ان الخوض في فكر المنهج القرآني هدفه العودة لقراءته قراءة منهجية معاصرة للذكر ، وليس تفسيرأ او كتابا في الفقه الميت كما ارادوه لنا فقهاء الدين وكما عالجوه في افكارهم وكانهم لا زالوا يعيشون في القرون الهجرية الاولى للتأليف ؟ ان احسن نص قرأته بهذا الخصوص كان للامام ابي حنيفة النعمان، حين قال :"هم رجال ونحن رجال، والزمن يتغير فلماذا لا نقبل الجديد".
نحن لسنا اليوم بحاجة الى فقه اسلامي يعلمنا البرهان على وجود الله ، أو عدم وجوده ، فان هذا التوجه متروك لعقل القارىء بنفسه. ان الأيمان بالله او الألحاد هي مًسلمة يختارها كل انسان بنفسه نتيجة معاناته او قناعاته الفكرية معتمداً على قول الحق : "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أنا اعتدنا للظالمين ناراً"الكهف 29. ولم يقل الله للكافرين بل قال للظالمين،لان الظلم مشترك بين المؤمن والكافر. لذا فهناك علاقة جدلية بين الكفر والأيمان. فالحرية متوفرة في الايمان لكنها ممنوعة على الظالم في الظلم ،فمن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطاناً. وكلمة الظلم تعني بالمعنى الواسع لكل من ظلم انسانا او وطنا او شعبا
او فئة معينة.
من هذا التوجه القرآني العظيم في الحق المطلق ، ظهر الفكر الاسلامي يحمل الطابع العالمي الأنساني للمسلم وغيره ، لذا فالقرآن وكل الكتب السماوية المنزلة من قبله موجهة للانسان بغض النظر عن عقيدته ، ملحداً أو كافراً،لذا حصر الهدف في الايمان بالقناعة الخاصة دون أكراه، وقد يجده في شيء يبحث عنه.
في الايمان الحقيقي يتجاوز الانسان كل انواع التعصب المذهبي والطائفي والعنصري ، لأن رائد الانسان هنا هو البحث عن الحقيقة بشكل موضوعي.
ان النظرة للاسلام يجب ان تكون من خلال مدرسة لها منهج صحيح لا يفرق بين ابناء البشر، ( كلكم لآدم وآدم من تراب)،لذا أعتقد من اجل ايجاد الهدف الاساس لمنهج
اساس هو تجاوز الموروث والخروج عليه، فقد تعداها الزمن واصبحت من الماضي.فالمنهج المدرسي هو النقطة القاتلة في البحث العلمي لتجاوز نقطة الضعف في التعليم ، وفيما اختلف فيه الفقهاء من اشكاليات المسائل الاساسية التي تنطلق من مسلمات معكوسة أورثت لنا كل هذا الاختلاف الذي لا أصل له في العقيدة ،وتأصلت في عقول الناس وهماً.
ان المنهج الصحيح يجب ان يؤخذ ابتكارا من خلال اراء المدارس الكلامية واللغوية المختلفة الاتجاهات للحصول على افضل النتائج ، لأن الألفاظ المختلفة هي خدم للمعاني المختلفة،وان اللغة العربية لا ترادف فيها ابداً.لأن الترادف الذي خلفته لنا المدارس اللغوية خدعة لم يفطن اليها مؤلفو المناهج، كما ظهر في مدرسة ابن جني والجرجاجي وابي علي الفارسي الذين رفضوا الترادف اللغوي بالبرهان والدليل، واشاروا الى ان النحو والبلاغة علمان متتامان غير منفصلين،من هنا وبعد الاطلاع على المناهج اللغوية التي تدرس اليوم ،نجد ان هناك أزمة حقيقية في تدريس مادة اللغة العربية والدين في المدارس والجامعات لا احد ينتبه اليها اليوم،وسط ظروف الفوضى السياسية والتعليمية الحالية.
الأشكالية التي تواجهنا اليوم هي عدم التفريق بين مصطلحات الكتاب في القرآن،والفرقان، والذكر،وأم الكتاب، واللوح المحفوظ،والامام المبين، و الحديث،وأحسن الحديث في المعنى،والفرق بين الأنزال والتنزيل في الكتاب والتي أهملها الفقهاء واصبحت معرفتها اليوم عند الكثيرين وهماً. .
من هنا فنحن بحاججة ماسة الى دراسة مصطلحات الكتاب لنقف على الفرق بينها ،في حين أنها جاءت موحدة المعنى حسب رأي الفقهاء والمفسرين فأين الصحيح من الخطا في التقييم ؟. فكلمة الترادف أصبحت لدينا هنا هي احدى الاشكاليات التي بحاجة الى دراستها لمعرفة اصول المصطلح، لنتمكن من دراسة اصول المنهج الجديد ،والا سنبقى بعد الف سنة اخرى لا نتقدم قيد أنملة مثل العالمين..
غداً نظرية الترادف اللغوي والمنهج الجديد، وسيتضمن المقال تعليقا على رد الاخ الفاضل حسين الخزاعي
مقالات اخرى للكاتب