ينطلق يوم الجمعة المقبل ، ومن أخفض نقطة في العالم وهي البحر الميت المنهوب إسرائيليا ، رالي الدراجون العرب الذي ينظمهة منذ ثلاث سنوات "الدراجون الأردنيون " ، ويجوب جنان الأردن شمالا وجنوبا ضمن مفهوم سياحة الدراجات ، ويكتشف الدراجون العرب والأجانب ، جنان وينابع ولوحات الأردن الطبيعية الجميلة.
كنت أحيانا وفي غفلة مني أتساءل وأنا في بعض الجنان التي يمرون فيها أو يتوقفوا عندها أتساءل : هل أنا حقا في الأردن ؟ أعلم أن هذا السؤال ساذج لكنها الحقيقة وهي أن المفهوم السائد عن الأردن ، انه صحراء قاحلة لا حياة فيها ، مع أن واقع الحال يقول غير ذلك ، وأنه حتى الصحراء الأردنية التي لا نستحي منها ، يمكن تصنيفها على انها درجات متقدمة من درجات الجنان .
عندنا مثلا في الجنوب الخارج من دائرة الإهتمام الحكومي ، الذي يضم عيون ماء بارد وحار علاجي ولا أروع ، مثل عفرا وماعين على سبيل المثال ، وهناك محمية ضانا وغيرها ، فرغم الإهمال الحكومي لهذه الجنان ، إلا أن أحدا لا يستطيع نفي صفة الجنة عنها .
وهناك أيضا صحراء الأزرق بمياهها وطيورها رغم نهب الناهبين ، وعندنا المفرق في الشمال الشرقي ، ومزارعها من اللوزيات قاطبة ، والتي تظهر للرائي وكانها أحواض نعنع غض يانع واسعة.
الدراجون الأردنيون شباب رائعون أنعم الله عليهم ، وهم بما يقومون به يقدمون خدمات جليلة للوطن ، تفوق مليون مرة ما تقدمه الحكومات مزدوجة الجنسية ،على إعتبار أن الحكومة تقدم شيئا ، فهم يكتشفون هذه الجنان ، ويصطحبون معهم دراجين عربا وأجانب ، يأخذون معهم عند عودتهم إلى بلدانهم ذكريات جميلة عن الأردن ، الأرض المليئة بالجنان والشعب القانع الصابر ، ومن ثم يعودون بعد ذلك مستثمرين وسواحا ، ومنهم من أصبح يمتلك شقة في الأردن ويترك دراجته ويعود إليها متى شاء ، لأنه أصبح صاحب بيت.
هذا يعني أن الدراجين الأردنيين الذين يستقطبون الدراجين الأجانب - ليس للرالي بل للأردن كما قال السيد مصطفى شعبان مدير رالي الدراجين الأردنيين لهذا لعام ، ويعتبرون المشاركين ضيوفا على الأردن كما تفضل السيد طارق الطباع - يعملون هم أنفسهم جنودا مجهولين لرفعة الوطن ، ولا نغفل دور المنسق للرالي الأستاذ الرائع الفنان عبد الرحيم عرجان ، ويقيني انه لولا الدراجون الأردنيون لما حدث هذا المهرجان السنوي ، ولو أن الأمر بقي محصورا عند إهتمام المسؤولين الأردنيين مزدوجي الجنسية في معظمهم ، لبقي الأردن مجهولا لا يعرف عنه سوى أنه صحراء قاحلة .
الدراجون الأردنيون إكتشفوا الطريق وحددوها ومن ثم علقوا الجرس ، وبقي على الجهات المعنية في الحكومة وأقصد على وجه التحديد وزارة السياحة ، إعادة رسم الخارطة السياحية الأردنية من جديد ، وأن ينطلقوا من منهجية جديدة لخلق واقع سياحي متميز ، ولا يكون ذلك بالشعارات التي يتم بواسطتها خداع جلالة الملك الساعي إلى تقديم الأردن في الخارج على أنها موئلا بشريا مهما وقابلا للإستثمار والتطوير ، وهم يوهمون جلالته بأن هناك من يعمل لرفعة الأردن وتقدمه .
المطلوب ان يتم ترجمة ذلك من خلال إعادة النظر في الأماكن السياحية في الأردن والتي تعاني من الإهمال ، وهناك قصص كثيرة صادمة تروى من ثقاة ، وعانى منها حتى ممثلو وزارة السياحة أنفسهم ذات زيارة برفقة إلاعلاميين في محمية ضانا على سبيل المثال ، حيث أنهم هربوا من الغرف ولم يتحملوا الجلوس فيها لأسباب يعرفونها جيدا ، وآثروا الهرب إلى الخارج للنجاة بأنفسهم ، ومع ذلك لم يغيروا من الأمر شيئا عند عودتهم إلى مكاتبهم.
مقالات اخرى للكاتب