ايام ونكون قد انهينا13 عاما على يوم حبل اطاح بتمثال صدام حسين، في ذلك اليوم تحديدا و في تلك اللحظات وذلك المشهد، كنا ببيت النائب الحالي مشعان الجبوري بأربيل، وكنا عدنا للتو من زيارة للضباط والجنود العراقيين الذين سلموا انفسهم لقوات البيشمركة، حيث كنت اقدم برنامج “معا لتحرير العراق” والذي استمر بثه لاكثر من شهر قبل بدء العمليات العسكرية.ويذكر السيد الجبوري كيف كان بيته مكانا للقاء مستمر يضم السيد وفيق السامرائي، وكلاهما عضوان في لجنة التنسيق المنبثقة عن مؤتمر مصيف صلاح الدين، واخرين كثر، واذكر ان منظر الحبل الامريكي وسط الانفعال الشعبي بعث رسالة لم تكن لترسم الراحة في تفسيرنا لما ستؤول اليه الاحوال بعد زوال نظام اخذ يتلاشى بالساعات و الدقائق وكان شيئا لم يكن! ولست اكشف سرا اذا ما قلت انه وقبل البدء بالهجوم دخلت على مكتب السيد فاضل ميراني الذي يزن الامور وفق الواقع و الخبرة السياسية كونه عمل لسنوات على ملفات العراق العديدة، مثلما ان له فهمه وتحليله للفكر الامريكي السياسي والعسكري، ولم اكن لاحتاج كثيرا كي افهم ان السيد ميراني ليس من النوع العاطفي في حدث كبير كهذا، فقد بدا في كلامه وملامحه ان المشروع الذي سيمر به العراق اما ان ينجح و اما ان يسحب العراق و المنطقة الى ماهي عليه اليوم.اللقاء كان بغرفة تجاور غرفة السيد ميراني حاليا، و كان الى جنبه عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني السيد ازاد بروارى، وجه ميراني حديثه الي بضرورة تركيز المقالات على المصالحة وخلق اجواء اعلامية لها بأسرع ما يمكن، وقد كان طلبه مشوبا بنظرة من عدم اطمئنان لتداعيات التغيير التي قد لا يستوعبها البعض فيحولونها الى انتقام يفور بسنوات من التعب و العذاب الذي تجرعه العراقيون.كنت ارسم بعيني خطوطا بين اوجه الحضور في الاجتماعات، واسمع حديثا يشابه احاديث البراءة في السياسة، لكني كنت التفت الى حيث يجلس الرئيس بارزاني والسيد نيجيرفان وبقية القيادات السياسية العربية والكردية لالمح صورا من شيء من عدم التفاؤل يخفونه حتى لا تتعكر الاجواء.نقلت شيئا من تخوفي الذي احسسته الى حديث جرى مع السيد مشعان الجبوري، الذي كان يومها يصدر ولسنوات صحيفة بدمشق اسمها الاتجاه الاخر فقال” اذا لم تدر الامور بما يجب ان تكون عليه فنحن امام جهنم”!.شخص لن ابوح بأسمه وهو واحد من اسماء ذكرتها قبل سطور قال لي:” اتشاهد افلاما امريكية؟ قلت: نعم، قال : نحن امام فيلم امريكي”.امام بوابة المكتب السياسي بمصيف صلاح الدين وبعد يوم واحد من اسقاط تمثال صدام حسين خرج رئيس حكومة الاقليم و معه روز نوري شاويس ثم فاضل ميراني، تبسم بارزاني وقال هرب صدام اذا! لكن ضحكته السريعة نقلت رسالة فهمتها بعد ان جلت بنظري وسمعي المثقل بما يقصده، فشاويس وميراني كانا الاقرب لتفسير القادم من الاحداث، ولم يكذب تفسيري ابدا.
نعم ذهب صدام لتخلو الساحة فأما ان نستوعب الحدث و المكانة واما ان ندخل انفاقا لا تجلب الا الخسران!.
مقالات اخرى للكاتب