المعروف في هذا الشهر هو ان تمسك الناس عن الاكل والشرب وما قاربهما , ذلك تطبيقا للفرض الشرعي وما لهذا الامر (الصيام) من فوائد جمة تنعكس على النفس والجسد , لكن ما يحصل الحين خلافا لذلك , فالاسراف وصل الى اعلى المستويات , والشراهة سجلت معدلات مرتفعة , حتى وصل الامر الى تقيؤ بعض الصوًام اثر اصابتهم بالتخمة بعد وجبة الفطور . لقد تحول شهر الصيام الى شهر للطعام , بتعدد انواعه واختلاف اشكاله , فبدلا من تقليل الاسر صرفياتها بسبب اكتفاء افرادها بوجبتي طعام في اليوم , نرى ازدياد الطلب على مواد الغذاء واضطرار القسم منهم الى الشراء ب(الدين), ما شكل حافزا للتجار (الجشعين) الى رفع الاسعار , واستغلال هذه المناسبة ايما استغلال . والمتفاعل مع محيط الصوًام , يلاحظ توتر اعصاب غالبيتهم , وانخفاض قابلياتهم على العمل والتعامل , وهذا ينطبق وعلى وجه الدقة على الموظفيين العموميين , الذين يسقطون معاناتهم مع الصوم على المراجعين , وما ان تطلب من احدهم تقديم خدمة تندرج ضمن واجباته , يقابلك بالضجر والتململ بحجة انه (صائم) , ثم تنتهي المراجعة بالتاجيل او المماطلة , وفيهم من هو ذو نفس ضعيفة , يسهل معاملتك مقابل دفعك رشوة مالية مصحوبة بالقول: هاي مال الفطور . اتوقع انه لو اجريت مقارنة لارتفاع النزعة الاستهلاكية للافراد بين شهر رمضان وبين باقي اشهر السنة , لتصدر شهر رمضان القائمة من دون منازع , والدليل امتلاء حاويات النفايات بمخلفات الطعام في المدن والاحياء السكنية , اذ تشكلت اتلال ومرتفعات من النفايات بالشكل الذي لا يطاق , سمعت مؤخرا خبرا ملفتا , يفيد بان بعض اصحاب المطاعم في بريطانيا واليابان يقومون بتغريم الزبون الذي لايأكل وجبته بالكامل , لحث الزبائن على طلب ما يسد الحاجة , ودرء للاسراف والتبذير , كما لاحظت ان بعض المطاعم في الدول العربية تضع كسرة خبز واحدة مع كل وجبة , وباستطاعتك ان تطلب الاخرى , عندما لاتكفيك واحدة . معظم الصوًام تصيبهم السمنة في هذا الشهر , اما نتيجة الافراط في تناول الماكولات او بسبب الاكثار من النوم في النهار لقتل الوقت وعدم الاحساس بالجوع والعطش , ما يخالف المنافع الصحية للصوم من اعطاء فرصة لاعضاء الجسم للراحة والهدوء . ان الثقافة البيئية والصحية من الامور التي يجب ان يتسلح بهما افراد المجتمع , واعتقد انهما لايتضاربان مع الفرائض الدينية , هذا اذا ما اردنا صنع انسان ينظر الى مجمل قضايا بمنظور العلم والعقل .. والعافية للجميع