خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، وأكرمه وشرّع له مايكفل حقّه في الحياة الحرّة الكريمة .
وجاءت الأديان السماوية وختمها الدين الإسلامي الحنيف لترسيخ التشريع الإلهي لحقوق الإنسان في كل تفاصيل حياته ، من مأكل ومشرب وسكن وحرية وتعليم وصحة وعدم تمييز، وعمل وتجارة وحياة كريمة .
ثم جاءت المنظمات المدنية الدولية التي أقرّت القوانين والبروتوكولات والمعاهدات بين الدول لحفظ كرامة الإنسان وحقوقه على وجه الأرض بدون النظر لدينه ومذهبه ومعتقده ولونه وجنسه .
وبتقدّم العلوم والتكنلوجيا أصبح العالم قرية صغيرة تسمع وتشاهد فيه مايحدث في كل مكان من الدنيا وانت جالس على الكرسي بدون ان تتجشم عناء الحركة والسفر .
وبدأ العراقيون يُشاهدون ويسمعون مايجري حولهم في هذه الدنيا ، بعد ان كانوا مسجونين بحُكم ليس فيه حتى الإفراج المشروط ، وبدؤا يقارنون حياتهم ووضعهم بالآخرين الذين هم أقل منهم شأناً ومالاً وعلماً وحضارة وتاريخ ، وماهُم عليه وماالدنيا عليه .
وبدؤا يتسائلون . . .
هل سيحاسبنا الله تعالى يوم القيامة كما سيحاسب باقي البشر ؟؟
هل من العدالة الإلهية ان يكون معيار الحساب بين البشر نفسه ، وقد إختلف البعض منهم في حياته ومماته ؟؟
هل سندخل الجنّة التي أعدها الله لنتمتّع بملذاتها ، بعد ان عشنا محرومين من الدنيا وملذاتها ؟؟
وتوصّلوا بعد البحث انه لم يُنْصَفوا من الله لانه بالتأكيد غير راضٍ عنهم ، ولم يُنْصَفوا من حُكّامهم والمنظمات الدولية ، لانهم لم يعترضوا وينتفضوا على الذل والقهر والحرمان الذي هم فيه ، وانهم لم يكونوا يعيشوا ضمن الحد الادنى لمعيشة الإنسان الطبيعي ، فمياههم ملوثة ، وهوائهم ملوّث ، وطعامهم ملوّث ، وأجسادهم نخرها الثلوث .
وفوق هذا كله إكتشفوا ان لاقيمة إنسانية لهم في دنيا يحكمونهم فيها جبابرة لايخافون الله ، يتعاقبون على حُكْمهم ، يسوقونهم كقطيع لاحول له ولا قوة ، لأهوائهم ونزواتهم ، دفعوا فيها أغلى الأثمان ، ولم يفكر أحدهم ان لهؤلاء البشر حق كفله الله بأديانه قبل قوانين المنظّمات الانسانية الدولية .
فبين الحجّاج والحجّاج ، هناك حجّاج حَكَم العراق ، ويبقى العراقيون ينتظرون الفرج من الله ويحتسبوا ويسألوا . . .
هل قدرنا ان نبقى نساق الى المزابل لنعتاش منها ؟؟
هل قدرنا ان نبقى نتحسّر على أنفسنا ونحن نرى باقي البشر كيف هي حالهم ؟؟
هل قدرنا ان نبقى نخاف المستقبل المجهول لنا ولأولادنا ؟؟
هل قدرنا ان نبقى نائمين نيام أهل الكهف ؟؟
لايصحوا منّا من يقوم وينتفض .
هل قدرنا ان نبقى نعيش بين ظُلم الظالم والظالم ، وبين حسرة الحرمان والحرمان ، ومشاعر الخوف والخوف ، وإحساس الجوع والجوع ؟؟
هل قدرنا أن نبقى نعيش محصورين دائماً بين الحجّاج والحجّاج ؟؟
لله الأمر من قبل ومن بعد .
والله من وراء القصد .