التراجع الكبير في أسعار النفط والذي وصل الى أكثر من 60% من الأسعار التي كانت عليها منذ منتصف العام الماضي، وتأثر الاقتصاد في العديد من الدول المصدرة للنفط والحاق خسائر كبيرة لها الى الحد الذي دعا صندوق النقد الدولي الى دق ناقوس الخطر الذي يمكن ان يشكله هذا الانخفاض الكارثي في الاسعار مقابل الصادرات البسيطة للعديد من هذه الدول ومنها (العراق) الذي تقلصت عائداته النفطية مع الارتفاع الكبير في مصاريفه، خاصة في حربه الشامله والمستمرة منذ عدة سنوات والتي تأثرت بعد هبوط أسعار النفط وآثاره القاسية على الدخل وبرامج التنمية والتي صنعت جملة تحديات جدية وخطيرة تتطلب من كل صاحب راي وشعور واحساس بالمسؤولية ان يقدم ما يملك من افكار وخطوات من اجل تدارك ما يمكن تداركه، حيث انه ليس من الانصاف اليوم التأكيد او تكرار النقد والانتقاد للحكومة وسياساتها واجرائاتها وفسادها الواضح والذي هو اوضح من شمس النهار، بل لابد لنا ولغيرنا من المساهمة في عرض أفكار وحلول لما يمكن ان يكون بداية لوصفة علاج او اسعاف للوضع الصعب الذي نعيشه هذه الايام.
ان الوضع والحال الذي يمر به العراق واقليم كوردستان يتطلب اجراءات جدية وسريعة وحاسمة من اجل وقف الآثار الكارثية للانخفاظ الكبير في اسعار النفط، مما يتطلب قوانين وقرارات واضحة ورادعة من اجل ادامة وتوفير الموارد الضرورية واللازمة لمواجهة وتمويل الحرب الشاملة ضد الارهاب وما يتطلبه من تأمين الجبهة الداخلية وتحصين المجتمع من الدعايات والطروحات التي قد تستغل الاوضاع الراهنة في سبيل اسقاط وتسقيط كل ما هو موجود بهدف تحقيق اهداف الارهاب.
واهم هذه الخطوات التي نعتقد انها يمكن ان تساعد في معالجة عجز الميزانية هي:
1-تشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم الاقتصادية اي الجرائم التي تقع على الاموال العامة في الحالات والظروف الاستثناية مثل حالات الحروب والازمات، واي حال يمكن ان يكون أسوء مما يمر به العراق واقليم كوردستان في هذه الايام والتي تتطلب قوانين واجراءات استثنائية قاسية ورادعة تحفظ المال العام.
2-وحتى بعد الحكم عليهم وتنفيذ العقوبات المفروضة عليهم يجب الاستمرار في حجزهم وعدم الافراج عنهم الا بعد ان يردوا ما أختلسوه وسرقوه من اموال الشعب، لان القانون العراقي يمنع الافراج عن مختلس المال العام حتى بعد انقضاء مدة عقوبته الا بعد اعادة ما اختلسه او سرقه وطبقا لما نص عليه قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (120) في 27/ 8/ 1994(نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد3526في 5/9/ 1994) والذي نصت مادته الاولى على ان ( لايطلق سراح المحكوم عن جريمه اختلاس او سرقه اموال اوعن اية جريمه عمديه اخرى تقع عليها بعد قضائه مدة الحكم مالم تسترد منه هذه الاموال اوما تحولت اليها اوما ا بدلت بها او قيمتها ) وهو قرار نافذ في العراق لكنه غير ساري ومطبق في اقليم كوردستان مما يدعونا الى الطلب من برلمان اقليم كوردستان الى اصدار قانون لانفاذه او اصدار قانون جديد بمثل مضمونه لغرض معالجة الفساد والمفسدين في الاقليم.
3-العودة الى الاصول والقواعد العامة في كل قوانين التقاعد في العالم، وهو لا يمكن ان يستحق التقاعد اي شخص الا بعد ان يمضي مدة خدمة فعلية في الوظيفة التي شغلها وبلوغه سنا معينا لا يقل عن 65 سنة ، والغاء كل رواتب التقاعد الممنوحة من عام 2003 لعشرات اومئات الآلاف الذين لم يداوم بعضهم الا اياما معدودة وحصل على راتب تقاعدي بدرجة وزير او نائب او مستشار وهي اموال حرام وسم زعاف يمصونه من دم الشعب العراقي.
4-اجراء التعداد والاحصاء السكاني والتعاقد مع شركات عالمية متخصصة لتنظيم بطاقة مدنية (برقم مدني واحد) لكل مواطن بديلا عن كل القوائم والوثائق الموجود والتي كثيرا ما تحتاج الى كتب تأييد صحة صدور او تم تزويرها خلال مراحل سابقة، وهذا الامر ليس صعباً والدليل قيام هيئة الانتخابات المستقلة بتنظيم بطاقة انتخابية لملايين الناخبين بوقت قصير، وهو ما يعني ان الدولة والحكومة عندما تريد شيئاً لمصلحتها فانها تستطيع تنفيذه ، اما ما يخص مصلحة الناس فالاعذار والمعوقات لا تنتهي.
5-تخصيص راتب حماية (معونة اجتماعية ) لكل شخص او عائلة بحث لا يبقى احد من دون راتب، لاننا عندما نطالب بالغاء الرواتب التقاعدية فيجب ان يكون هناك حد ادنى لراتب متساوي يستلمه جميع المواطنين وتخيير المواطن في استلام الراتب الاعلى مع تجريم كل من يستلم اكثر من راتب بعقوبة قاسية واعلان ونشر الاحكام الصادرة في هذه الجرائم بما يخلق وعي وثقافة عامة تحول نظرة المجتمع الى هؤلاء السراق من كون عملهم شطارة او مهارة في المعيشة الى جريمة مخلة بالشرف والاخلاق .
6-تنظيم واعادة البطاقة التموينية وباسلوب جديد عن طريق كوبونات مثل كوبونات النفط والبنزين بحيث يستطيع المواطن صرفها من الاسواق والمحلات، وتقوم بعدها الحكومة بتسديد ثمنها وفق السعر الحقيقي للبضائع الواردة.
7-واخيرا تنظيم حصول المواطن على الكهرباء ووقود التدفئة والماء بحيث يحدد حد ادنى لكل شخص وحسب افراد العائلة بسعر منخفض مدعوم من الحكومة، ومايزيد بعدها يتم رفع السعر بشكل تصاعدي على الاستهلاك الزائد عن الحد الطبيعي المقرر وبما ينمي الشعور بالمسؤولية الفردية تجاه الجماعة والثروة العامة في البلد.
واخيراً قيل: بدلاً من ان تلعن الظلام أشعل شمعة، ونحن نتمنى ان تكون الاسطر اعلاه شمعة في معالجة طريق الميزانية المظلم.
مقالات اخرى للكاتب