الذين قد تكون بعض مفرداتي قد تسببت بازعاج لهم لكن قصدي هو المواطن العراقي والانسان الذي سحقته الحروب والاهمال والفساد والجشع الذي لاينكرونه وهو امسى ظلا لعملهم الانساني دون ان ينسوا قسم ابيقور لانه عهد امام الله عند تخرجهم 
( ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا )

والله من وراء القصد