ما يزال الكثيرون من بقايا الآيديولوجيات المستهلكة إن لم نقل الميتة ، يحاولون الحراك و السباحة و حتى التصيد في المياه العكرة ، هؤلاء إنتهوا بل و ماتوا سريريا" ، لكنهم و من خلال تقلبهم على سرير الموت هذا ، نراهم بين الحين و الآخر يثيرون ضجة من الشتائم بحق هذا و ذاك أو بحق فلان و علان ، مع أن هذا الفلان أو العلان ، بعيد عنهم في المكانة و التأثير ، بمسافة تبعد آلاف الآميال أو حتى آلاف السنوات الضوئية 0
ربما مثل هؤلاء السياسيين المنطفئين ماضيا" و حاضرا" ، يعود سلوكهم هذا الى جوانب شخصية و اخلاقية و اجتماعية متدنية ، جعلت ( فوبيا ) أو عقدة الحقد و الكراهية حيال هذا الشخص أوذاك ، مزمنة في نفوسهم الى يوم يُبعثون ، حتى ان الشاعر الشريف الرضي ، وصف مثل هذه النماذج في احدى قصائده ، ( أداوي داءهم فيزيد خبثا" / و ليس لداء ذي البغضاء شاف ) 0
و أذكر من هذه النماذج الهزيلة ، واحدا" من السياسيين المقيمين في لندن ، و العاصمة البريطانية هذه كانت محطته الأخيرة ، بعدما أقام في بيروت دهرا" عتيا" في خدمة الدكاكين الفلسطينية ، و بما أن هذه الدكاكين أغلقت أبوابها منذ عقود عدة ، فقد لجأ هذا السياسي الى لندن محبطا" ، و من إحباطه هذا ، راح يتحول الى أفعى عمياء في لدغ الشتائم يسارا" و يمينا" ، و لم تفلت من شتائمه حتى زوجته الطبيبة ، و بالمناسبة فإن شتائمه الى زوجته رافقتها شكوك و إزعاجات ، و صلت الى حد إستدعاء الشرطة أكثر من مرة الى عيادة زوجته الطبيبة ، بدعوى أنها تخونه مع فراش عيادتها ! 0
المهم أن زوجة صاحبنا هذا ( الطبيبة ) لم تعد تطيق تصرفات و شكوك زوجها ( السياسي ) ، فقد قررت التخلص منه من خلال الطلاق منه ، بل و نكاية به تزوجت من الفراش مثلما يقول المثل ( عله إعنادك عله إعنادك .. لحبهم و أحرك إفادك ) ، بينما بقي هذا السياسي يجر الخيبة و الخذلان حتى في حياته الإجتماعية 0
إذا" ، هذا السياسي الفاشل و المحبط و المنبوذ ، لم يعد أمامه بين الحين و الآخر ، سوى إطلاق الشتائم بمناسبة أو بغيرها ، و هي شتائم تعبر عن نفسيته المتهالكة على الحسد و الغيرة ، و المنطلقة أصلا" من الحقد المزمن ، و مثل هذا المرض المزمن ، يظل يرافق المريض و هو على سرير الموت ، و إن كان هذا المريض متوفى سريريا" مثلما أسلفنا ، بيد إنه بين فترة و أخرى يتحرك في سريره ، و هذا الحراك هو إطلاق الشتائم التي لا يسلم منها البعيد و القريب ، كدلالة على أن هذا المنبوذ يعتاش على حراكه السريري هذا ، و هو حراك الشتائم الذي هو عبارة عن رمقه الأخير في سرير الشتائم هذا .. مثل هذا النموذج ، يموت و لسانه يسيل بلعاب الشتائم ، و بالتالي فلا رحمة لكل شتام منبوذ !
مقالات اخرى للكاتب