Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
نبض السنين الحلقـة الثـامنة .
الجمعة, آذار 27, 2015
د. خير الله سعيد

 

نبض السـنين :  بين مـاضٍ تـولّـى وحـاضــر يخـلخــل القـناعــــات .

دراسة سياسية في كتاب آرا خاجادور( نبض السنين ) في 9 حلقات.  

                                                                 

8 / 9

ل – سياسـة الحـزب الشيوعي العراقي وتحالفاته مع البعـث عام 1973م

 

سياسة التحالفات بين الأحزاب اليسارية والماركسية بشكل خاص، يخضعها الوعي اللّـينيني الى ( منظارها الطبقي) أولاً ، ومن ثم مصلحة عموم الشعب ثانياً، وقـد أكّـدت تنظيرات ( جورجي ديمتروف ) زعيم الحزب الشيوعي البلغاري في عشية الحرب العالمية الثانية- على هذا المبدأ، لا سيما تحالفات الأحزاب الشيوعية مع أحزاب البرجوازية الصغيرة، وضمن هذه الرؤية – كما أُعلمنا وقتها – بأن الحزب الشيوعي العراقي يتّجـه للتحالف مع حزب البعث في بداية عام 1973م، بعد أن أستلم هذا الأخير السلطة السياسية في العراق عام 1968م، بانقلاب عسكري ضد سلطة عبد الرحمن عارف، وجـاؤوا للسلطة ( بقطار أمريكي) وفق تصريحات الأمين القطري لحزب البعث في العراق السيد علي صالح السعدي – راجع بهذا الصدد كتاب حسن العلوي ( العراق دولة المنظمة السريّة) ص26 – منشورات الشركة السعودية للأبحاث والنشر – الرياض 1991

هذه الحقيقة كان الحزب الشيوعي العراقي يعرفها جيداً، ويعرف أن البعثيين هُـم الذين أسقطوا حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية عام 1963م، بانقلاب عسكري عُرفَ باسم ( انقلاب شباط الأسود ) والذي أُبيـح فيه  (اعدام وتصفية كل شيوعي في العراق – وفق بيان رقم 13 للحاكم العسكري رشيد مصلح ) وقد راح ضحية هذا الانقلاب السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي ( سلام عادل ) وآلاف الشيوعيين من خيرة ابناء الشعب العراقي. 

* خـدعت سياسة البعث الحزب الشيوعي العراقي، بتقاربها مع الاتحاد السوفيتي، وتوقيعها معه ( معاهـدة الصداقة السوفيتية – العراقية) مما دفع الحزب الشيوعي السوفيتي لأن يضغط على الحزب الشيوعي العراقي بقبول التقارب مع حزب البعث الحاكم، وجرت المحادثات السياسية والحوارات، وقدّم البعث بعض الإصلاحات الوطنية، ضمن منظاره الخاص، واطلق بعض السجناء السياسيّين، وقـوّى علاقته بكوبا – بشكلٍ خاص – وبالمعسكر الاشتراكي بشكل عام، لكنه رفض بشكلٍ مطلق لأن ( يقـدّم اعـتذاراً رسميّاً ) عن جرائمه بحق الشعب العراقي، وللحزب الشيوعي بشكل خاص، لما قام به من مجازر شنيعة ضد الشيوعيين والوطنيين الأحرار عام 1963م ، والتي ظهرت وقائع هذه المجازر بكتاب خاص تحت مسمّى (الكتب الأسود) أصدرته حكومة عبد السلام عارف، بعد فترة قصيرة عندما أقصت البعثيين من مكان الصدارة في المشهد السياسي في العراق . 

إن التـاريخ الأسود لحكم البعث في العراق منذ 1963 ، كانت نقطة ارتـداديّة الى الوراء، جعلت من العراق ميدانَ اختباراتٍ لقوى المخابرات الدولية، وجعلت من البعث الحـاكم الأداة الطيّعة في التنفيذ، فقد كان انقلاب شباط الأسود عام 1963 في العراق، هـو ردّة الفعل للشركات النفط الأمريكية وغيرها على ( قانون رقم 80 ) الخاص بتأميم الأراضي والشركات النفطية العاملة في العراق، مِمّـا أثار سخط حكومات الولايات المتحدة وشريكاتها الأوربية، وكان البعث هـو أداة التنفيذ لهذا الانقلاب

يكشف الشيوعي الراحل، وسكرتير منظمة الحزب الشيوعي العراقي المنشق – القيادة المركزية- السيد ابراهيم عـلاوي في كتابه ( المقايضة – بغــداد برلين ) الصادر في عام 1976م ( بأن هناك اتفاقاً جرى بين حكومتي موسكو و واشنطن ، لإسقاط بغداد وحكومة قاسم، حفاظاً على حكومة جمهورية ألمانيا الديمقراطية ) وهناك تفصيلات مثيرة ووثائق يكشفها في هذا الكتاب ، اعتماداً على أرشيف وزارة الخارجية البريطانية . 

وقـد عضّـد الكاتب البعـثي حسن العلوي بكتابه ( العراق- دولة المنظمة السريّة) الآنف الذكر مثل هذه المعلومات، حيث اشار الى ( الاجتماع الذي دعا الى عقده ميشيل عفلق في ألمانيا الغربية صيف عام 1962م ، وفيه اتخذ قرار الثورة المضادة على حكومة 14 / تموز / 1958م) ويضيف ( أن ذلك كلّهُ يعطي لقرار القيادة القومية في سوريا والصادر عام 1966م بطرد ميشيل عفلق وجناحه من الحزب مضموناً وطنيّـاً وقوميّاً صائباً ) راجع ص 26 – 27 من كتابه أعلاه . 

* إن مسيرة البعث في العـراق، لا تدعو مجالاً للشك بأنها ( تجربة انتفاعية مؤقّـتةٌ مع أي حزب سياسي، عربياً كان أو عراقياً) بحكم عقلية البعث الفاشية التي رُكّـب عليها فكراً وتنظيماً وممارسة، بمعنى آخر، ان رسوخ عقلية التآمر في منظومة البعث ، هي الثابت الأرأس في كل ثقافته وسلوكه . بهذا الصدد يسلّط الكاتب البعثي حسن العلوي الضوء على التحالف مع الحزب الشيوعي العراقي بالشكل التالي: ( من تقاليد التحالف الجبهوي في العراق، أن جبهة وطنية لن تكون مجدية ما لم يكن الشيوعيون طرفاً فيها، وكانت الأحزاب القومية، ومنها البعث العراقي تسعى لاكتساب الصفة اليسارية وأوصافاً اخرى كالتقدمية والثورية، بالاقتراب من الحزب الشيوعي العراقي) ص88 من المرجع السابق . 

ويضيف السيد حسن العلوي عبارة أخرى يحاول فيها اضفاء ( الصفة الماركسية المخادعة- على بعض أجنحة ميشيل عفلق، ومنهم عبد الخالق السامرّائي، الذي ظلّ يبحث عن مرتكزات ماركسية لحزبه حتى يوم اعتقاله في حزيران عام 1973م ، واعـدامه في آب 1979م ) المرجع السابق ص88 . 

بمعنى آخر، أن الكاتب حسن العلوي أراد الإشارة الى أن ( صفة اليسارية) هي فقط عند تيار ميشيل عفلق والتيار المنضوي تحت قيادة عبد الخالق السامرائي. وبمعنى ثانٍ هـو يرمز، بشكل مبطّن الى أن أجنحة البعث الأخرى، والذين يسميهم( سلطة القرية ) إشارة منه الى زمرة البكر وصدام حسين القادمين من قرى تكريت.  لذلك أن هؤلاء ( القرويين) ما أن تسلّموا قيادة الدولة والحزب حتى تخلّصوا من اقرب رفاقهم وعلى راسهم زعيم حزب البعث عبد الخالق السامرائي

وبالعودة الى محور التحالف مع الشيوعيين العراقيين، فإن عقلية صدام حسين التـآمرية، هي التي أخذت فكرة( التياسر البعثي) ضمن منظورات عقلية التـآمر الاستراتيجية مع الخصوم، فصدام حسين بعـد أن اعدم عبد الخالق السامرائي بـ 45 يوماً، توجّـه الى الشيوعيين واقام معهم ( جبهة وطنية ) فَـعـدّهُ الشيوعيون الأغبياء ( كاسترو العرب) . راجع حسن العلوي – المرجع السابق ص88 . 

ويشير أيضاً حسن العلوي الى أن ( وُقّعت اتفاقية التحالف الوطني، ونقل التليفزيون العراقي وقائع الاحتفال الذي تحدّث فيه عـزيز محمد- زعيم الحزب الشيوعي العراقي- أملاً أن يتطور التحالف الى مستوى اعلى، بينما ركّـز احمد حسن البكر على انه تحالف استراتيجي وليس تكتيكيّـاً ) ص88 ، ثم يضيف عبارة حقيقية صادمة يقول فيها : ( في اليوم التالي، كانت تعليمات قد وُزّعت على الجهاز الحزبي، تطلب فيه القيادة القطرية – لحزب البعث – تقـديم مقترحات وأفكار لتفتيت الحزب الشيوعي العراقي! وكان أخطر تلك المقترحات التي أخذت طريقها الى التنفيذ، أن يجري تلغيم الحزب الحليف بزرع أفراد مُندسّـين من أجهزة الحزب الحاكم والأمانة العامة في صفوفه، ولو اقتضى ذلك تركهم أعمالهم والتحاقهم بأعمال أخرى في محافظات ثانية) ص 88 .

وقـد انتهت الجبهة مع البعث بعـد (إعـدام 31 شهيداً عسكرياً) في ايار 1978م، وهاجر الحزب الشيوعي العراقي الى الخـارج!!! . 

* في حديثه عن العلاقة مع البعث، يشير السيد عـزيز محمد – السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي، بأن( اللجنة المركزية كانت منقسمة حول مسألة الجبهة مع البعث) كما أنه يلوّح بحديثه عن انسياق الحزب الشيوعي العراقي ووقوفه مع سلطة البعث ومحاربته القوى الكردية التي تمرّدت على الدولة بعد اتّفاقية 11/آذار/ 1973 بسنتين- أي في عام 1975 ، وانهارت إثر اتّفاقية الجزائر عام 1975م، حيث بسببها تنازل العراق عن حقوقه الإقليمية في شط العرب لصالح ايران. كما يُعرّج عزيز محمد بحديثه اعلاه الى خطورة وأخطاء ( دمج المنظمات النقابية والمهنية مع البعث وتجميدها، واعدام العسكريين عام 1979، ثم يشير بخطٍّ جازمٍ ( أن خطيئتنا الكبرى ليس في تنازلنا للبعث وإيماننا بتجربته، ولكن كُنّـا متحالفين مع نظامٍ فاشي).          أنظر بقية الحوار في الموقع التالي. (http://www.tellskuf.com/index.html/7war/199-htq/41647-2014-09-18-19-29-  17.html  ) ( موقع تلسقف ) . 

كل هذه الأمور السياسية وتداعيات مأساتها الوطنية والسياسية على العراق برمّـتهِ، وعلى الحزب الشيوعي العراقي بخصوصيّته، كان المفترض أن تكون حاضرة في ذهـن الرفيق آرا خاجادور، وهو يناقش مسألة العلاقة مع البعث، على صفحات كتابه ( نبض السنين ) فكيف كانت رؤاه حول هذه الإشكالية الخطيرة ؟ !. 

يشير الكاتب آرا خاجادور الى أن ( اللجنة المركزية درست في اجتماعها المنعقد في ايار 1988م، موضوع الحوار مع حكومة البعث، وقد كان الوسيط في هذه المسألة هو السيد مكرّم الطلباني، عضو اللجنة المركزية السابق في الحزب، والذي لم يغادر العراق، وكان وقتها وزيراً للري في حكومة البعث ، ايام الجبهة الوطنية، وكانت هناك " موافقة مبدئية ) على موضوع الحوار، مع الأخذ بعين الاعتبار ( الحذر من مناورات السلطة وأساليبها الملتوية) ص28 .

وكان القرار يقضي بتكليف ( آرا خاجادور عضو المكتب السياسي بلقاء مكرّم الطلباني، موفد سلطة البعث على ان يكون اللقاء خارجاً ( في بلد اشتراكي)  وأن يجمع معه من يمثّل الأحزاب القومية الكردية، وتمّ ذلك اللّقاء في عام 1989م، بعد وقف (الحرب العراقية الإيرانية) وقتها طلب السكرتير العام للحزب عزيز محمد  ( طرح تلك اللّقاءات قضايا ذات أهمية قصوى مثل – موضوعات علنية الحوار، والديمقراطية، والتعددية الحزبية، واطلاق سراح السجناء السياسيّين، والمعتقلين السياسيين، وتطبيق الحكم الذاتي الحقيقي في كردستان، وحريّة تكوين المنظمات الجماهيرية الديمقراطية، والتوقّف عن التآمر ضد اية دولة عربية، وضمان حق المعارضة للنظام لجميع القوى المشاركة في السلطة وغير ذلك ) ص29 . 

كل ذلك يجري والقاعدة الحزبية بعيدة عن مثل هذه اللّقاءات وتلك الحوارات مع ممثل النظام، مما اجبر المكتب السياسي لأن يصدر" نشرة داخلية " تتناول ما توصّل اليه اجتماع اللجنة المركزية ولجنة اقليم كردستان واجتماع الكوادر مع الوسيط مكرّم الطلباني، بغية اطلاع القاعدة الحزبية على مجريات الحوار ومعرفة آرائهم وإسهاماتهم في هذا الموضوع، وكلّف الرفيق عبد الرزاق الصافي، عضو المكتب السياسي، حمل تلك (النشرة) وإيصالها الى دمشق لطبعها وتوزيعها على الرفاق، ويبدو ان هناك" بعض الأطراف في الحزب" رافضة لهذا الحوار، فما أن وصل السيد عبد الرزاق الصافي الى الشام " حتى افتعلت ضجّة وحملة تشهيرية أبعد ما تكون عن النظرة الموضوعية والحرص على مصير الحزب، ولأهداف ذاتية واضحة" كما يقول الكاتب آرا خاجادور ص 30 . 

إن منظمة الحزب في دمشق، بدأت بحملة تشويهات الى هذا المسعى، (واتّهمت المكتب السياسي بإجراء مفاوضات مع السلطة، من خلف ظهر اللجنة المركزية، ممّا ضغط على عبد الرزاق الصافي، وسحب تلك النشرة، وأرغم الكثير من أعضاء اللجنة المركزية على ذلك، بعد أن وافق السكرتير العام وكريم احمد والموجودين في الشام من اعضاء اللجنة المركزية، وبدون إقرار كل أعضاء المكتب السياسي) ص30 .

وهكذا تظهر التكتلات بين أعضاء اللجنة المركزية بصورة غير مرئية من قبل اعضاء الحزب وقاعدته الجماهيرية، وبنفس الوقت يظهر مثل هذا السلوك غياب الوحدة الفكرية والتنظيمية في قيادة الحزب.  

وعلى ضوء ذلك، يشخّص الكاتب أن ( سياستنا في مجال التحالفات، يكمن الخطأ الأساسي فيها في المنطق ، حيث يجري تغليب الأحداث والمصالح العابرة اليومية ذات الطبيعة النفعية، وان جذور هذه الأخطاء تعود الى نوعية التكوين الفكري والسياسي والثقافي للمتنفذين في الحزب، حيث يجري تغليب الأحداث الآنية على الأهداف الاستراتيجية الرئيسية المفترض توخّيها في كل تحالف، وهذا أدّى بدوره الى فقدان المواقف الوطنية المستقلة) ص 49 . 

إن هذا التوصيف من قبل الكاتب آرا خاجادور، بوصفه عضواً في المكتب السياسي، يظهر للعيان ان مسألة أسس التحالف السياسية مع أي طرف لم تكن متّزنة بمضمونها الفكري والسياسي، ومن ثم نقرأ التداعيات المتلاحقة مع الأحزاب القومية الكردية ، ومع حزب البعث، حيث ان اغلب هذه التحالفات جعلت الحزب الشيوعي العراقي ذيـلاً لكل هذه الأحزاب التي اقام معها تحالفات سياسية، وهذا الأمر يظهر التفرّد السياسي لقيادة الحزب باتخاذ مثل هذه المواقف، بعيداً عن جماهير الحزب وقواعده، باعتبارهم المجس الأساسي لهذا الشكل من التحالفات، لا سيما التجربة مع حزب البعث الحاكم وقـتذاك، وعلى هذه الرؤية يؤكّـد الكاتب ( أن سياسة التحالفات يجب ان ترسم وتصاغ البرامج والخطط والفعال من أجل مصلحتهِ ) ص 50 . 

ثمّة إشكالٍ آخر يظهر في سياسة التحالفات السياسية التي يعقدها الحزب الشيوعي مع بقية القوى، تخضع الى ( تـأثير السوفييت) على القرار الوطني السياسي، في مثل هذه الأمور الخطرة، ويبدو ان هذه المسألة كان يُنظر اليها من زاوية ( العلاقات الأمميّـة) والتي أضرّت كثيراً بمصلحة الحزب الشيوعي العراقي وبالوطن العراقي كلّه، فقد كان ( السوفييت) هُـم وراء الجبهة الوطنية مع البعث عام 1973م، وهُم كانوا وراء ( إرسال خطاب من الحكومة العراقية عام 1982م لإجراء التفاوض مع الحزب، وهُـم من اشاروا على الحكومة العراقية بإيفاد مكرّم الطلباني للالتقاء بالحزب، وحين تنضج بعض الأمور تنقلب رؤى قيادة الحزب، كما جرى في محاورات مكرم الطلباني في براغ، وحدثت اشكالات في قيادة الحزب. أنظر تعليقات الكاتب على ص 204 – 206

إن السياسة التي ترسمها قيادة الحزب الشيوعي العراقي، بعيداً عن القاعدة الحزبية والجماهيرية هي التي قادت الى هذه الانتكاسات التاريخية المتلاحقة، الأمر الذي جعل من الكاتب آرا خاجادور أن يفردَ نقطة تحت مُسمّى ( الاتفاقات السريّة مع حزب البعث) ص 238 . يردُّ فيها على ما ذكره شوكـت خزندار في كتـابه  (سفر ومحطّات) لا سيما فيما يخص فصل بهذا الكتاب بعنوان ( خفايا العلاقة مع البكر وصدام) فينقل نصّهُ على النحو التالي: ( تردّد عشية انعقاد الجبهة الوطنية عام 1973 بأن هناك اتّفاقات سريّة بين قيادة الحزب الشيوعي وقيادة حزب البعث والسلطة، تتعـدّى حل التنظيم العسكري، والتعهّـد بعدم العمل والنشاط في الجيش والشرطة وأجهزة الأمن، والاتفاقات التي لم يعلن عنها في حينها يتعلّق بضمان حياة أعضاء اللّجنة المركزية ، وتقـديم تسهيلات خاصة لهم) . هذا ما ورد في ( سفر ومحطات) لخزندار، ويعلّق الكاتب آرا خاجادور على ذلك النص بالقول: (وعلى الرغم من نفي القيادة الشيوعية مثلَ هذه الاتفاقات، إلاّ أن عـامر عبدالله، أفصح في حديثٍ للباحث أن "هذه الاتفاقات تقضي بعدم تعرّض أعضاء اللّجنة المركزية للتفتيش أو الاعتقال، خصوصاً الذين كانوا يديرون حوارات ولقـاءات مع القيادة البعـثية")    ص 238 . 

ويشكّك آرا خاجادور بما نقله خزندار في ( محطّاته ..) ولكن نحن الذين كُنّـا في القيادات الوسطى وقواعد الحزب، كانت ممارسة البعث معنا مُمارسة فاشية، حيث بدأت حملات التسقيط السياسي لقواعدنا من المنظمات الدُنيا ومن الأطراف، فيما كانت تعامل أعضاء اللّجنة المركزية بشكلٍ مختلف تماماً حتى نهاية عام 1978م – انظر تعليقات الكاتب آرا خاجادور على هذه النقطة في ص238 – 239

* ظلّت مسألة ( المصالحة الوطنية) قلقاً يشغل بال الكاتب آرا خاجادور ، بحكم مركزه القيادي من جهة، ومن جهةٍ اخرى، هـو يرى – كما نقرأ بين سطور كتاباته- أن هـناك بعض القيادات في الحزب لا تريد الاستقرار السياسي للحزب وجماهيره والتقاط الأنفاس، لا سيما ذوي النزعة القومية الكردية ، وبقايا خط آب التصفوي داخل صفوفه، ففي نقطة خاصة حملت عـنوان ( البيان المحبوس، أحد نماذج المصالحة الوطنية) ص245 يشير الكاتب الى ان ( ما يُعرف بالمصالحة الوطنية التي تعرّضت لعمليات تزييف ومراوغات وكذب، وقد بلغت تلك العمليات حـد الهوس أو ما بعده، عند بعض القوى، وفي وقتٍ ما بلغت حـد التجريم لمن يطرح مثل هذا الحل الوطني، وهو حلّ مطلوب على الدوام ) ص245 . 

ثم يضيف تعليقاً آخراً بقوله ( وهـاهُم اليوم جميعاً يلهثون حد الاختناق في دعواهم للمصالحة، بعد أن أصبح الشعار تكتيكيّاً، وعلى مستوى الكلام حاجة أمريكية، للخروج من المأزق العراقي عبرَ التضليل بشعار المصالحة الوطنية) نفس الصفحة . 

* إن هاجس الحـوار السياسي مع البعث، أو غيره من القوى السياسية في العراق، كان الكاتب آرا خاجادور يعتبرها "نضال سياسي" يخدم الحزب في مرحلة معينة، وهو مقتنع بهِ كأسلوب نضالي، لكن بعض اعضاء اللّجنة المركزية غير مقتنعين بهِ، حتى وصل الأمر بهم لأن ( يحوّلوا الحزب الى ذيل لهذا الحزب او ذاك، لينتهوا به الى خليّة بسيطة عند هذه الطرف أو ذاك، وباتوا نزلاء دائمين في المنطقة الخضراء) على حـدّ تعبيره في ص249 . 

وهو بهذا يعتبر ان هناك أعضاءً في المكتب السياسي و اللّجنة المركزية لا يُريدون للحزب ان يعود الى سابق عهده النضالي، فهو يقول: ( إن ثورية فخري كريم تنطلق من دوافع مفخّـخة استخدمت الجملة الثورية لتمرير قرار دول الجوار أو الإدارة الأمريكية أو أيِّ جهة اخرى لا تريد مصلحة الشعب العراقي، لأن القرار كان منع أيّةِ إمكانية تعيد حزباً بحجم الحزب الشيوعي العراقي سابقاً الى الحياة السياسية، ومن المعروف أن ذلك قـد يُربك المخططات المُعـدّة ضد شعب العراق ككل) ثم يضيف الى ذلك الأسباب وراء اجهاض بيان المصالحة قائلاً ( إن إجهاض البيان المرفّق من قبل مَن يقف خلف فخري كريم، يدخل ضمن الحسابات التي ظهرت اليوم جليّة مجلجلة، هُـم أنفسهم الذين ارادوا إلغاء العلم العراقي ... وهُم الذين أرادوا إعلان يوم الاحتلال الإجرامي عيداً وطنيّاً ... وهؤلاء اعتبروا الاحتلال إرادة إلهيّـة ) ص250 وما بعدها. وفي ص245، يورد الكاتب ( نص البيان) الذي جرى حجبه عن أعضاء الحزب وجماهيره للتضليل على كل تلك الحوارات. 

* في نقطة مفصلية هامة، حملت عنوان ( نقطة واحدة للمفاوضات - انسحبوا أيها الغُـزاة من بلادنا) ص267 ، يستهلها الكاتب بتشخيص دقيق ومرارة حسّ سياسي عميق لمخضرم شيوعي يدرك لحظته الراهنة، يقول في مستهل هذه النقطة ( إن العجز عن تطوير الثورة الوطنية الديمقراطية في العراق بعد ثورة 14 / تموز / 1958 سجّل بداية الأزمات المتلاحقة في تاريخ حزبنا الشيوعي العراقي، الذي تحوّل حالياً الى كُتلٍ شيوعية، بكل معنى الكلمة، وهنا نسأل: أين أكثرية الشيوعيين كمّاً وكيفاً، داخل أم خارج تلك الكتلة الشيوعية؟؟ ) ص267 . 

وبتقـديرنا، أن تـداعيات هذا السؤال، وتقدير تلك الحالة، كان يفترض أن تُطرح على كل مؤتمرات الحزب المتوالية، بـدءاً من المؤتمر الثالث وحتى المؤتمر الثامن. 

إن مسالة المهادنة على وجود " حزبين شيوعيين في بلدٍ واحدٍ" ووجود حزب شيوعي يقبل بالاحتلال الأمريكي لبلده، ومعارضة تساند هذا الاحتلال، " وموظفين في الحزب طلبوا العون من واشنطن سِرّاً وعلانية" لا يشرّف أي رفيق في الحزب أن يكون بصحبة هذه الزمرة الخائنة لمبادئ الحزب، فكيف بقيت ايّها الرفيق آرا خاجادور معهم طوال هذه المـدّة ؟؟! . 

إن محاولة الرفيق آرا خاجادور بـدمغِ قيادة الحزب الشيوعي العراقي بأنها ( دخلت قائمة أحزاب المندوب السامي الأمريكي – بريمر – كحزب طائفي، وهذا عارٌ ما بعده عار في قاموس الشيوعية) كما يقول في ص274 ، لا يبرر له البقاء طول هذه المدة الطويلة، ومن ثم كان عليه السعي الجاد بشكلٍ علني أن يفضح كل ممارسات "الخط اليميني في الحزب" ويعلن البراءة منه مبكراً، وان لا ينتظر البقاء في مثل هذا الخط الى أن ( يُقصيه من مركزه الحزبي) أولاً، وثانياً، إن عـدم مفاتحة القاعدة بكل هذه السلوكيات وفضحها علناً، نعتبرهُ تواطؤاً تاريخياً ، لأنه مورس في بعضٍ منه وأنت عضو في قيادة هذا الحزب ؟؟؟ . 

* في تجليات الرد على ( تجربة الأنصار والكفاح المسلّح) يستوقفنا الكاتب آرا خاجادور في عنوانٍ فرعي، حمل تسمية " قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلّح " ص369 . يشير فيها الى أن ( حملنا السلاح اضطراراً بعد ان وصلت تجربة الجبهة مع البعث الى طريقٍ مسدود، وكانت خاتمة تجربة الجبهة إعدام 31 عسكريّاً بتهمة الانتساب الى الحزب الشيوعي العراقي، مع عِلم الجميع أن الشيوعيين بين هؤلاء الأبطال قـد قُطعت صلة الحزب بهم، تنفيذاً لتعهـداتٍ مُذلّة وحرصاً على التحالف) ص369 . 

هذا الاضطرار- كان البعثُ فيه هو المسبّب والمفتعل، لأن ثقافة البعث الفاشية لا يمكن لها أن تؤمن بحوار ولا بجبهة شكلية، وكل العراقيين شهدوا ممارسات البعث ضد الشعب وضد كل القوى السياسية في البلد، فهل تريد يا رفيق آرا خاجادور من البعث الفاشي ان يكون جريئاً ويراجع تجربته القاسية في العراق؟ وهو مؤخّراً استظلَّ براية الدواعش وساهم في سقوط الموصل وبقية المحافظات الغربية؟ كما تريد من بقية الأحزاب مراجعة تجربتهم ؟؟ – ص370 . 

إن إقرارك بأن الحزب ( حمل السلاح ضد البعث من اجل الدفاع عن النفس- لا يبرّر القاء هذا السلاح امام الغزو الإمبريالي) ص372 ؟ ولكنّك لم تذكر في هذا ( الإقـرار) أن سياسة البعث في تمزيق وحدة الشعب العراقي وقواه الوطنية، هي المصدر الأرأس في ضعف الوحدة الوطنية، الأمر الذي سهّـل معه للاحتلال الأمريكي، والجانب الانتهازي في الحزب، هُـوَ مَن بارك هذا الغزو المقيت الى بلادنا، وشارك فيه القوميون الأكراد، بكل قوّةٍ ووضوح

* في فصلٍ هام من الكتاب، حمل عـنوان ( ملاحظات حول نشاط الأنصار) في ص374 ، يسلط الضوء فيه على " مناقشات المؤتمر الرابع للحزب، وما نتج عنه من تقرير سياسي يناقش تجربة الأنصار) لكـنّه في   "المقدمة" لهذا الموضوع يُحمّل قادة البعث تلك الردّة السوداء، التي شملت مختلف جوانب الحياة السياسية في العراق، الأمر الذي جعل من هذه السلطة عقبة أمام ايّ تقدم لاحق لمسيرة الثورة الوطنية الديمقراطية) ص374 . حتّى انه يحمل سلطة البعث كل تلك المآسي التي حلّت بالبعث نفسه حين يقول ( استندت سلطة البعث الى العنف الرجعي في فرض سياستها على شعبنا العراقي، وكذلك في التعامل مع القوى السياسية كافة، والموجودة في مجتمعنا، وحتى تجاه المعارضين من اوساط البعث نفسه، واصبح أي موقف يتميّز عن مواقف قيادة البعث، ومن أي طرف سياسي جاء يعرض ذلك الطرف الى حملات تصفية شرسة) ص374.

نعم هـذا هو البعث الفاشي، وتلك هي سياسته المنظورة على السطح السياسي العراقي والإعلامي، وأمّـــا "ما خُفي" فلا يمكن تصديقه وتصوّره ، ويكفي الإشارة الى كتاب السكرتير الإعلامي لصدام حسين، الكاتب البعثي حسن العلوي، المعروف بـ ( العراق دولة المنظمة السريّة) كي يعرف القارئ مدى دناءة وخسّـة الممارسات البعثية مع الشعب العراقي وقواه السياسية، بل ومع مخالفي الراي من البعثيين انفسهم. 

* وفي مسألة إعـدام صدام حسين، يرى الكاتب آرا خاجادور أن ( الإعـدام جاء فقط لتعميق الجرح الوطني النازف حالياً، ولم يقع الإعدام على أيٍّ من القضايا والأسباب التي تطرح حالياً) ثم يضيف ( أنه أعدم من اجل أن تذهب الأسرار التي من حق الشعب العراقي أن يعرفها جملةً وتفصيلا) ص410 ، ثم يناقش الأسباب الحقيقة لإعدام صدام حسين- ص410 – 411 ، مُوحياً بأن الأسباب الحقيقية لإعدامه هو كونه ( رفض كل الإملاءات الأمريكية، ونقله الأرصدة العربية والإسلامية من الولايات المتحدة الأمريكية الى روسيا وأوربا، واوجب تحويل التعاملات المالية من الدولار الى اليورو ،وانه ضرب اسرائيل بالصواريخ العراقية) ص410 .

وكل ما أورده الكاتب صحيح، ولكن كان الأجدى مناقشة التركيبة العقلية المنحرفة لصدام حسين الفاشية، التي أوصلت حزبه البعثي لأن ينساق وراءه كانسياق الغنم وراء الكبش الكبير الذي يقود القطيع، ولم يبرز منهم أيّ صوت معارض داخل البعث، هـذا أولاً، وثانياً، إن كان صدام حسين قد سبّب كل هذا القلق للغرب، كان حرّيٌّ بالكتاب العراقيين ان يسلّطوا الضوءَ على ممارساته الفاشية في الداخل العراقي، وكـيف أنّـهُ (حزّب المجتمع العراقي) الى رؤاه الشخصية المريضة، حتى أصبح شعار ( إذا تحدّث صدام تحدّث العراق) وبهذا الشعار، أسقط كل العقل العراقي ، السياسي والإبداعي والتاريخي والحضاري، ومن ثم يكون هذا الشعار تكميماً لكل صوت قـد يصدر من هُنا وهـناك داخل البلد . 

إن الثقافة الفاشية التي أشاعها صدام حسين وزمرته البعثية في ممارساتهم اليومية في الحياة العراقية، جعلت من كل العراقيين ( أن يرضوا ) حتى بجلب الاحتلال لبلدهم، بما فيهم الشيوعيين واليساريين وبقية القوى السياسية في العراق، وهـذه المسألة لم يجري الحديث عنها بشكلٍ واضح ودقيق في ( نبض السنين ) وكان الأولى بالكاتب آرا خاجادور مطالبة البعث بكل حزمٍ ووضوح لتقديم ( اعتذاراً رسميّاً للشعب العراقي) عن جرائمهِ التي ارتكبها بحق ابناء العراق كافة، منذ توليه السلطة في العراق عام 1963 وحتى يومنا هذا

إن دروس المقاومة الفرنسية والألمانية والبلغارية والروسية وغيرها من دول أمريكا اللاّتينية، وفي لاوس وفيتنام، لم تخفي سخطها على الحُكّام العُتاة وعلى العُملاء الذين أوصلوا بلدانهم لأن يكونوا لقمة سائغة الى مختلف الاحتلالات، ويكفي ان نذكر قول شاعر المقاومة الفرنسية بـول إيلـوار :  

 

         ( لا صباحٌ أجمـل من صباحٍ يسقـطُ في الخـونـة 

                                         ولا سـلامٌ على الأرض 

                                                                 إذا اغـتفرنـا للجـــــلاّدين )  

* في الختامِ نقول: إن تـاريخ الشعب العراقي، منذ ايام سومر، وحتى سنة الاحتلال الأمريكي للعـراق، لم يقف الشعب مع أيِّ قوة غازية لبلده، إلاّ في زمن البعث!!؟ وهذه المسالة تحتاج الى قراءة مُعمّقة لثقافة الإنسان العراقي في بُعـدها الأخلاقي والسيكولوجي، بحيث انها للمرة الأولى تسمح لاحتلال أجنبي ان يمُـرّ بسلام ودون مقاومة ساعة الاحتلال

إن جـرائم البعـث لا يمحوها التاريخ أبداً من ذاكرة العـراقيين .  

 

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــع ............ 

 

*     *     *

 


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47481
Total : 101