بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك يا حجة الله و ابن حجته السلام عليك يا قتيل الله و ابن قتيله السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره السلام عليك يا وتر الله الموتور في السموات و الارض اشهد ان دمك سكن في الخلد و اقشعرت له اظلة العرش و بكي له جميع الخلايق و بكت له السموات السبع و الارضون السبع و ما فيهن و ما بينهن و من يتقلب في الجنة و النار من خلق ربنا و ما يري و ما لا يري اشهد انك حجة الله و ابن حجته و اشهد انك قتيل الله و ابن قتيله و اشهد انك ثار الله و ابن ثاره و اشهد انك وتر الله الموتور في السموات و الارض و اشهد انك قد بلغت و نصحت و وفيت و اوفيت و جاهدت في سبيل الله و مضيت للذي كنت عليه شهيدا و مستشهدا و شاهدا و مشهودا.
(مقطع من زيارة الحسين عليه السلام للامام جعفر الصادق عليه السلام)
إن كنتَ محزوناً فما لك ترقدُ هلاّ بكيتَ لمن بكاه محمدُ
هلاّ بكيتَ على الحسين وأهلهِ إن البكاء لمثلهم قد يُحمَدُ
لتضعضع الإسلام يوم مصابه فالجود يبكي فقدَه والسؤددُ
فلقد بكته في السماء ملائكٌ زُهرٌ كرامٌ راكعون وسجَّدُ
لم يحفظوا حق النبي محمدٍ إذ جرّعوه حرارةً ما تبردُ
قتلوا الحسين فأثكلوه بسبطه فالثُكلُ من بعد الحسين مُبرَّدُ
كيف القرار وفي السبايا زينبٌ تدعو بفَرط حرارةٍ: يا أحمدُ
هذا حسينٌ بالسيوف مبضَّعٌ متلطخٌ بدمائه مستشهَدُ
عارٍ بلا ثوبٍ صريعٌ في الثرى بين الحوافر والسنابك يُقصَدُ
(من قصيدة دعبل الخزاعي في رثاء سيد الشهداء (ع))
في ذكرى استشهاد ابي الاحرار والشهداء عليه السلام نذكر بعضا من خطبه ومواعظه للفائدة نقلتها من بعض الكتب. لتكون درسا مفيدا لنا في التضحية والبطولة والاخلاق والتوكل على الله وبذل كل شئ عزيز في سبيله . والله ولي التوفيق.
1. خطبتهعليهالسلامفيمكّةالمكرّمةحينعزمعليالخروجإليكربلاء :
لَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَيالْخُرُوجِ إلَيالْعِرَاقِ قَامَ خَطِيباً ، فَقَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ مَاشَاءَ اللَهُ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ ؛ وَصَلَّياللَهُ عَلَيرَسُولِهِ . خُطَّ الْمَوْتُ عَلَيوُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلاَدَةِ عَلَيجِيدِ الْفَتَاةِ . وَمَا أَوْلَهَنِيإلَيأَسْلاَفِياشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إلَييُوسُفَ . وَخُيِّرَ لِيمَصْرَعٌ أَنَا لاَقِيهِ ؛ كَأَنِّيبَأَوْصَالِيتَتَقَطَّعُهَا عُسْلاَنُ الْفَلَوَاتِ بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلاَءَ ؛ فَيَمْلاَنَ مِنِّيأَكْرَاشاً جُوفاً ، وَأَجْرِبَةً سُغْباً . لاَ مَحِيصَ عَنْ يَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ . رِضَا اللَهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ ؛ نَصْبِرُ عَلَيبَلاَئِهِ ، وَيُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِينَ. لَنْ تَشُذَّ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لُحْمَتُهُ ، وَهِيَ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِيحَظِيرَةِ الْقُدْسِ ، تَقِرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ ، وَيُنْجَزُ لَهُمْ وَعْدُهُ . مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ ، وَمُوَطِّناً عَلَيلِقَاءِ اللَهِ نَفْسَهُ ، فَلْيَرْحَلْ مَعَنَا ؛ فَإنَّنِيرَاحِلٌ مُصْبِحاً إنْ شَاءَ اللَهُ تَعَالَى .
(اقول :لاحظوا كيفية اشتياقسيّد الشهداء للقاء اللهو رسوله، و خطبتهللدعوةإلیلقاء اللهعلى مايحب الله. نعم كانسيّد الشهداء عاشقاً للشهادة موطنا نفسه الشريفة عليها)
2. كلامسيّد الشهداء عليهالسلامفياستعدادهللشهادة
حيناعترضالحرّ بنيزيد الرياحيّ و جيشُهُ الحسينَ عليهالسلامفمنعوهعنمتابعةالمسير، حتّيأنـّهممنعوهعنالعدولو الانحراففيمسيره؛ َقَامَ الْحُسَيْنُ خَطِيبَاً فِيأَصْحَابِهِ فَحَمِدَ اللهَ وَ أَثْني' عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ جَدَّهُ فَصَلّي' عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنّهقَدْ نَزَلَ بِنَا مِنَ الاْمْرِ مَا قَدْ تَرَونَ؛ وَ إنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَاسْتَمَرَّتْ جَذَّاءَ، وَ لَمْ تَبْقَ مِنْهَا اِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ، وَ خَسِيسُ عَيشٍ كَالْمَرْعَي' الْوَبِيلِ؛ أَلاَ تَرَوْنَ إلَي' الْحَقِّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، وَ إلَي' الْبَاطِلِ لاَ يُتَناهي' عَنْهُ؛ لِيَرْغَبِ الْمُؤمِنُ فِيلِقَاءِ رَبِّهِ مُحِقَّاً، فَإنِّيلاَ أَرَي' الْمَوتَ إلاَّ سَعَادَةً وَالْحَيو'ةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إلاَّ بَرَمَاً.
(اقول : وهذا درس مفيد لنا ان يكون الانسان مستعدا للقاء الله تعالى ممتثلا لاوامره وان يكون مصرا على المضي في طريق الحق متوجها الى الله تعالى في ذلك ولاتاخذه في الله لومة لائم وان يتحمل لذلك ويصبر لانه بعين الله تعالى. واذا كانت الحياة مع الظالمين موجبة لهتك حرمة المؤمن او سببا لانحراف الاسلام على يد الظالمين فلامرحبا بها: فَإنِّيلاَ أَرَي' الْمَوتَ إلاَّ سَعَادَةً وَالْحَيو'ةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إلاَّ بَرَمَاً. نعم كانابو عبد الله عليه السلام يرتجز فيالحربحينيحملعليجيشالاعداء فيقول: الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ وَالْعَارُ أَوْلَىمِنْ دُخُولِ النَّارِ )
3. خطبتهعليهالسلامفيأصحابهو أصحابالحرّ :
نُقلعنالطبري (المؤرخ الشهير)أنّ الحسينعليهالسّلامخطبأصحابهوأصحابالحرّ في«البَيْضَة» (على طريق كربلاء) : فَحَمِدَ اللَهَ وَأَثْنَيعَلَيْهِ ؛ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ! إنّ َرَسُولَ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ : مَنْ رَأَيسُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلاّ لِحُرَمِ اللَهِ ، نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَهِ ، مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، يَعْمَلُ فِيعِبَادِاللَهِ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، فَلَمْ يُعَيِّرْ (او يُغَيِّرْ) عَلَيْهِ بِفِعْلٍ وَلاَقَوْلٍ ؛ كَانَ حَقّاً عَلَياللَهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ . أَلاَ وَإنَّ هَؤُلاَءِ قَدْلَزِمُوا طَاعَةَ الشَّيْطَانِ ، وَتَرَكُوا طَاعَةَ الرَّحْمَنِ، وَأَظْهَرُوا الْفَسَادَ ، وَعَطَّلُوا الْحُدُودَ ، وَاسْتَأْثَرُوا بِالْفَيْءِ ، وَأَحَلُّوا حَرَامَ اللَهِ ، وَحَرَّمُوا حَلاَلَهُ ؛ وَأَنَا أَحَقُّ مِنْ غَيْرٍ مَنْ غَيَّرَ ؛ مَنْ عَيَّرَ. وَقَدْ أَتَتْنِيكُتُبُكُمْ ، وَقَدِمَتْ عَلَيَّ رُسُلُكُمْ بِبَيْعَتِكُمْ أَنَّكُمْ لاَ تُسَلِّمُونِيوَلاَ تَخْذُلُونِي؛ فَإنْتَمَمْتُمْ عَلَيبَيْعَتِكُمْ تُصِيبُوا رُشْدَكُمْ . فَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِاللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ؛ نَفْسِيمَعَ أَنْفُسِكُمْ ، وَأَهْلِيمَعَ أَهْلِيكُمْ ؛ فَلَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ . وإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَنَقَضْتُمْ عَهْدَكُمْ ، وَخَلَعْتُمْ بَيْعَتِيمِنْ أَعْنَاقِكُمْ ، فَلَعَمْرِيمَا هِيَ لَكُمْ بِنُكْرٍ ؛ لَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا بِأَبِيوَأَخِيوَابْنِ عَمِّيمُسْلِمٍ . وَالْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَـرَّ بِـكُمْ ؛ فَحَظَّكُمْ أَخْطَأْتُمْ ؛ وَنَصِيبَكُمْ ضَيَّعْتُمْ ؛ وَ مَننَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي' نَفْسِهِ. وَسَيُغْنِياللَهُ عَنْكُمْ . وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ .
(اقول نستنتج من كلام سيد الشهداء عليه السلام ان الساكت عن الحق شيطان اخرس وان الظلم يحيا بالسكوت وان الانسان محاسب اشد الحساب امام الله تعالى اذا لم يغير ما على الظالم بفعل ولا قول و كان حقا على الله أن يدخله مدخله.)
4. خطبتهعليهالسلامصبيحةيومعاشوراء وماجرى بعدها:
أَيُّهَا النَّاسُ ! اسْمَعُوا قَوْلِي، وَلاَ تَعْجَلُوا حَتَّيأَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ عَلَيَّ لَكُمْ ؛ وَحَتَّيأُعْذِرَ إلَيْكُمْ ! فَإن ْأَعْطَيْتُمُونِيالنِّصْفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ ! وَإنْ لَم ْتُعْطُونِيالنِّصْفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ! إنَّ وَلِــِّيَ اللَهُ الَّذِينَزَّلَ الْكِتَـ'بَ وَهُوَ يَتَوَلَّيالصَّـ'لِحِينَ .
ثُمَّ حمد اللهوأثنيعليه، وذكر اللهتعاليبما هو أهله، وصلّيعليالنبيّ وآلهوعليملائكتهوأنبيائه، فلميُسمعمتكلّمقطّ قبلهو لا بعدهأبلغفيمنطقمنه.ثمّ قال: أمّا بعد ، فانسبونيفانظروا مَنأنا ، ثمّ ارجعوا إليأنفسكموعاتبوها فانظروا هليصلحلكمقتليوانتهاكحرمتي؟! ألستُ ابنبنتنبيّكموابنوصيّهوابنعمّهوأوّلالمؤمنينالمصدّقلرسولاللهصلّياللهعليهوآلهبما جاء بهمنعند ربّه؟! أو ليسحمزةسيّد الشهداء عمّي؟ أو ليسجعفر الطيّار فيالجنّةبجناحينعمّي؟! أولميبلغكمما قالرسولاللهصلّياللهعليهوآلهليولاخي: هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فإنصدّقتمونيبما أقولـ وهو الحقّ ـ واللهِ ماتعمّدتُ كذباً منذ علمتُ أنَّ اللَهيمقتعليهأهله، وإنْكذّبتمونيفإنّ فيكممنإنْ سألتُموهعنذلكأخبركم. سَلوا جابر بنعبد اللهالانصاريّ وأبا سعيد الخدريّ وسهلبنسعد الساعديّ وزيد بنأرقموأنسابنمالك، يخبروكمأنّهمسمعوا هذهالمقالةمنرسولاللهصلّياللهعليهوآلهليولاخي. أما فيهذا حاجزٌ لكمعنسفكدمي؟!
فقاللهشمر بنذيالجوشنلعنه الله: هو يعبد اللهَ علي حَرْفٍ إنْ كانيدريما تقول.
فقاللهحبيببنمظاهر (من انصار الحسين ع) : واللهِ إنّيلاراكتعبدُ اللهَ عليسبعينحرف، وأنا أشهد أنّكصادقما تدريمايقول، قد طبعاللهُ عليقلبك. ثمّ قاللهمالحسينعليهالسلام: فإنْ كنتمفيشكٍّ منهذا أفتشكّونأَنّيابنبنتنبيّكم؟ فواللهِ ما بينَ المشرقِ والمغربِ ابنُبنتِ نَبيٍّ غَيري، فيكمولا فيغيركم. وَيْحَكُمْ أتطلبونيبقتيلٍ منكمْ قتلتُه؟ أو مالٍ لكماستهلكتُه؟ أو بقصاصِ جراحةٍ ؟
فأخذوا لا يكلّمونه؛ فنادي: يا شبثبنربعيّ ! ويا حجّار بنأبجر! ويا قيسبنالاشعث! ويا يزيد بنالحارث! ألمتكتبوا إليّ : أنْ قدْ أينعتالثمارُ واخضرَّ الجنابُ ، وإنّما تَقْدَمُ عَليجُندٍ لَكَ مُجَنَّدَةٍ ؟!
فقاللهقيسُ بنالاشعثِ لعنه الله : ما ندريما تقول؛ ولكنانْزِلعليحُكمبَنيعمّكَ ، فَإنّهملنيُرُوكإلاّ ما تحبّ .
فَقَالَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِيإعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ ؛ ثُمَّ نَادَي: يَا عِبَادَ اللَهِ ! إِنِّيعُذْتُ بِرَبِّيوَرَبِّكُمْ أَنتَرْجُمُونِ ؛ وَأَعُوذُ بِرَبِّيوَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَيُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.
(اقول : لاحظوا عزة وكرامة الحسين وحرمة ان يذل المؤمن نفسه. وعن الامام الصادق عليه السلام -ما مضمونه- بأن الله تعالى فوّض أمور المؤمن إلى نفسه، ولكن لم يفوض إليه أن يذل نفسه. وايضا كان الامام سلام الله عليه هنا يلقي الحجة عليهم من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من الكثير ممن غرر بهم وخدعوا).
5. بكاء الحسين عليه السلام على اعدائه
ينقل ارباب المقاتل انه حينما بقي الحسين وحيدا يلقي تارة نظرة إلى مخيم النساء وتارة ينظر إلى القوم الذين احتوشوه استعدادا لقتله ويبكي ! فسألته أخته زينب لماذا البكاء ؟ قال : أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي.
(اقول وهاهنا تتجلى الرحمة الالهية باعلى صورها.لقد كان كان القلب المقدس لابي عبد الله عليه السلام وهو قلب عالم الامكان يمثل التجلي الكامل للرحمة الهية التي تسع الجميع. فكما ان رحمة الله وسعت كل شئ , كالشمس التي تشرق على ابرارها واشرارها فكذلك كان قلب الحسين (عليه السلام) الذي امتلأ علماً ورحمه وعفواً على اعدائه لعظم ما يقدمون عليه من معصية الله سبحانه وتعالى و قبل ان يقع القتال والسيف لانهم كانوا لا يزالون في فسحة من العودة الى الحق والتوبة )
6. خطبةالإمامالغرّاء يومعاشوراء
روي السيد ابنطاووس (رض) في كتابه اللهوف الخطبةالغرّاء التاليةعنسيّدالشهداء عليهالسلامخطبها يومعاشوراء ، بهذا المضمون:
قالَ الرَّاوي: وَرَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَهُ ، فَبَعَثَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بُرَيْرَ بْنَ خُضَيْرٍ فَوَعَظَهُمْ ؛ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا وَذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا .
فَرَكِبَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَاقَتَهُ ـ وَقِيلَ فَرَسَهُ ـ فَاسْتَنْصَتَهُمْ فَأَنْصَتُوا. فَحَمِدَاللَهَ ، وَأَثْنَيعَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ؛ وَصَلَّيعَلَيمُحَمَّدٍ وَعَلَيالْمَلاَئِكَةِ وَالاْنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ؛ وَأَبْلَغَ فِيالْمَقَالِ ؛ ثُمَّ قَالَ:
تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرَحاً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَالِهِينَ ، فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ ؛ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً لَنَا فِيأَيْمَانِكُمْ ! وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً اقْتَدَحْنَاهَا عَلَيعَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ ! فَأَصْبَحْتُمْ ألْباً لاِعْدَائِكُمْ عَلَيأَوْلِيَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ ، وَلاَ أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ ! فَهَلاَّ ـ لَكُمُ الْوَيْلاَتُ ـ تَرَكْتُمُونَا ؛ وَالسَّيْفُ مَشِيمٌ ، وَالجَأْشُ طَامِنٌ ، وَالرَّأْيُ لَمَّا يُسْتَحْصَفْ ؟! وَلكِنْ أَسْرَعْتُمْ إلَيْهَا كَطَيْرَةِ الدَّبَي! وَتَدَاعَيْتُمْ إلَيْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ !
فَسُحْقاً لَكُمْ يَا عَبِيدَ الاْمَّةِ ! وَشُذَّاذَ الاْحْزَابِ ! وَنَبَذَةَ الْكِتَابِ ! وَمُحَرِّفِيالْكَلِمِ ! وعُصْبَةَ الآثَامِ ! وَنَفَثَةَ الشَّيْطَانِ! وَمُطْفِئِيالسُّنَنِ ! أَهَؤُلاَءِ تَعْضُدُونَ ؟! وَعَنَّا تَتَخَاذَلُونَ ؟! أَجَلْ وَاللَهِ غَدْرٌ فِيكُمْ قَدِيمٌ ! وَشَجَتْ إلَيْهِ أُصُولُكُمْ ! وَتَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُكُمْ ! فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ ثَمَرٍ شَجاً لِلنَّاظِرِ ! وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ ! أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ ! يَأْبَياللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، مِنْ أَنْنُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَيمَصَـارِعِ الْكِرَامِ . أَلاَ وَإنِّيزَاحِفٌ بِهَذِهِ الاْسْرَةِ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ ، وَخَذْلَةِ النَّاصِرِ . ثُمَّ أَوصَلَ كَلاَمَهُ بِأَبْيَاتِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ :
فَإنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً وَإنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا
وَمَا إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينَا
إذَا مَا الْمَوْتُ رَفَّعَ عَنْ أُنَاسٍ كَلاَكِلَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا
فَأَفْنَيذَلِكُمْ سُرَوَاءَ قَوْمِي كَمَا أَفْنَيالْقُرُونَ الاْوَّلِينَا
فَلَوْ خَلَدَ الْمُلُوكُ إذاً خَلَدْنَا وَلَوْ بَقِيَ الْكِرَامُ إذاً بَقِينَا
فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا سَيَلْقَيالشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا
ثُمَّ أَيْمُ اللَهِ لاَ تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إلاَّ كَرَيْثِمَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ ، حَتَّيتَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحَي! وَ تَقْلَقَ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ ! عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِيعَنْ جَدِّي؛ فَأَجْمِعُو´ا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ !إِنِّيتَوَكَّلْتُ عَلَياللَهِ رَبِّيوَ رَبِّكُممَا مِندَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّيعَلَي' صِرَطٍ مُسْتَقِيمٍ .
اللَهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ ؛ وَابْعَـثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنييُوسُفَ ؛ وَسلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلاَمَ ثَقِيفٍ ! فَيَسُومَهُمْ كَـأْساً مُصَبَّرَةً ؛ فإنَّهُمْ كَذَّبُونَا وَخَذَلُونَا وَأَنْتَ رَبُّنَا ! عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإلَيْكَ أَنَبْنَا وَإلَيْكَ الْمَصِيرُ !
(اقول : لاحظوا توكل ابو الشهداء المطلق على الله والاعتصام به في هذا الظرف الرهيب مع علمه ان القوم قاتليه لا محالة وهذا من اعظم الدروس لنا في وجوب الثقة بالله والدعاء وتفويض الامر اليه مطلقا وفي اي ظرف.)
7. يروي الشيخالصدوق قدس سره الشريف فيكتاب«معانيالاخبار» عنأبيجعفر الجواد، عنآبائهعليهمالسلام، عنعليّ ابنالحسينعليهما السلام: لَمَّا اشتَدَّ الامْرُ بِالحُسَيْنِ بنِ علی بنِ أَبِيطَالِبٍ عليهالسَّلامُ نَظَرَ اِلَيْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَاذَا هُوَ بِخِلاَفِهِمْ؛ لاِنَّهُمْ كُلَّمَا اشتَدَّ الاْمْرُ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ، وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ، وَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، وَ كَانَ الْحُسَيْنُ عليهالسلامُ وَ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ خَصَائِصِهِ تَشْرَقُ أَلْوَانُهُمْ، وَ تَهْدَأُ جَوَارِحُهُمْ، وَ تَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أُنْظُرُوا لاَ يُبَالِيبِالْمَوتِ! فَقَالَ لَهُمالْحُسَينُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: صَبْراً بَنِيالْكِرَامِ! فَمَا الْمَوتُ اِلاَّ قَنْطَرَةٌ تَعْبُر بِكُمْ عَنِ الْبُؤسِ وَ الضَّرّاءِ اِلَي' الْجِنَانِ الْوَاسِعَةِ وَ النَّعِيمِ الدَّائِمَةِ. فَأَيُّكُمْ يَكْرَهُ أَنيَنْتَقِلَ مِنْ سِجْنٍ الی قَصْرٍ؟
وَ مَا هُوَ لاِعَدَائِكُمْ اِلاَّ كَمَنْ يَنْتَقِلُ مِنْ قَصْرٍ الی سِجْنٍ وَ عَذَابٍ. إِنَّ أَبِيحَدَّثَنِيعَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اِنَّ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْمَوتُ جِسْرُ هَؤُلاَءِ الی جَنَّاتِهِمْ، وَ جِسْرُ هُؤلاَءِ الی جَحِيمِهِمْ، ما كَذِبْتُ وَ لاَ كُذِبْتُ.
(واقول انا العاصي اقول ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما)
8. نداء الإمام الحسين عليهالسلامفيأتباعشيعة الأبيسفيانيوم عاشوراء
يَا شِيعَةَ آلِ أَبِيسُفْيَانَ ! إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ ، وَكُنْتُمْ لاَ تَخَافُونَ الْمَعَادَ ، فَكُونُوا أَحْرَاراً فِيدُنْيَاكُمْ ! وَارْجِعُوا إلَيأَحْسَابِكُمْ إنْ كُنْتُمْ عُرْباً كَمَا تَزْعُمُونَ ! فناداهشمر : ما تقولُ يا ابنَ فاطمة! قال: أنا الذيأقاتلكموالنِّساءُ ليسعليهنّ جُناحفامنعوا عُتاتكمعنالتعرّضلحرميما دمتُ حيّاً . قَالَ اقْصُدُونِيبِنَفْسِيوَاتْرُكُوا حَرَمِيقَدْ حَانَ حِينِيوَقَدْ لاَحَتْ لَوَائِحُهُ فقالشمر : لكذلك! وقصدهالقوم، واشتدّ القتالوقد اشتدّ بهالعطش. ثمّ إنّهعليهالسلامرجعإليالخيمةوودّععيالهثانياً ، فحملوا عليهيرمونهبالسهام، فحملعليهمكالليثالغضبان، ورجعإليمركزهيُكثر منقول: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ !
(اقول: لاحظوا القيم الانسانية في موقف سيد الشهداء صلوات الله و يستحب ترديد الذكر الشريف :(لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَه)ِ لدفع الشدائد والهموم)
9. دعاؤهعليهالسلامعليجيش الامويين وانصارهم و مخاطبتهلهم
اللَهُمَّ إنَّكَ تَرَيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ عِبَادِكَ هَؤُلاَءِ الْعُصَاةِ ! اللَهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً ! وَاقْتُلْهُمْ بَدَداً ! وَلاَ تَذَرْ عَلَيوَجْهِ الاْرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً ! وَلاَ تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً ! و صاحبصوتعالٍ : يَا أُمَّةَ السَّوْءِ بِئْسَمَا خَلَّفْتُمْ مُحَمَّداً فِيعِتْرَتِهِ ! أَمَا إنَّكُمْ لاَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً بَعْدِيفَتَهَابُونَ قَتْلَهُ ! بَلْ يَهُونُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إيَّايَ ! وَأَيْمُ اللَهِ إنِّيلاَرْجُو أَنْيُكْرِمَنِيَ اللَهُ بِالشَّهَادَةِ ، ثُمَّ يَنْتَقِمَ لِيمِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لاَتَشْعُرُونَ ! فقالالحُصَيْنلعنه الله: وبماذا ينتقملكمنّا يا ابنفاطمة؟
قال(عليهالسلام) : يُلقيبأسَكمبينكمويسفكدماءَكُمثُمّ يصبّ عليكمالعذابَ صَبّاً .
(اقول لاحظوا الاباء الحسيني والعنفوان النبوي في تلكم اللحظات الرهيبة والعزة في مخاطبة الظالمين من دون خوف او تذلل او تملق للظالمين فليكن ذلك درسا لنا! وايضا ان الامام عليه لم يدعو عليهم هذا الدعاء الا بعد استنفاد اخر ماعنده من الوسائل السلمية وبعد قتل انصاره علهم يتوبوا من ضلالهم ويستيقضوا من سباتهم الشقي الذي اوردهم النار وبئس الورد المورود! ولاحظوا رد القوم عليه وخطابهم (يا ابنفاطمة) اي عندهم تصفية حساب مع رسول الله (ص) فمااشقى القوم واكفرهم . ثم ياتي لنا اعرابي سلفي جلف ويقول ان القوم تأولوا فاخطئوا!!)
10. دعاء الامام الحسين (ع) في كربلاء
اللَهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِيفِيكُلِّ كَرْبٍ ؛ وَأَنْتَ رَجَائِيفِيكُلِّ شِدَّةٍ ؛ وَأَنْتَ لِيفِيكُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِـيثِقَةٌ وَعُدَّةٌ . كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ ، وَيَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ ؛ أَنْزَلْتُهُ بِكَ ، وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ ، رَغْبَةً مِنِّيإلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ؛ فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي، وَكَشَفْتَهُ ، وَكَفَيْتَهُ . فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَمُنْتَهَيكُلِّ رَغْبَةٍ .
(سلام الله عليك ياعزيز رسول الله وعزيز امير المؤمنين والزهراء والحسن صلوات الله عليهم والهم ولعن الله من ظلمك وشرك في دمك.اقول هذا الدعاء الشريف يستحب ذكره عند الكرب وغشاية الهموم )
11. الانتقام من قتلة الامام الحسين (ع) في اخر الزمان
مقتل الحسين عليه السلام للسيد المقرم: روى عن أبي جعفر الباقر : أن الحسين قال لأصحابه : أبشروا بالجنة ، فوالله ! إنا نمكث ما شاء الله بعد ما يجري علينا ، ثم يخرجنا الله وإياكم حتى يظهر قائمنا ، فينتقم من الظالمين وأنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب .
فقيل له : من قائمكم ، يا ابن رسول الله ؟ ! قال : السابع من ولد ابني محمد بن علي الباقر ، وهو الحجة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني ، وهو الذي يغيب مدة طويلة ، ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
((اقول : ان الحسين سلام الله عليه هو ثار الله في الارض كما ورد في الزيارة للامام الصادق عليه السلامالسلام عليك يا حجة الله و ابن حجته السلام عليك يا قتيل الله و ابن قتيله السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره السلام عليك يا وتر الله الموتور في السموات و الارض ) وان الله سبحانه وتعالى لابد ان وان ينصر الحسين عليه السلام وياخذ بثاره في الدنيا والاخرة مصداقا لقوله عز من قائل: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. سورة غافر51 ).
12. موقف اصحاب الامام الحسين (ع) في كربلاء
عن كتاب السيد محمد مهدي الحائري: نقل عن زينب بنت امير المؤمنين صلوات الله عليهما انها قالت : لما كانت ليلة عاشوراء من المحرم خرجت من خيمتي لأتفقد أخي الحسين وأنصاره ، وقد أفرد له خيمة ، فوجدته جالسا وحده يناجي ربه ويتلو القرآن ، فقلت في نفسي أفي مثل هذه الليلة يترك أخي وحده ، والله ! لأمضين إلى إخوتي وبني عمومتي وأعاتبهم بذلك . فأتيت إلى خيمة العباس ، فسمعت منها همهمة ودمدمة ، فوقفت على ظهرها فنظرت فيها ، فوجدت بني عمومتي وإخوتي وأولاد إخوتي مجتمعين كالحلقة وبينهم العباس بن أمير المؤمنين وهو جاث على ركبتيه كالأسد على فريسته ، فخطب فيهم خطبة ما سمعتها إلا من الحسين مشتملة بالحمد والثناء لله والصلاة والسلام على النبى . ثم قال في آخر خطبته : يا إخوتي ، وبني إخوتي ، وبني عمومتي ! إذا كان الصباح فما تقولون ؟ فقالوا : الأمر إليك يرجع ونحن لا نتعدى لك قولك. فقال العباس : إن هؤلاء - أعني الأصحاب - قوم غرباء ، والحمل الثقيل لا يقوم إلا بأهله ، فإذا كان الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم ، نحن نقدمهم للموت لئلا يقول الناس : قدموا أصحابهم ، فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة. فقامت بنو هاشم وسلوا سيوفهم في وجه أخي العباس وقالوا . نحن على ما أنت عليه.
قالت زينب : فلما رأيت كثرة اجتماعهم ، وشدة عزمهم وإظهار شيمتهم ، سكن قلبي وفرحت ، ولكن خنقتني العبرة ، فأردت أن أرجع إلى أخي الحسين وأخبره بذلك ، فسمعت من خيمة حبيب بن مظاهر همهمة ودمدمة ، فمضيت إليها ووقفت بظهرها ، ونظرت فيها فوجدت الأصحاب على نحو بني هاشم مجتمعين كالحلقة وبينهم حبيب بن مظاهر وهو يقول: يا أصحابي ! لم جئتم إلى هذا المكان ؟ أوضحوا كلامكم رحمكم الله . فقالوا : أتينا لننصر غريب فاطمة.
فقال ، لهم : لم طلقتم حلائلكم ؟ فقالوا : لذلك . قال حبيب : فإذا كان في الصباح فما أنتم قائلون ؟ فقالوا : الرأي رأيك ولا نتعدى قولا لك . قال : فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم ، نحن نقدمهم القتال ولا نرى هاشميا مضرجا بدمه وفينا عرق يضرب لئلا يقول الناس : قدموا ساداتهم للقتال وبخلوا عليهم بأنفسهم ، فهزوا سيوفهم على وجهه وقالوا : نحن على ما أنت عليه.
قالت زينب : ففرحت من ثباتهم ، ولكن خنقتني العبرة ، فانصرفت عنهم وأنا باكية ، وإذا بأخي الحسين قد عارضني ، فسكنت نفسي وتبسمت في وجهه فقال : أخيه ! فقلت : لبيك يا أخي. فقال : يا أختاه ! منذ رحلنا من المدينة ما رأيتك متبسمة ، أخبريني ما سبب تبسمك ؟ فقلت له : يا أخي ! رأيت من فعل بني هاشم ، والأصحاب كذا وكذا .
فقال لي : يا أختاه ! إعلمي ، أن هؤلاء أصحابي من عالم الذر ، وبهم وعدني جدي رسول الله ، هل تحبين أن تنظري إلى ثبات أقدامهم . فقلت : نعم. فقال : عليك بظهر الخيمة. قالت زينب : فوقفت على ظهر الخيمة ، فنادى أخي الحسين : أين إخواني وبنو أعمامي ، فقامت بنو هاشم ، وتسابق منهم العباس وقال : لبيك لبيك ما تقول ؟ فقال الحسين : أريد أن أجدد لكم عهدا. فأتى أولاد الحسين ، وأولاد الحسن ، وأولاد علي ، وأولاد جعفر ، وأولاد عقيل ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا .
ثم نادى : أين حبيب بن مظاهر ، أين زهير ، أين هلال ، أين الأصحاب ؟ فأقبلوا وتسابق منهم حبيب بن مظاهر وقال : لبيك يا أبا عبد الله ! فأتوا إليه وسيوفهم بأيديهم ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا ، فخطب فيهم خطبة بليغة ثم قال : يا أصحابي ! اعلموا أن هؤلاء القوم ليس لهم قصد سوى قتلي وقتل من هو معي ، وأنا أخاف عليكم من القتل ، فأنتم في حل من بيعتي ، ومن أحب منكم الانصراف فلينصرف في سواد هذا الليل. فعند ذلك قامت بنو هاشم وتكلموا بما تكلموا ، وقام الأصحاب وأخذوا يتكلمون بمثل كلامهم ، فلما رأى الحسين حسن إقدامهم وثبات أقدامهم قال : إن كنتم كذلك ، فارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى منازلكم في الجنة. فكشف لهم الغطاء ورأوا منازلهم وحورهم وقصورهم فيها ، والحور العين ينادين : العجل العجل فإنا مشتاقات إليكم ! فقاموا بأجمعهم وسلوا سيوفهم وقالوا : يا أبا عبد الله ! ائذن لنا أن نغير على القوم ونقاتلهم حتى يفعل الله بنا وبهم ما يشاء. فقال : اجلسوا ، رحمكم الله وجزاكم الله خيرا. ثم قال : ألا ومن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد . فقام علي بن مظاهر وقال : ولماذا يا سيدي ؟ ! فقال : إن نسائي تسبى بعد قتلي وأخاف على نسائكم من السبي. فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته ، فقامت زوجته إجلالا له ، فاستقبلته وتبسمت في وجهه فقال لها : دعيني والتبسم ! فقالت : يا ابن مظاهر ! إني سمعت غريب فاطمة خطب فيكم وسمعت في آخرها همهمة ودمدمة فما علمت ما يقول ؟ قال : يا هذه ! إن الحسين قال لنا : ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمها لأني غدا أقتل ونسائي تسبى ! فقالت : وما أنت صانع ؟ قال : قومي حتى ألحقك ببني عمك بني أسد. فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة ، وقالت : والله ! ما أنصفتني يا ابن مظاهر ! أيسرك أن تسبى بنات رسول الله ، وأنا آمنة من السبي ! ؟ أيسرك أن تسلب زينب إزارها من رأسها ، وأنا أستتر بإزاري ! ؟ أيسرك أن تذهب من بنات الزهراء أقراطها ، وأنا أتزين بقرطي ! ؟ أيسرك أن يبيض وجهك عند رسول الله ويسود وجهي عند فاطمة الزهراء ؟ والله ! أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء
فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين وهو يبكي. فقال له الحسين : ما يبكيك ؟ فقال : سيدي ! أبت الأسدية إلا مواساتكم ! فبكى الحسين وقال : جزيتم عنا خيرا.
(اقول: فلنستفيد دروسا من مواقف اصحاب الحسين (ع) الذين تركوا اعز مالديهم كي يهاجروا الى الله تحت قيادة امامهم العظيم. في وقت كانت الامة مريضة في ارادتها متخاذلة في مواقفها متلكئة في نصرة امامها. )
13. بعض الصفات الحسينية المباركة
في زيارة الناحية المقدسة يصف الامام المهدي (ع) جده الحسين (ع) فيقول:
أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَأَمَرْتَ بِالمَعرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ والعُدْوَانِ ، وأطَعْتَ اللهَ وَمَا عَصَيْتَهُ ، وتَمَسَّكْتَ بِهِ وَبِحَبلِهِ ، فأرضَيتَهُ وَخَشيْتَهُ ، وَرَاقبتَهُ واسْتَجَبْتَهُ ، وَسَنَنْتَ السُّنَنَ ، وأطفَأْتَ الفِتَنَ .وَدَعَوْتَ إلَى الرَّشَادِ ، وَأوْضَحْتَ سُبُل السَّدَادِ ، وجَاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ الجِّهَادِ ، وكُنْتَ لله طَائِعاً ، وَلِجَدِّك مُحمَّدٍ ( صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه ) تَابِعاً ، وَلِقُولِ أبِيكَ سَامِعاً ، وَإِلَى وَصِيَّةِ أخيكَ مُسَارِعاً ، وَلِعِمَادِ الدِّينِ رَافِعاً ، وَللطُّغْيَانِ قَامِعاً ، وَللطُّغَاةِ مُقَارِعاً ، وللأمَّة نَاصِحاً ، وفِي غَمَرَاتِ المَوتِ سَابِحاً ، ولِلفُسَّاقِ مُكَافِحاً ، وبِحُجَجِ اللهِ قَائِماً ، وللإِسْلاَمِ وَالمُسْلِمِينَ رَاحِماً ، وَلِلحَقِّ نَاصِراً ، وَعِنْدَ البَلاءِ صَابِراً ، وَلِلدِّينِ كَالِئاً ، وَعَنْ حَوزَتِه مُرامِياً . تَحُوطُ الهُدَى وَتَنْصُرُهُ ، وَتَبْسُطُ العَدْلَ وَتنْشُرُهُ ، وتنْصُرُ الدِّينَ وتُظْهِرُهُ ، وَتَكُفُّ العَابِثَ وتَزجُرُهُ ، وتأخُذُ للدَّنيِّ مِنَ الشَّريفِ ، وتُسَاوي فِي الحُكْم بَينَ القَويِّ والضَّعِيفِ .
(واقول انا الفقير: هذا النص الشريف يشير الى بعضا من صفات الحسين (ع). فعلى شيعته ومحبيه بل والانسانية جمعاء اتباعه في هذه الصفات من امثال طاعة الله والتمسك بحبله والتوكل عليه والاعتصام به والنصيحة للناس والرحمة بهم والصبر والعدالة ومخافة الله وطاعته والتسنن بسننه والغيره على الاسلام ونبيه (ص) واهل بيته (ع) ومقارعة الظالمين والطغاة وفضحهم ، الى اخره مما دلت عليه الزيارة. فلنستفيد من ذلك في تهذيب نفوسنا والتخلق باخلاقهم عليهم السلام فالانسان الحسيني يطيع الله ويخشاه و يتبع منهج الحسين (ع) وتعاليم اهل البيت (ع) ويتحلى بمكارم الاخلاق ومعالي الصفات الانسانية ، ابي الضيم ، كريما، حرا، وعزيزا. وعن الامام الصادق (ع): ( انما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فاإذا رأيت اولئك فأولئك شيعة جعفر). نسال الله تعالى السداد والتاييد).
14. اهتمامه عليه السلام بالصلاة
روى أبو مخنف : أن أبا ثمامة الصائدي (من انصار الحسين ع) لما رأى الشمس يوم عاشوراء زالت وأن الحرب قائمة قال للحسين ( عليه السلام ) : يا أبا عبد الله، نفسي لنفسك الفداء ! إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها : فرفع الحسين رأسه ثم قال : " ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم ، هذا أول وقتها "
(اقول ان الرسول الاعظم صلى الله عليه واله اوصى بالصلاة بقوله الصلاة عمود الدين. ولذلك نرى ان سيد شباب اهل الجنة عليه السلام لم يترك اقامة الصلاة في وقتها في ذلك اليوم الرهيب الذي تدكتكت فيه الجبال الرواسي. اللهم اجعلنا من المصلين).
مشهد فاجعة كربلاء كما صورها أبو القاسم الزاهي:
كأني بزينبَ حول الحسين ومنها الذوائبُ قد نُشِّرتْ
تمرّغُ في نحره وجهها إذ السوطَ في جنبها أبصرت
وفاطمةٌ عقلها طائرٌ و تبدي من الوجد ما أضمرتْ
وللسبط فوق الثرى جثة ٌ بفيض دم النحر قد عُفِّرتْ
وفتيته فوق وجه الثرى كمثل الأضاحي إذا جُزِّرتْ
وأرؤسهم فوق سُمر القنا كمثل الغصون إذا أثمرت
ورأس الحسين أمام الرفاق كغُرّة صبحٍ إذا أسفرتْ
وأما ابن العرندس الحلي فيقول في ذكرى عاشوراء:
أيُقتل ظمآناً حسينٌ بكربلا وفي كل عضو من أنامله بحرُ
ووالده الساقي على الحوض في غدٍ وفاطمةٌ ماءُ الفرات لها مهرُ
فوالهف نفسي للحسين وما جنى عليه غداةَ الطف في حربه الشمر
ولهفي لزين العابدين وقد سرى أسيراً عليلاً لا يُفكُّ له أسرُ
وآل رسول الله تسبى نساؤهم ومن حولهن العبدُ في الناس والحرُّ
فويل يزيد من عذاب جهنمٍ إذا أقبلتْ في الحشر فاطمةُ الطهرُ
تنادي وابصار الأنام شواخصٌ وفي كل قلبٍ من مهابتها ذُعرُ
وتشكو إلى الله العليّ وصوتُها عليٌّ ومولانا عليٌّ لها ظهرُ
فيؤخَذُ منه بالقصاص فيحرم النعيمَ ويُجلى في الجحيم له قصرُ
ختاما اسال الله العلى الاعلى ان يجعل شهداؤنا في اعلى عليين وان يخلف على اهليهم وان يؤجرنا على هذه المصائب الجليلة التي تحل بشيعة اهل البيت وان يفرج لعراقنا الجريح وان يقطع دابر التكفيريين من الوهابيين والسلفيين والصداميين وافراخهم الدواعش بقايا بني امية واعداء ال محمد (صلوات الله عليهم). يريدون ان يطفؤوا نور الله بافواههم ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون والحمد لله رب العالمين.
مقالات اخرى للكاتب