يتهمون الشعب العراقي بأنه متخلف لأنه اختزل الديمقراطية كلها في تشكيل الحكومة ، لكن يبدو ان قطاعا واسعا من النخبة السياسية هو الآخر يفكر بهذه الطريقة الخاطئة ، يجب ان لا يطغى هاجس تشكيل الحكومة على البرنامج المستقبلي للتغيير ، ولا يمكن تعليق الامل على الاغلبية السياسية بمفهومها العددي في اطار حزب او طائفة في بلد كالعراق لاسباب كثيرة منها ان اي كتلة سياسية لا تستطيع تحقيق الاغلبية البسيطة مهما اوتيت من قوة ، والجميع يعلم ان معضلة هي وجود قوى كثيرة وشراذم متقاربة في الحجم ، واي لون واحد يحاول تشكيل الحكومة لوحده سوف يجعل الالوان الاخرى تنكفئ وتتراجع وتتخذ موقفا دفاعيا وربما تمهد لتقسيم هذا البلد الذي اصبحت بنيته الاجتماعية هشة وسياسته قائمة على التوافق والتفاهم والاسترضاء ، اما من يريد اغلبية يشارك فيها الجميع فيجب ان تكون اغلبية برنامج ورؤية ومشروع ، شراكة مسؤولة بين الخيرين من جميع الاطراف والذين يحظون بتأييد حقيقي في اوساطهم الاجتماعية ، يجب ان يكون البرنامج المقبل برنامج بناء الدولة الرائدة الحاضنة للجميع ، بناء الأمة الواعية المتماسكة ، اقامة العدل بمفهومه الواسع ، وليس اختزال التجربة كلها بتشكيل الحكومة وتوزيع النفوذ بين الساسة فان هذه الثقافة الضيقة المنكفئة المأزومة هي التي جعلت العراق ينوء تحت هذا الحمل الثقيل من الفشل والاحباط .