قد تتملك المرء احيانا رغبة الجنوح الى عالم الامنيات والدعوات هروباً من واقع مرير فيجد نفسه يدعو لشخص بالخير والتوفيق فيما يتمنى الشر لشخص او فئة في ظرف معين، وهذا الشعور ملازم بقوة للشعوب المبتلاة بالدكتاتورية وامراضها المزمنة، فتجد دائما من يدعو للدكتاتور ويمجده مقابل من يدعو عليه ويتمنى زواله مع حكمه الى الابد.
حال العراق يثبت هذا الامر فهناك للاسف فئة تعتاش على افتعال الازمات واستمرار دوامة العنف ويحاولون التشبث بشتى الوسائل والطرق بما توفر لهم من نفوذ وامكانيات على حساب مصلحة الوطن والمواطن. فيما البعض الآخر يمقت هؤلاء ويحملهم مسؤولية ما آلت اليه اوضاع الناس من بؤس وحرمان، نعم هناك من يدين على الدوام دعم العنف والجريمة تحت اي ذريعة ومن جانب اي جهة، فالاجرام هو الاجرام ليس هناك دين او مذهب او توجه فكري يمكن ان يدعمه او يعترف به ويدافع عنه.
العراق تحول الى حاضنة كبيرة للارهابيين والقتلة ومساحة شاسعة للضحايا الابرياء، في الآونة الاخيرة نلاحظ نحن الفيليين المضطهدين تزايدا كبيرا في اعداد الضحايا والمضطهدين والمظلومين نتيجة الحالة المأساوية التي نعيشها يومياً وتبريرات المسؤولين اللامسؤولة حول تردي الاوضاع ولا نعلم متى تنتهي هذه المبررات ومتى يعترف المسؤول بالتقصير الواضح والفشل في ادارة الازمات او حتى على الاقل محاولة نزع فتيل الفتن المتلاحقة.
نحن الفيليين بسبب ما مررنا به من المآسي والكوارث على مر العقود السابقة، نتلمس ونشعر اكثر من غيرنا بهول النتائج الكارثية لهذا الوضع ولدينا جرأة لنقول بصراحة وصدق أن التحريض الطائفي والفتاوى الدموية التي تقف مع الباطل ومع الظالم كانت ولاتزال السبب الرئيس في هذا التدهور الخطير على المستوى الاقليمي الذي يمكن وصفه ببداية الحرب العالمية الثالثة انها حرب لن ينتصر فيها الاسلام ولا حتى الانسانية. والحرب عندما تندلع تتهيأ مستلزماتها بتواتر مضطرد عكس السلام الذي يصعب توفير مستلزماته وتهيئة اجوائه.
لقد كان بأمكان العراق ان يؤدي دوراً محورياً لوحده في المنطقة بأعتباره بوابة التواصل بين العالم العربي وبقية شعوب المنطقة لامتلاكه المبادرة في كثير من الجوانب خصوصاً المذهبية والقومية، فلماذا تحول الى بوابة للكراهية ومختبر لتجارب الاحقاد والمظالم التي لم نعرف مثلها في التاريخ؟
مقالات اخرى للكاتب