Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
نبض السـنين الحلـقة التاسـعة .
الاثنين, آذار 30, 2015
د. خير الله سعيد

 

 

نبض السـنين :  بين مـاضٍ تـولّـى وحـاضــر يخـلخــل القـناعــــات .

دراسة سياسية في كتاب آرا خاجادور( نبض السنين ) في 9 حلقات.  

                                                           

9 / 9

م – ملاحظات عـامـة على موضوعات أخـرى

1- مسـألة الاحتلال الأمريكي: هذه المسألة لعبت دوراً كبيراً، وشغلت مساحة أكبر في عقلية المناضل آرا خاجادور، وطرحت نفسها في الكتاب بشكلٍ واضح، ونظراً لكون هذه المسألة هي مسألة اختيار حقيقي لكل مناضل وكاتب حُـر، ناهيك عن كونها تحرّك سياسي عراقي رضخ ووافق على هذا الاحتلال، فهي اختباراً للأخلاق، وللموقف، وللوطنية ، ومن وضع يدهُ بيد الاحتلال ويدّعي الشيوعية، فهي الطامة الكبرى

الكثير من هذا القلق وجد صداه في متون كتاب ( نبض السنين ) فقد أفرد له المؤلف الباب الثاني كلّه، أي ان الحديث والتنظير حوله شملت الصفحات 265 – 356 من الكتاب، فقد كان " الفصل الأول في هذا الكتاب هو( نقطة واحدة للمفاوضات – انسحبوا أيها الغُزاة من بلادنا) ص267 . مُتابعاً مختلف القوى السياسية ومواقفها من الاحتلال ومساندته أو معارضته، فهو يرى ( أن أسوأ معارضة هي تلك التي تستقوي بالقوى الامبريالية والخارجية على أبناء شعبها) ص269 ، على اعتبار ان التواطؤ على المصالح الطبقية يقود الى الخيانة الوطنية حتماً، عاكساً ذلك على موقف الحزب الشيوعي العراقي من الاحتلال الأمريكي، واصماً ذلك بقوله: ( إن الموظفين في حزبنا ظلّوا يحملون لافتة الشيوعية، لأنها بالنسبة لهم تمثّل المكتب أو الدائرة يعملون فيها، ولكن تم تحويل المرجع، بعد غياب موسكو " النجمة الحمراء" الى واشنطن " متعـددة النجوم" ) ص270 . منتقداً زيارة ( حميد مجيد موسى – سكرتير الحزب الشيوعي العراقي) الى واشنطن عام 1998م، والتي نفاها في البداية، الى أن نشرها أحمد الݘلبي) ويضيف ( وقلنا أن هذه الزيارة لا تعكس اليأس فقط، وإنما تعكس الجهل وغياب أو ضعف الحِـس الوطني، واليقظة الثورية) ويضيف نقـداً لهذه الزيارة بالقول ( إننا نُدين هذه الزيارة وطريقة التفكير التي ادّت إليها ، وندين الزيارات الأخرى المُماثلة لها، وندين التعويل على أمريكا، وأكّـدنا على انها لا تنسجم مع طبيعة وتاريخ الشيوعيين العراقيين ) ص 270 . 

ومن الخاص الشيوعي الى العام الوطني، يدين كل القوى السياسية التي هادنت الاحتلال، حيث يعتبر الاحتلال القائم " جريمة غادرة ضد الشعب العراقي. وأن مقاومته حق وواجب على كل وطني" ص271. وهو يحمّل الاحتلال وكل من سانده، تبعات ما جرى ويجري للعراق من حروبٍ طائفية وإلغاء للتاريخ الوطني المشرّف وتصفية للعقل العراق . راجع ص 278 – 279 .

لقد جلب الاحتلال الدمار الكامل للشعب العراقي بكل مكوناته، وزرع سرطان الطائفية في العراق بشكل مخيف، كما أن نتائج الاحتلال تجاوز حدود العراق، باعتبار أن الحرب في العراق لا تقارن مع حرب فيتنام، ووفق توصيفات " توني بلير" ص282 ومحاولات العُملاء لعزل العراق من محيطه العربي. راجع الصفحات 283 – 290 .

* وفي نقطة لافتة خطرة تحت عنوان ( كشفت دعوة التقسيم المخطط المستور) ص315 ، رابطاً بين الاحتلال الحالي للعراق وبدايات عـدوان حزيران 1967م، حيث كانت حركات التحرر الوطني العربية تهمُس وتشير الى المخططات الصهيونية المدعومة من القوى الامبريالية لتمزيق الدول العربية، وكان الهدف الرئيس لهذه المخططات هو تحويل دول المنطقة الى كيانات طائفية وعرقية وعشائرية، وإلى كل لون قابل للتجزئة والإخضاع السهل، وتكون هذه الكيانات الهزيلة متحاربة فيما بينها، متعددة في وجوهها على الدعم الخارجي من اعداء الشعوب العربية، وقد كانت ( داعش) بعد احتلال العراق هي أداة التنفيذ الواضحة بما لا يقبل الشك، ويعلّق الكاتب آرا خاجادور بما يلي : ( ظل وعي هذه الحقيقة يراوح بين الإهمال والانزواء والتبسيط، تحت حجّـة الاتهام بعقلية المؤامرة أو الخوف من الاتهام) ص315 . الى ان صدر قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الداعي الى تقسيم العراق، وتلك هي الجريمة الجديدة والحقيقية التي قدّمت الجواب الكامل عن المشروع الأمريكي في العراق، كما يقول الكاتب – ص316 . ثم يؤكــد على ان ( الوثائق المنشورة تشير الى تجنيد 60 ألف شخص لأغراض متنوعة في الاتجاه السالف) يقصد، تقسيم العراق والمنطقة – راجع ص333 .

* ثم يعلق بشكل لافت الى أن ( خَدَم الاحتلال حقّـقوا لأسيادهم إمكانية الظهور بمظهر المتعفّف عن البقاء في العراق وليس المطرود منه) ص340 . وهم الذين شاركوا المحتل المشروع الاحتلالي، وهُـم مسؤولون مسؤولية سياسية واخلاقية وجنائية عمّـا حلّ بشعبنا, ص 356 .

وفي نهاية الباب الثاني، يربط الكاتب آرا خاجادور بين مشاريع الاحتلال الأمريكي وخدمهِ داخل العراق، لا سيما اشارته الدقيقة الى ان ( واشنطن تشجع الحكومة المركزية وحكومة الإقليم الكردي على الاحتراب، كما دفعت الكويت ضد العراق، وشجّعت صدام حسين على غزو الكويت ) ص360 . 

                                                    ،     ،     ، 

2- حول خلافات الكاتب آرا خاجادور مع الحزب الشيوعي العراقي

يكاد يكون كتاب ( نبض السنين) هو القلق التاريخي الذي افرزته عقلية الكاتب والسياسي المخضرم آرا خاجادور، من خلال نضاله في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، والبالغ أكثر من 65 عاماً داخل صفوف هذا الحزب

مرارة الأيام، وتقلبات الخط السياسي، وأمزجة الانتهازيين بين قيادات هذا الحزب وقاعدته، جعلت من هذا الكتاب مرآةً عاكسة لمرارة هذا الرجل، وبنفس الوقت أظهرت اصالة معدنه وصبره الطويل . 

وبالرغمِ من أن الكتاب، لم يكن يأخذ هيئة وشكل المذكرات الشخصية، ، إلاّ أن المقالات المكتوبة في داخلهِ، يبرز هذا القلق السياسي عند الكاتب بشكل واضح، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أن مركزه القيادي في الحزب الشيوعي العراقي يفرض عليه مسؤولية كبيرة جداً، بوصفهِ احد النجباء الذين عاصروا فهـد زعيم الحزب الشيوعي التاريخي، وضمن هذا الإطار فإن ملاحظاته على الحزب يكتنفها ( حياءً نضالياً صافياً ) يتعالى فيه عن أخلاقية الصغار وفاقدي الشرف الحزبي والوطني، لكن عندما يخرج الحزب بسياسته وسلوك قيادته عن الخط الوطني، فـإنه لا يلجم ثورته ضمن حدود الالتزام التنظيمي الصارم . 

في أوّل ردٍّ مبدأي على خروج سياسة الحزب عن ثوابتها الوطنية، يتصدّى آرا خاجادور لهذا الأمر من خلال إدانته لزيارة – حميد مجيد موسى – سكرتير الحزب، الى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي ( لم يتجرأ سكرتير الحزب الشيوعي، على إعلان طبيعة زيارته) رغم أن إعلام الحزب اشـار الى أن الزيـارة  (جاءت في إطار الزيارات تقوم بها قيادة حزبنا الشيوعي العراقي، لِلّـقاء برفاق الحزب واصدقائه وجماهير الجاليات العراقية خارج الوطن) ص93 .

ومن ثم اعترف سكرتير الحزب، بأنه التقى في هذه الزيارة ( مع موظفين امريكيّين، وان جهده الأعظم تركّز على توجيه الانتقادات للسياسة الأمريكية في محاكمة رأس النظام في العراق) ص 94 .

هذه الزيارة، وعدم الإفصاح عنها وعن طبيعتها، تستفز تاريخية الموقف الوطني للحزب الشيوعي العراقي في وجدان آرا خاجادور، فينتقد تلك الزيارة، بشيء من عدم القناعة فيعلّق بالقول: ( لا نظن أن الشيوعيين والوطنيين العراقيين يجهلون طبيعة المساعدات الأمريكية، ولا طبيعة المسؤولين عن أقسام وزارة الخارجية الأمريكية، ولا نعتقد أن ( قيادة أبي داود) سكرتير الحزب، غير مطّلعة على برنامج المخابرات المركزية الأمريكية، بصدد تنظيم الزيارات والدعوات المخصصة لدعم المعارضة العراقية) ص 94 – 95 . لذلك أن هذه الزيارة استفزّت كثيراً كاتبنا آرا خاجادور، بوصفه عضواً سابقاً في المكتب السياسي للحزب، وأدانها بحزم وشدّة قائلاً : ( إننا ندين الزيارة وطريقة التفكير التي أدّت إليها، وندين الزيارات الأخرى المماثلة لها، وندين التعويل على أمريكا، ولا نرى في سياسة" عدو عدوي صديقي" ما ينسجم مع طبيعة وتاريخ الشيوعيين العراقيين، الذي يمتد عميقاً في التاريخ الوطني لشعبنا، ولا نتمنّـى ان نرى أبا داود في هذا الموقع، ومن منطلق الحرص عليه، نطلب نشر محاضر لقاءاته مع الأمريكيين، خدمة للحقيقة ) ص95 . 

وهذه الإدانة من قبل آرا خاجادور – بحكم مركزه القيادي كعضو في المكتب السياسي- تُقلق اعضاء اللّجنة المركزية، الذين يسيرون مع التوجّه الجديد، وبنفس الوقت ( تُكتّـل ) الآخرين ضد الخط الوطني في الحزب الذي يمثّله آرا خاجادور وغيره – راجع ص94 – 95 . 

* ومن الإدانة للزيارة الى الولايات المتحدة، ينتقل الكاتب الى تسليط الضوء على( حالة الحزب الحالية ) عندما يقول: ( لماذا وصل الحزب الشيوعي العراقي الى وضعه الحالي، وهنا لانقصد التشتت فقط، وإنما نقصد احد اطرافه قـد تورّطت قيادته في خدمة الاحتلال، ونالت العُزلة عن الشعب وقواه الوطنية، بل من جماهير الشيوعيين انفسهم) ص97 وراجع بقية انتقاداته لقيادة الحزب على الصفحات 98 – 99 – وفي ص100 يرفع درجة المواجهة مع ( الخط الأمريكي في الحزب) حتى يصل به الأمر الى تأكيد " خيانة تلك القيادة" بقوله: ( وإذا كانت القيادة المفروضة على إحدى الكُتل الشيوعية قد خانت تاريخ الحزب، فهي لا تستطيع محوَ أمجادهِ وتضحيات ومساهمات حزب الشهداء المقاتلين الأبرار) ص 102 وما بعدها . 

إن مثل هذا النقـد اللاّذع والمباشر لا تتحمّله قيادة الحزب ولا ترضى به، الأمر الذي جعل من وتيرة المواجهة مع آرا خاجادور والخط الذي يمثّله واقعاً ملموساً في كل منظمات الحزب في الخارج والداخل، والتي يشير آرا خاجادور الى انه ( بـدأها منذ عام 1990م، وان الدافع لاتخاذي موقفاً صارماً من الزمرة التي طرحته وقادت الحزب الى الموقع الذي هو فيه) كما يقول في ص393 . ويضيف الى ذلك قوله: ( إننا شرعنا في الصراع الداخلي ضد الانتهازية في حزبنا قبل ان ننتقل الى الصراع العلني، بعد نشر رسالتنا الى اللّجنة المركزية للحزب عام 1990، ولم ننطلق من أسباب وعوامل ذاتية، ومنذ وقوع الاحتلال الإجرامي لبلادنا، اخذت المعركة الحزبية ابعاداً اخرى أشد خطورة من الصراع ضد الانتهازية أو الانحرافات اليمينية أو اليسارية، ولم تعد القضية قضية فكرية وطبقية وتنظيمية وحسب، وإنما دخلت في جوهر قضية الوجود الوطني ) ص429 . 

ثم ينتقل بشكل المواجهة مع قيادة الحزب الى إدانة واضحة، نتيجة خدمتهم للاحتلال الأمريكي، يقول في ذلك : ( أيُّ زمانٍ هـذا!؟ في تاريخ الحركة الشيوعية، عرفَ الشيوعيّون مصطلح خيانة الحزب، أو خيانة الطبقة، ولأنهم في كل الأحوال لم يتعوّدوا استخدام مصطلح الخيانة الوطنية، حيث لم يتعاون أي شيوعي مع محتل) ويضيف: ( وينبغي التوكيد أن التعاون مع المحتل، وبأيّ شكلٍ لا يمكن ان يدخل في إطار الاجتهاد الفكري، إنّـهُ العار والخيانة المكشوفان ) ص432 . 

ويختم الكاتب هذا الفصل بعبارة تُـدين كل من تعاون مع الاحتلال بقوله: ( إن أي تجاهل لوجود الاحتلال الجاثم على أنفاس شعبنا، هو سقطة أخلاقية مروّعة قبل مئات التوصيفات المروعة الأخرى)  ص433 . 

                                   ،     ،     ، 

3-  الإعـــلام الحـزبي

يشكّل الإعـلام ، في أيّ حزب سياسي أو منظمة اجتماعية، الرئة الأساسية التي يتنفّس منها هذا الحزب أو تلك المنظمة، فهو نقطة الوصل والتواصل مع جماهير الحزب والقوى الاجتماعية الأخـرى، بغـية إيصال (رسالته الإعلامية والثقافية) وليس اعتباطاً أن يقال على الإعلام بأنه ( السلطة الرابعة) نظراً لما له من تأثيرٍ على المتلقين والرأي العام المُتـابع له . ومنذ البدء في تشكيل الأحزاب الشيوعية العالمية والأحزاب الراديكالية وغيرها. 

كانت مسألة إيجاد "صحيفة ناطقة " باسم هذا الحزب أو ذاك، مسألة فائقة الأهمية في العمل السياسي، ومن هنا نـدرك تأكيدات ( لينين) على وجود جريدة ( الآيسكرا) أو – الشرارة- بمعناها العربي، وهي الصحيفة الناطقة باسم ( الحزب الشيوعي الروسي ) فقد كانت هذه الجريدة تلعب الدور الكبير في توجيه نشاط العمال والفئات الأخرى المساندة لحزب لينين في نشاطه داخل المجتمع الروسي وقتذاك . 

وعلى منوال تلك ( الصحيفة الشيوعية – الايسكرا ) سعت كل الأحزاب الشيوعية العالمية بإيجاد ( منبر إعـلامي) لها، توصل من خلاله ما تريد إيصاله الى الجماهــير، وقـد كانت جريــدة ( اتحـاد الشعـب ) و   (طريق الشعب) فيما بعد ، هي الجريدة الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي العـراقي

بمعنى آخر، إن التقاليد الإعــلامية في الحزب الشيوعي العراقي، كانت معروفة، ولها نمطها الخاص في سياقات العمل النضالي اليومي للحزب الشيوعي العراقي، ولكن ( هذه التقاليد الإعلامية) طرأ عليها بعض التغيير، وأُنيطت مسؤوليتها بشخصيات غير كفـؤة ، لا سيما بعد هجرة الحزب الشيوعي العراقي من الوطن.

ونظراً لكون الحزب الشيوعي العراقي فيهِ من القيادات والكوادر الكردية الفاعلة، توجّـب أن يكون جزءاً من ( الإعـلام الحزبي ) ينطق باللّـغة الكردية، لا سيما بعد أن أصبحت كردستان العراق الحاضنة الرئيسية لقوات ( الأنصار الشيوعيين ) وبعض قيادات الحزب ، إضافة الى ( المراكز الإعلامية ) الأخرى التابعة للحزب في المنافي والبقاع الأخرى من دول الشتات . 

ومن هنا كانت نظرة الرفيق آرا خاجادور ذات بُعـدٍ معرفي وأُفق استراتيجي لمجريات العمل الإعلامي في كل نشاطات الحزب، كونه يشغل عضواً بارزاً في المكتب السياسي السابق، وعاصر حركات الأنصار في أماكن تواجده في شمال العراق، ولذلك هـو يستـشعر الخطر المحيط بالحزب من كل الجبهات، ومنها جبهـة الإعــلام الحزبي . 

* في رسالة مطوّلة ، بعث بها الكاتب آرا خاجادور الى ( عـزيز محمد – سكرتير الحزب الشيوعي العراقي السابق ) في عام 1987م، يشرح فيها واقع العمل الحزبي في كردستان، ويتوقّـف فيها مع ( جبهة الإعـلام المركزي) يقول فيها: ( جبهة الإعلام المركزي، هي لسان حال الحزب " الإذاعة وطريق الشعب" علينا أن نقف وقفة جـديّة أزاءها، ما دُمنا مقتنعين بصواب سياستنا، فلا بُـدّ من تعزيز صوتنا على أرض كردستان، وهناك العديد من المشاكل والعقبات... الوضع الإعلامي عموماً سيء.. فالعديد من الرفاق الصحفيين والمذيعين والمهندسين، قـد مضى على وجودهم 5 – 7 سنوات، وثقل السنوات والعُـزلة يتّضح في مستوى انتاجهم ونشاطهم، ولا بُـدّ أن نراعي أوضاع المثقفين وحاجتهم الى الاطلاع والتطور) ص123. 

ثم يلتفت الى – القسم الكردي – ومسالة توجيه الإعلام إليه بشكلٍ مركّـز، بحكم تواجد الحزب في تلك البقاع الجبلية فيقول: ( أما القسم الكردي، فنحن مقصّرون تجاههُ تقصيراً كبيراً ولا يمكن السكوت عن هذا الوضع، إننا موجودون على أرض كردستان، ومُطوّقون بالأحزاب القومية والمؤامرات الرجعية، ومع هذا فالشبيبة الكردية مندفعة نحو الماركسية، فماذا قـدّمنا لها؟ ، مـوادنا الإعلامية والفكرية الكردية بحاجة الى نقلة نوعية ، وبمستوى تطور الوضع في كردستان) ثم يضيف: ( أسباب قصورنا ذاتية، ذكرنا في أحـد محاضرنا – وجود تبعثر في الكادر بين الإقليم والإعلام... طلبنا كادراً إعلاميّاً واحداً من المحررين الرئيسيّين في " بيرى نـوى" – الصحيفة الشيوعية الكردية - أي الفكر الجديد في اللغة العربية – قيل لنا أنّهُ إداري فوج، لا يمكن الاستغناء عـنه!؟ دع عنك تدريب الكادر في مختلف المجالات ) ص 124 .

ثم يوجّه الخطاب مباشرة الى سكرتير الحزب بقوله: ( نرجو ان تبذلوا من جانبكم جهداً اكبر لمساعدتنا في تذليل الصعاب، إذ سبق أن أخبرناكم برقياً بحاجتنا الماسة الى صحافي كردي يستطيع القيام بمهمة الإعلام المركزي) ص124 . 

المتأمّل قليلاً في جوانب هذه الرسالة – خصوصاً فيما يخص الإعلام – أن الحزبَ مُهملاً بعض الشيء في هذا الجانب، وقد يكون المكان الجغرافي – كردستان- أحد الأسباب، ولكن هذا لا يشفع لحزب شيوعي يرفع راية الكفاح المسلّح يقصّر في هذا الجانب بشكلٍ ملحوظ، هذا أولاً، وثانياً، أن مسألة العمل في البقعة الكردستانية – على جهة الإعلام – بالضرورة يكون هناك رفاقاً أكراداً ، يجيدون اللغتين العربية والكردية، فهل يا تُرى أن هؤلاء الرفاق الأكراد غير موجودين في جبهة الإعلام، أم أن " منظمة إقليم كردستان للحزب الشيوعي العراقي) عاجزة عن توفير كادر إعلامي؟ أم أن للأمر تفسيراً قومياً يتجاوز الالتزام الحزبي والوطني والأممي!؟ وإذا كان الحزب عاجزاً عن توفير ( صحافي كردي واحد ) للإعلام ، فكيف كانت صحيفة (بيرى نـوى ) الكردية وغيرها تصدر بأقلام كردية وتطبع وتوزّع من قبل؟  ما ذا نُسمّي امتناع أحد الأفواج من إرسال كادر إعلامي للاشتغال في الإعلام بحجة أنه ( إداري فـوج ) ؟ أيهما أهـم الإعلام أم الوظيفة الإدارية ؟ أم أن في الأمر ( غاية في نفس يعقوب الكردي )؟  ما الداعي لعضوٍ في المكتب السياسي لأن يخاطب سكرتير الحزب مباشرة لتوفير كادر إعلامي في منطقة كردستان، ومن ثم لا يستجاب الى طلبه ؟ !. 

تبقى هذه الأسئلة وغيرها طي الكتمان، فلا عزيز محمد – سكرتير الحزب – أجاب عنها، ولا الكاتب آرا خاجادور أفصح عن أسبابها؟! تُـرى ما ذا وراء الأكمة ؟! .

وفي نقطة أخرى من تلك الرسالة، يتوقّف الكاتب آرا خاجادور مع ( جبهة الإعلام والعلاقات الوطنية) مشيراً – من طرفٍ خفي – الى مضايقة الأحزاب القومية الكردية على نشاطات الحزب الإعلامية والنضالية، يقول الكاتب في هذا المجال – والخطاب ما زال موجّهاً الى سكرتير الحزب عزيز محمد- ( عملنا الرئيسي في هذا المجال هو مع الأحزاب القومية الكردستانية، ، ، وفي مثل هذا الظرف الذي تقوم به السلطة بتصعيد سياستها الشوفينية ضد الشعب الكردي، وارتفاع الموجة القومية الكردية كردّ فعلٍ، لذلك نتأمل وضعنا فنرى مفارقات عجيبة : أبو ئاسو – عضو قيادي كردي في الحزب الشيوعي، يعمل في الخارج ضمن لجنة العلاقات مع الفلسطينيين، والدكتور رحيم عجينة ( قيادي في الحزب ،عربي) مسؤول لجنة العلاقات، عندما يتعامل مع الأحزاب الكردية!  وفي هذه الأجواء الشوفينية الموجودة، يقف على رأس تنظيماتنا في كردستان رفاقٌ عرب! فكيف ستتحول حركة الأنصار الى حركة جماهيرية؟) ص125 . 

ثم يشير في نقطة لافتة في تلك الرسالة هي ان ( جميع هذه الأحزاب القومية الكردستانية " يريدون ان يكون دورنا فيها ثانويّـاً " ) ص125 . 

* مِمّا تقدّم، يمكن الاستنتاج بسهولة، لماذا أصبح الحزب الشيوعي العراقي، حـزبين – احدهما كردي؟! ولماذا أخفق الحزب في عمل الأنصار في جبهة كردستان؟! ولماذا لم نشهد تطوراً فكرياً، على صعيد التنظير والتجديد بفكر الحزب الشيوعي العراقي؟! من المسؤول عن ذلك؟! لماذا لم يُثِر الإعلام الشيوعي العراقي مسالة " مجزرة بشت آشان" في صحافتهِ وإعلامه ؟! لماذا تحوّل بعض كوادر الحزب الشيوعي العراقي الى " إعلاميين قوميين كورد" ؟! لماذا طُرِدَ أو أُقصي أو جُمّـدَ الكثير من الإعلاميين الشيوعيين العرب من الحزب الشيوعي العراقي؟! لماذا تحوّل " إعـلام الحزب الشيوعي الكردستاني" الى مُطبلين للاحتلال الأمريكي؟! .

رحم الله من هَـزجَ لنا بهذه الأهزوجة الشعبية العراقية التالية : 

وين ما ذبّيتهـا صبخـه ودُبـگ ...........................))

كـونݘ عفيفـه وزاݘـية ..... ݘـا ثـار عِـد راسݘ تفـــگ  )  

 

*     *     *

* على العموم، يمكن النظر الى كتاب آرا خاجادور ( نبض السنين ) هو أوّل كتاب يصدر من عضو قيادي في الحزب الشيوعي العراقي، يناقش بجرأة كل هذه الظواهر السلبية التي رافقت مسار هذا الحزب، طوال فترة تجاوزت الثماني عقود، رغم أنه تناول الفترة الأخيرة من مسيرة الحزب، عنيت بها فترة الخروج من العراق عام 1978م وحتى لحظة الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م  وما تلاه .

* ظلّت إيقاعية الكاتب، في سرد الوقائع والأحداث ، تنطلق فعلاً من مرتكزات الكاتب السياسية والوطنية والطبقية، ضمن رؤاه ومحمولاته الماركسية، ولو انه كان متردّداً في كشف عناصر الانتهازية بشكل مباشر، كون حياءهُ الطبقي يمنعه من ذلك، وهذه الخِصلة لا تخدم حقيقة البحث الساسيولوجي وغيره من العلوم الاجتماعية بكافة فروعها، لأنه يدرك أن كشف أسماء أولئك الانتهازيين قد يضر بسمعة الحزب الذي فنى عمره في خدمته، لكنه نسى مقولة ( نيتشه) " حتى الشيطان يخجل من الحقيقة "  فما بالنا نُمالي الشياطين ؟ ! .

كان لهذه ( المقالات الستين ) التي تضمّنها الكتاب، أن تكون أكثر مرجعية لو أنها خضعت الى مراجعة نقدية قبل نشرها من قبل الكاتب نفسه، كي يستدرك فيها ما فاتهُ من ملاحظات، وما استجدّ عليها من معلومات وأحداث متلاحقة، تنفي أو تعضّد حقيقة ما جاءت به تلك المقالات، لا سيما وان أغلبها منشور بين عام 1990 – 2010م ، كحـدٍّ زمني أعلى ، في الوقت الذي تطورت فيه أحداث قبل طبع الكتاب في عام 2014م ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كنتُ وادّاً لو أن الكاتب ( طرح بعض الإشكاليات الرئيسية ) التي أشرنا إليها في دراستنا هذه على شكل ( حـِوارات ونقاشات ) على المواقع اليسارية والتقدمية، كموقع ( الحِـوار المتمـدّن) أو موقع ( اليسار العراقي) بغية ان تنال تلك الإشكاليات مصداقية أعلى وأشمل، تـأخذ بعين الاعتبار ملاحظات ومُداخلات المعنيّين في الأمر من الذين عايشوا التجربة مع الكاتب طوال هذه السنين، أو من الأنصار الذين كانوا شهودَ عيانٍ أحياء على بعض تجاربهم التي عاشوها في الحزب، في كل مواقعه، ومن ثم يجري تجميع هذه الملاحظات والمداخلات والأسئلة، ويعيد النظر فيها لتشكل ( مادة ثقافية أخرى) تحمل وجهات نظر عديدة تتقاطع أو تتّـفق مع الكاتب، ويجري تنسيقها وإعادة نشرها كسلسلة ثقافية سياسية في كُتيّبات أصغر حجماً من الكتاب المنشور، ومن ثم تصبح وثـائق تـاريخية سياسية، تمُـد الدارسين وعلماء الاجتماع وغيرهم، لتقيّيم هذه الظاهرة الكبيرة في الشرق الأوسط التي أسمها الحـزب الشيوعي العـراقي

 

                                          *     *     * 

                      ( انتهت الدراسة )




مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45225
Total : 101