عادة تزيين شجرة الميلاد تقليد شائع عند الكثير من الناس وخصوصا المسيحيين منهم حيث يقوم هؤلاء بنصب الشجرة داخل بيوتهم وتزيينها قبل ايام من عيد الميلاد او تزيين اشجار الحديقة ان وجدت، وذلك تعبيرا عن فرحتهم واحتفالهم بميلاد سيد السلام يسوع المسيح، ومسيحيو العراق كغيرهم من مسيحيي العالم يتمنون ان يحتفلوا بميلاد نبيهم ويعبروا عن سرورهم بهذه المناسبة العظيمة على قلوبهم لكن هناك الف سبب وسبب يمنعهم من القيام بذلك.
كمواطنين من هذا البلد ( الديمقراطي حتى النبع والمحافظ على حقوق الانسان بلا مثيل ) ليس كثيرا علينا ان تكون مناسباتنا الدينية عطلة رسمية، وليس كثيرا علينا ان نحتفل بهذه المناسبات بسلام بلا خوف بعيدا عن المضايقات واهانات المتشددين، وليس كثيرا علينا ايضا ان تقوم الحكومة بالاحتفال معنا ولو مجاملة لاشعارنا باننا موجودون ومقدرون حقا في وطننا الذي تمتد جذورنا به بامتداد تاريخه.
معاناة مسيحيي العراق ليست بحاجة الى شرح او تفسير فهي واضحة وضوح الشمس فهناك مأساة جديدة مع كل يوم جديد لذلك لن نتطرق اليها لكي لا يمل القاريء من تكرارها، لكن العجيب في الامر والغريب في القضية ان تعلن امانة بغداد عن وضعها اكبر شجرة ميلاد ( كريسماس ) في منطقة الشرق الاوسط بحديقة الزوراء احتفالا بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية بهدف مشاركة المسيحيين افراحهم ومسراتهم بهذه المناسبة السعيدة، والاغرب من هذا ان يقوم رئيس مجلس النواب السيد سليم الجبوري وبحضور نائبيه يوم الخميس المصادف 17/12/2015 بافتتاح شجرة الميلاد في باحة المجلس، حيث ان نصب شجرة الميلاد جاء بناء على طلب تقدم به النواب من المكون المسيحي الى رئيس مجلس النواب الذي ابدى موافقته على الطلب واوعز الى الجهات المهنية المعنية بتنفيذ ذلك ( الف شكر ومليون قبلة لنوابنا المسيحيين في مجلس النواب على انجازهم العظيم هذا وعلى جرأتهم للمطالبة بنصب شجرة الميلاد في باحة المجلس! ).
لن نعود الى الوراء كثيرا لاحصاء الفواجع التي لاحقت المسيحيين العراقيين وذلك كي لا نثير الجروح القديمة، لكن بودنا ان نسأل امانة بغداد الم يكن الاجدر بها، وبدلا من نصب شجرة الميلاد، ان تبحث مسألة تزوير اصول عقارات المسيحيين في بغداد والاستيلاء عليها وتحويل ملكيتها بطرق غير شرعية من قبل افراد معروف انتمائهم!، الم يكن الاجدر بامانة بغداد المحترمة الاجتماع لمناقشة المناشير العلنية التي حذرت المسيحيين من الاحتفال بميلاد يسوع المسيح وطالبت المسيحيات بلبس الحجاب.
اما نوابنا في مجلس النواب الموقر فانجازهم هذا يعتبر مفخرة ليس لشخصهم الكريم فحسب بل للمسيحيين ككل، لانهم بذكائهم وجرأتهم اختصروا معاناة المسيحيين بتزيين شجرة في باحة مجلس النواب!، وبذلك فان مشكلة الموظفين المسيحيين المنسبين الى اقليم كوردستان قد حلت، ومعاناة اهلنا المهجرين المشردين هنا وهناك قد انتهت، واشكاليات المادة ( 26 ) من قانون البطاقة الوطنية وتأثيراتها المستقبلية على الوجود المسيحي في العراق قد حلت ايضا!!! ( وذلك بسبب شجاعة واصرار النواب المسيحيين في مجلس النواب ).
همسة: نعرف انه ما من رابط بين شجرة الميلاد وقبلة يهوذا التي سلم بها السيد المسيح لليهود والتي خلدها التاريخ كاشهر رمز للخيانة، لكن في بلد المتناقضات ( العراق الجديد ) فان التناقضات تجمعنا دائما وابدا، فشجرة الميلاد هذه ليست سوى مكياج لتجميل القباحة وقبلة اخرى على غرار قبلة يهوذا لتهجير ما بقى من المسيحيين في العراق.
مقالات اخرى للكاتب