في السويعات الاخيرة من كل عام، ومثل أكثر العراقيين أتبادل التهاني مع الاهل والاحبة، بعبارات جميلة تحمل أمنيات كبيرة، ان يكون العام القادم عام خير ومحبة وسلام على العراق والعراقيين، فأنتقي من صور الورود أجملها ومن العبارات أعذبها وأعززها بالأدعية، علها تبعث الطمأنينة في قلوب المتلقين، أما التهاني التي كنت أبعثها لصديقي المسيحي (بسام) فتكون مميزة، لما لهذه المناسبة من مكانة كبيرة في قلبه.. قررت هذا العام ارسال التهاني على تطبيق (الوتساب) مبكرا، في مبادرة قد تشعر احبتي بالاهتمام والمكانة الكبيرة التي أحملها لهم، مثلما تشعرني حتما بالسعادة، ومثل الاعوام السابقة الانطلاقة تبدأ بصديقي (بسام)، وأنا افتح صفحته تفاجأت بعبارة ظهرت أعلاها بجوار أسمه تقول: بان آخر ظهور له قبل أسبوع، استغربت، فما كان بي الا أن أتصلت به، وجدت هاتفه مغلقا، توجست عليه خيفة، وبعد تفكير عميق، اتصلت بصديقي عمران(جاره الاقرب)، جوابه كان مقتضبا، قال عبارة لا أكثر: هاجر الى برلين، لم يقل غيرها وهو يعتصر الما ويبتلع ريقه بصعوبة، قالها والحيرة تغرغر في حنجرته، وما أن أغلقت الهاتف حتى مرت كل الساعات التي أمضيناها معا في مخيلتي مثل شريط سينمائي، لم أجد فيها فعلا واحدا كدر خاطري يوما، كان متسامحا حد النخاع، يشاركنا أفراحنا واتراحنا، ترك خزينا هائلا من الذكريات الطيبة، ، لعنت زماننا الذي جعله يهيم صوب عاصمة الثلوج هاربا من الموت اليومي المتعدد الانواع والاشكال..
لم تتغير عبارة” آخر ظهور” عند جميع أصدقائه يبدو أنه قرر أنهاء ارتباطه، فتواصله معنا يفجر بداخله ينابع الذكريات والتي ستزيد من المه، لم نجد غير هذا التفسير، فالجميع واثقون من وصوله بسلام الى البلاد البعيدة، رغم علمهم أن الرحلة محفوفة بالمخاطر الكبيرة، وما يجعلنا متأكدين صلابته وحبه للحياة.
ما اعلمه علم اليقين ان العراق سيبقى بداخله وأن غادره فلن يغادر قلبه، وسيبقى كما عهدته متابعاً جيداً لما يكتبه اصدقاؤه، ويبحث عن كتاباتهم في ارشيف الصحف على الانترنت، لذا أطل عليه من مقالي هذا واقول له: هو القدر يا صديقي جار علينا، فرق الاحبة، أحرق الارض و القلوب، يا صديقي أعرف قدر حبك للعراق واهله، لكنك وجدت في بلاد (ميركل) ما افتقدناه، أمر محزن أن أفتقدك هذا العام الذي التقى فيه العيدان- المولد النبوي الشريف بولادة السيد المسيح – يقينا أنك لو كنت معي لكانت فرحتي أكبر، لكن رحيلك ترك جرحا غائرا في نفسي، ما يهون علي اني رايتك مرات بأحلامي سعيدا، ويطرق عليك “بابا نويل” بابك، بثيابه الحمر وعربته التي تسحبها الايل على ثلوج برلين الناصعة البياض، حاملا لأبنائك الهداية الجميلة، والسلام، بعيدا عن البلاد التي أضحت طاردة لأبنائها، ما ارجوه منك صديقي أن تقول لأبنائك أن مسلمين سبقوك للهجرة ورافقوك في الزورق وانت في طريقك للجزر اليونانية، وان المساجد تشارك الكنائس ظلم الارهاب الاسود، ولا تنسى يا حبيبي أن تقول لهم ما كنت اكرره عليك، حديث رسولنا الكريم محمد (ص) “من آذى ذميا فقد آذاني”.
مقالات اخرى للكاتب