مشكلة العراق انه يعاني من غياب النخبة السياسية المتمرسة والفاعلة والمحبة والمخلصة التي يمكن الاعتماد عليها في هذه الظروف التي يمر بها بلد يعيش حالة من الخراب والضياع وعدم القدرة على الاستمرار والنهوض ليمكنه البقاء مستقراً وآمناً وقوياً وان لايتجرأ احد على الاستهتار والخروج عن القانون وكذلك الدول الاقليمية المحيطة بالعراق لاتتجرأ ايضاً التدخل في الشان العراقي وتصبح وكأنها وصية على الشعب العراقي .
وهذا الغياب جعل العراق في حالة يرثى لها بوجود حكومة ضعيفة ليست لها القدرة على ان تدير البلاد بالشكل الصحيح ، وضعفها يكمن في انها غير مترابطة ومتماسكة وجميع الاطراف تحاول قدر المستطاع ان تكون هي المستفيد الوحيد دون غيرها وتحاول ان تعرقل مسيرة التنمية والاصلاح والبدء من البنى التحتية للنهوض بهذا البلد الذي دمرته رعونة النظام البعثي الفاشي السابق ، لا بل ان هنالك من ازلام النظام الصدامي السابق ممن يعبثون في اروقة الوزارات والدوائر الرسمية وفي الاحزاب العراقية ، يدمرون ماتبقى بحجة الديمقراطية وغياب من يردعهم ويضع الحد لهم .
هذا الوهن وهذا الضعف من قبل الحكومة جعل العراق لقمة صائغة لمن هب ودب من الخونة العراقيين ممن يشعرون انهم مهمشين وغابت عنهم الامتيازات والسلطة ملتجأين لهذه الدولة الاقليمية أو تلك بحجة الظلم والاستبداد المزعوم وانهم غير قادرين الدفاع عن انفسهم ، وما يحدث في العراق منذ سقوط النطام العفلقي الفاشي والى الان هو خير دليل على التدخلات الاقليمية من خلال الاعلام الممنهج المقروء والمسموع وعبر القنوات الفضائية وحتى الدعم المادي الهائل الذي تصرفه هذه الدول وحتى خطباء المساجد والمؤسسات الدينية المدعومة من دولهم والتي تبث السموم وترفع راية المذاهب والقومية وتصرخ ليل نهار بالقتل والذبح والدمار بأسم الدين والقومية .
اننا نشاهد ونقرء كل يوم التصريحات التي تخرج من هذه الدولة او تلك او هذا الصحفي اوذاك والتحليلات من المحللين الخليجيين بالذات التي تحاول ان تزيف الحقائق يمكن ان تكون لهم المساحة الكافية والمسموحة بابداء الرأي حول الامور السياسية ، بالرغم من انها تخرج احياناً عن اللياقة والادب ، ولكن لايمكن لمبعوث دولة كسفير ان يدلي بالتصريحات وينشر الكراهية والنفاق والحقد ويتدخل بألشان الداخلي بحجة ابداء الرأي كما فعل السفير السعودي في العراقي .
هذا السفير المخابراتي ثامر بن سبهان العلي الحمود السبهان الذي شغل منصب قائد السرية الثانية تدخل سريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية ، وكذلك شارك في حرب الخليج الثانية في الفترة ما بين عام 1990 و عام 1991 كضابط الأمن والحماية المرافق لقائد القيادة المركزية الأمريكية للفريق الأول نورمان شوراتزكوف ، وضابطاً لأمن وحماية عدة مواقع للقوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية في منطقة الرياض منذ عام 1995 ، ومنصب ضابط أمن وحماية للعديد من وزراء الدفاع مثل وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني والبريطاني توم كينج وأيضاً لرئيس اركان القوات المشتركة في الولايات المتحدة الفريق الأول كولن بأول ، ولجوزف هور القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية والفريق أول بينفورد بي بالإضافة إلى الفريق الأول هورنر قائد القوات الجوية الأمريكية ، ماشاء الله على هذه الرتب والمهام التي تولاها هذا السفير الذي مدحه ويمدحه المحللون بان هذه خطة ايجابية ان يتم تعيين سفيراً سعودياً يحمل رتبة عسكرية في العراق معللين ذاك ان هذا التعيين مناسباً نظراً لما يشهده العراق من توترات على الساحة السياسية والامنية ، مفتخرين بانجازاته ودوره في السيطرة على نفوذ ايران في لبنان وانه سيكون له الاثر الكبير في متابعة التمدد الايراني في العراق واعادة وحدة الصف العراقي .
ان هذا الاختيار لهذا السفير المدلل لم يأتي من فراغ بل انه مدروساً بشكل لايقبل الشك ان للسفير مهام اخرى غير كونه سفيراً لدولة جارة تريد الخير للعراق ولتوطيد العلاقات بين دولتين جارتين تسعى لاحترام سيادة بعضهما البعض ، وفي دولة يعلم الجميع انها تمر بمرحلة صعبة وتحتاج الى ان تمد الدول العربية وغيرها يد العون لها وتحاول اخراجها من هذه الحالة العصيبة .
وهذه المهام التي انيطت اليه هي حسب زعمهم هو التمدد الايراني في العراق ولكن كيف ستكون وستنفذ هذه المهام التي سيقوم بها هذا السفير ؟؟ ، وهذا واضحاً ولايقبل الشك من خلال التدخل في الشان العراقي ودعم الاطراف السنية في العراق ومحاولة نشر التفرقة بين جميع الاطراف ، وقد قالها السفير السعودي علانية بأنه لمس غضباً من سنة العراق على بلاده بسبب تخلي المملكة عنهم ، وقال ايضاً ، انني لمست غضباً من قبل جميع من قابلتهم من السياسيين والاخوة السنة في العراق على المملكة العربية السعودية ، وانهم قالوا لي انتم غبتم عنا وجعلتمونا نواجه مصيرنا لوحدنا ، وكذلك قال ، رفض الكرد ومحافظة الانبار دخول قوات الحشد الشعبي الى مناطقهم يبين عدم مقبوليته من قبل المجتمع العراقي ، كل هذه التصريحات ولقاءه بالسياسيين العراقيين لايعتبر تدخلاً وكيف توصل السفير السعودي الى عدم مقبولية الحشد الشعبي من قبل المجتمع العراقي ، وقد بدأ فور وصوله بتفيذ هذه المهام لايقاف التمدد الايراني ، فهل هذه من مهام السفير ؟؟؟ .
ان هؤلاء السياسين العراقيين السنة الذين التقوا بالسفير السعودي هم خونة العراق ويجب ان تتم محاسبتهم بالخيانة العظمى لانهم لاينتمون للعراق لا من قريب ولا من بعيد والدليل ما صرح به السفير السعودي وغضبهم على المملكة السعودية وكيف انهم يواجهون مصيرهم لوحدهم ، وكأنهم رعايا سعوديين مظلومين في العراق ، وكأن شيعة العراق قاموا بذبحهم وقتلهم وتشريدهم ، والمفخخات كانت تنفجر في تكريت والرمادي وغيرها من المدن السنية ، اليس من المفروض ان يكون انتمائهم للعراق لا للسعودية ،
ان كانت لدى المملكة العربية السعودية عداء لايران وتعتبر ايران عدواً لها فلماذا تريد ان يكون العراقيين ضحية لهذا العداء ويصبح العراق ساحة للصراع ويذهب ضحيتها الابرياء من العراقيين من خلال هذا السفير المخابراتي ؟ ، ولماذا يلتقي السفير السعودي بالسياسيين العراقيين السنة فقط دون غيرهم ؟ ، الا يكفي السعوديين الحرب التي اشعلوها على ايران بواسطة الغبي الارعن ابن ابيه صدام التكريتي وراح ضحيتها خيرة شباب العراق وخسر الشعب العراقي الكثير ويعاني منه الى الان ؟؟ ان كانت السعودية تريد تصفية حساباتها مع ايران الاولى بها ان تديره بشكل اخر بعيداً عن ارض العراق وان ينسوا البوابة الشرقية ، وتكون لهم الشجاعة الكافية لمواجهة التمدد الايراني .
وعلى الحكومة العراقية ان تتحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على وحدة العراق واراضيه وشعبه وعدم السماح لهذه الدولة او تلك ان تشعل نار الفتنة المذهبية والطائفية ومحاسبة من يتصور ان هذه الدول الاقليمة ستكون عوناً لها ضد فئة معينة ، وقطع يد الخونة من العراقيين القتلة والمجرمين الذين دخلوا العملية السياسية على غفلة من الزمن ( دواعش السياسة ) وغيرهم من الملثمين الدواعش من العراقيين ، وان يكون العراق للعراقيين جميعاً دون استثناء ، ان لم تفعل الحكومة العراقية ما يجب عليها ان تفعله فهي لاتستحق ان تكون في السلطة وعليها ان تخجل من نفسها ، لأن التاريخ يكتب وستلعنهم الاجيال القادمة .
مقالات اخرى للكاتب