كان في ذهني أن يكون العنوان ( الفوضى هي النظام ) مناسبا ، ويطابق واقع الحال ، ونتائج الفوضى الخلاقة ، لكن وجدت في ( موقف شاذ ) قرأته بعد اختياري للعنوان ، يدعو الى التعجب ، والاستنكار والاتعاظ ، والاستفادة من درسه ، وأوحى لي بذاك بعنوان أخر ...وفي الحالتين لم يخرج عن المضمون نفسه ، وهو قد يكون مثيرا ، وغريبا ، ولكنه الحقيقة ، وقانون ( البناء والتطوروالحرية ) للشعوب على ( الطريقة ) الامريكية الجديدة القديمة ، عندما بدأتها الولايات المتحدة في فيتنام ، وفشلت فيها وخرجت مهزومة منها ، وكذلك ولت هاربة من العراق بالنتيجة نفسها ، وتحاول العودة بطريقة أخرى ، من خلال محاربة الارهاب ، وكأنه لم يكن أحد نتائج إحتلالها الغاشم ، باعتراف الامريكيين أنفسهم ، وهي (وثائق قانونية ) يمكن العودة اليها ، وتفيد العراق في حالة مطالبته بالتعويض عما لحقه من دمارمادي وضحايا بشرية جراء الاحتلال والارهاب .. وهناك من يتساءل بتعجب ..لماذا لم يستغلها مجلس النواب ويطالب بالتعويض بدل هذه ( الازمة ) التي لم تسفر عن نتائج تغير من واقع المحاصصة ، إن لم تكن قد عززتها أكثر ؟... ومن يتابع الاخبار اليوم يصاب ( بالدوخة ) ، فأينما يدور ، ويتنقل في ( الفضاء ) بضغطة إصبع على ( الماوس ) يصاب بالدوار والغثيان ، و( الصداع الفكري) و( الزغللة السياسية ) لما يشاهده من خراب ودمار وقتل وفقر ، وفوضى ، ومآس تفوق المألوف والمتصور، والحلقات الاضعف ( الطفل والشيخ والمرأة ) كانسان ، والنامية كدول ، هي الأكثر تضررا من هذه السياسة ، وكأن الانسانية تعيش عصر ( الجاهلية السياسية ) .. ومما يثير الريبة والشك أن الازمات عندما تنشب تستمر في التعقيد ، والتصاعد والتراكم ، دون أن تجد الحل ...ولم يسأل أحد لماذا ..؟.. أليست هذه هي الفوضى الخلاقة ...؟.. واذا كانت ( نبؤءة ) من صنعها أنه سيعقب هذا الاضطراب والفوضى ( نظام وتنظيم ) ، وحياة مستقرة ، ورخاء وبناء وتطور ، فليس من المعقول أن تستمر
الحال لعقود في استنزاف الارواح والثروات بدون نتيجة مثمرة ، أو تكون على حساب شعوب اخرى ، أو تصادر حق أجيال لصالح أجيال قادمة من إجل إثبات صحة النظرية المزعومة !... أليست الحياة الدنيا مرة واحدة لا تتكرر ، وليست أبدية كما هي الاخرة ، دار القرار ، أم هي في نظر أمريكا ( دنيا أبدية ) ، أو هناك ( دنى ) - جمع دنيا – كثيرة ، فلا بأس من أن يفرط الانسان بواحدة من أجل أخرى ..؟! ولماذا تكون حياة الشعوب تجارب لمدارس في الحروب ، ومختبرات لاسلحة بما فيها المحرمة ، ووسيلة للثراء ، وجمع المال بطرق غير مشروعة على حساب الشعوب ، ووسيلة لاثبات صحة نظريات في السياسة ..؟.. وهذه ( الاختلالات ) اليوم هي من نتائج الاحتلال الذي نتجرع ذكرى مرارته هذه الايام بعد أن صادرسيادة دولة ، وانتهك حرمات ، وكرامات بلاد ، واستهدف حياة شعب بكل تاريخه ، وتدمير كل شيء ، بما في ذلك آثاره ونهبها ، وجاء الارهاب ليدمر ما لم ينله الاحتلال بدباباته وصواريخه وطائراته وجنوده.. فليس في الامر غرابة ، عندما يقولون أن الفوضى ستحقق النظام ، و( الهرج مرج ) علامة التحضروالديمقراطية ، ومشاركة الجميع في الحكم تضمن وجود ( معارضة ) برلمانية ، والتدميرهو من أجل البناء ، والموت هو من أجل بقاء الحياة ، والخوف من عبوة أو مفخخة أو كاتم هو تحسب في طريق الحرية ، والتشرذم يمكن أن يقود الى الوحدة ، والتقسيم يضمن حقوق المكونات ، والمحاصصة تحقق العدالة بينها ...( !!! )... وعندما تقلب صفحات التاريخ ، وترجع قليلا الى الوراء ..الى الحرب في فيتنام لا تجد غرابة ، أو يأخذك العجب مما يحصل اليوم ، فعندما ( سأل جندي أحد الضباط عن سبب إبادته لقرية برمتها ) فقال ( من أجل أهلها ) ..وعلى ذمة الكاتب الذي أشار الى هذه الحادثة في مقال له ( أنه بعد أن عاد هذا الجندي الى امريكا قضى ما تبقى من حياته في أحدى المستشفيات العقلية )... ذلك هو الاحتلال ...! وتلك هي السياسة الامريكية !.. وواهم من يصدق بها ..
فهل من متعظ ..؟!
مقالات اخرى للكاتب