.
لا شك ان إلغاء الرواتب التقاعدية للنواب ورواتب أعضاء مجالس المحافظات والدرجات الخاصة والوزراء , أصبح مطلب شعبي ومطلب المرجعايات الدينية والثقافية والإجتماعية , والرأي العام ضاغطاً على المسؤولين , وحتى من يرفض هذه المطالب عجز الوقوف بوجه الشارع الغاضب , هذه المطالب أحد أهم الحقوق المسلوبة من المواطن العراقي وهدر للمال العام بما يخالف قوانين العمل والخدمة المدنية , وهو تخصيص ما يزيد 80% من الراتب الأصلي كراتب تقاعدي في خدمة اربعة اعوام , ناهيك عن المستشارين والحمايات والسيارات والسفرات والأيفادات والعلاج والحج والعمرة و ومخصصات تحسين المعيشة وبدلات الإيجار ووووو..... الخ , وربما البعض لم يخدم هذه الفترة او لم يحضر الجلسات او كان له الدور السلبي في العملية السياسية , وفي كل دورة يزداد عدد الأعضاء وهذا ما يعني تحول الموازنة الى رواتب وأمتيازات خاصة دون تحريك لأقتصاد الفرد العراقي , و زيادة دائمة في الموازنة التشغلية على حساب الإستثمارية , والسحب من الأموال المخصصة للمشاريع والخدمات للتقاعد , وربما يدفع العراق للإستدانة من الدول الاخرى بعد سنوات , لإعتماده على النفط بما يزيد عن 90% من الموازنة العامة , وتوقف الصناعة والتجارة والزراعة والأيادي العاملة وهجرة العقول والشباب , وفي اخر التقارير الدولية التي إستندت الى التقارير الحكومية , والاستبيانات التي لم تكن بتلك الدقة لغياب القواعد البيانية , أظهرت ان ما يقارب 18% من العراقيين تحت خط الفقر, ورغم إن الارقام الحقيقة قد تكون مضاعفة , خاصة بعد الانهيار الأمني الذي شل حركة السوق , والتقارير الحكومية أشارت في وقت سابق الى إنخفاض نسبة البطالة في العراق , ولكن الخبراء يشيرون للعكس وإنما الهجرة للشباب , وعجز المواطن ويأسه من البحث عن العمل , وترهل الوظائف الحكومية والبطالة المقنعة ,والمؤوسسات الحكومية أصيبت بالتخمة من عدد موظفيها , وصنع المناصب الأفتراضية , ولا فرصة سوى التطوع الى صفوف الجيش , وعسكرة المجتمع , ولا خطط للتمنية البشرية .
المحكمة الاتحادية قبل أيام نقضت القانون 26 في 2011م الذي يقضي بخفض رواتب الرئاسات الثلاث , وقالت ان هذا القانون غير دستوري , نقول ان تحديد رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والوزراء ومجالس المحافظات لم يتم تحديدها على نص دستوري , وإنما اتفاق الكتل السياسية وتحديد هذه الإمتيازات في وقت محدد لتلك الظروف , على فرض ان المسؤول لا يستطيع ممارسة حياته الأعتيادية بعد تركه المنصب, ورغم تأييد الكتل السياسية وجدية بعضها في الإستجابة للمطالب الوطنية بألغاء الرواتب التقاعدية , الاّ أن هنالك مشكلة بحاجة الى علاجها من الجذور وهي خفض الرواتب للرئاسات الثلاث والوزراء والدرجات الخاصة والإمتيازات وابواب الصرف المطلقة , ومساواة المخصصات الممنوحة لتلك الدرجات مع المواطن العراقي وليس من المعقول ان يصرف لعائلة اليتيم 50 ألف و لزوجية الموظف 50 ألف وللأطفال 10 ألاف بينما يوجد فروقات شاسعة وفاحشة تعطى لدرجات خاصة دون قانون ,ولا تستند الاّ لإتفاق المصالح , وتشخيص التفاوت بين الوزرات بإيجاد سلم موحد , الذي على أساسه يستند الراتب التقاعدي ,والتخلص من الطبقية التي لا زلنا نعيشها في بناء مدرسة مكيفة هنا وأخرى من الطين هناك , وإن الأطفال كلهم من الوطن الواحد وليس بالضرورة ان لا يكون أبناء المدير العام والوزير أذكى من أبناء الفلاحين.
مقالات اخرى للكاتب