في السياسة كُل المتغيرات جائزة، عدو الأمس صديقُ اليوم، وصديق اليوم صديقٌ أكثر، هذا ليسَ منطق "مثالوجي"، بقدر ما هو منطق واقعي، أسألوا بيروت عنه!
لم يكن العماد ميشيل عون صديقاً لحزب الله، كذلك الحريري وتيّار المستقبل، العكس صحيح وغير صحيح، كل لبنان كانت متوترة، وبيروت في زحمة الأزمات تناست.. زحمة الطريق والمواصلات، بل أنّ شعبها الودود جداً تناسى، إنهُ بدون رئيس لمدة سنتين!
حتّى أفضل "الفوّالين" لم يكن يتوقع هذه النهاية، نهاية النهاية وبداية البداية، في آخر ثلاث سنوات كانت الأزمات الداخلية في لبنان تصل ذروتها، ويوماً بعد يوم تزداد حدة الصراع، كلنا توقعنا إن تدخُل حزب الله في سوريا، كانَ القشّة التي قصمت ظَهرَ "المصير المشترك"، لكن.. لنعترف ومن يعترف بذنبهِ يبغي الفضيلة، إننا كنا مخطئين.
أبتعد الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله في خطابهِ الآخير، عن أي شيء من شأنهِ ضرب العلاقة الوديّة الوليدة، هو تناسى الخلافات القديمة، الخصام والمحكمة و التهمة، وأهل الدمِ على ما يبدو شكلّوا الحكومة! هنا ننظر للأمور من منظار التسويات الكُبرى، بعيداً عن طائفٍ جديد، أو رؤية باريس للأمور.
لم يتطرق الأمين العام لقانون الأنتخابات كما هو معتاد، لم يضخم المستجَّد ولم يقلل منه، الحكومة ملزمة بآخذ دورها الكامل، هذا منطق الخطاب الآخير، دعمٌ علني وغير مبطن، وفي الطرف الآخر هناك من يفهم ويتفهم هذه اللغة.
كل تلك التصعيدات، حزب الله في سوريا يقاتل، وتيار المستقبل في الرياض يُماطل، وفي أقصى برج "إيفل" تجد مسيحياً يحتفل بالشكوى، كل هذه الأزمات، كل الصراعِ والإتهام والفوضى وذاكرة الحرب القديمة، لعبة المال والسياسة والتسليح والبترول، معَ كل مؤمرات "تل أبيب"، كلها بجملتها قتلتها تسوية!
إن العقل الواعي المدرك للنهايات القديمة، يعرف جيداً إننا أيضاً متوجهين نحو نهايات جديدة، نهايات النهاية التي تؤسس لبدايات البداية، بداية جديدة لا عسكرة فيها ولا صراع، لا تزاحم ولا تآزم، لا دماء لا إماء، فليست بيروت بعيدة عن دمشق، ولا هي أذكى من بغداد..!
مقالات اخرى للكاتب