هنا قبل الولوج في صلب الموضوع لابد من توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات ليتسنى لنا بعد ذلك , الشروع بالكتابة في صلب المقال , خصوصا ان المقال يخص العراق كدولة بعد عام 2003 , وانتقاله من حكم الانظمة الديكتاتورية , الى حكم نظام ديمقراطي , وفقا لدستور حدد الحقوق والواجبات للمواطن .
الدولة , وماهي الدولة ؟. ووفقا لما جاء به روسو حيث يقول : الدولة هي تطابق الحكام والمحكومين , فلا حكم شخصي من فرد على فرد على فرد , ولا تبعية من فرد لفرد , ولا طاعة عمياء , ولا خضوع , بل هو عقد اجتماعي منح بموجبه الحاكم صلاحيات يتسنى له من خلالها ادارة الدولة , شريطة ان لا يخل بها او يستخدمها لشخصه .
هذا يعني ان الفرد الحاكم او مجموعة الافراد الحاكمون , هم امناء على الحقوق العامة , ومتى ما كان الحاكم حكيما فهو يتمتع بتلك الامتيازات التي منحت له بموجب عقد اجتماعي بينه وبين الجماعة , اما اذا كان الحاكم حاكما لشخصه او مصالحه الخاصة ووظف السلطة الممنوحة له بموجب ذاك العقد , فهو يكون قد اخل بالعقد , وهذا يعني بطلانه .
ان اركان الدولة هي ثلاث : الشعب والارض والسلطة , وان الاخيرة تخرج من صلب الشعب , مما يعني ان ركن الشعب هو اهم الاركان الثلاثة , لماذا ؟ .
كونه هو من يمنح الشرعية للسلطة الحاكمة , ولاشرعية بدونه .
ولاشرعية لأي سلطة ما لم تحصل على تفويض من الشعب , ووفقا للنهج الديمقراطي الذي اعتمده النظام السياسي في العراق بعد عام 2003م , نجد ان السلطة العراقية , قد منحت تفويضا من قبل الشعب عبر صناديق الاقتراع محدد بأربع سنوات قد حددها الدستور العراقي الدائم والصادر عام 2005 م .
في عصرنا هذا لا يمكن ان نعيش الا ضمن الدولة القطرية التي لها حدود واضحة ومعروفة لدى المواطن العراقي , ولهذا فان الدولة القطرية ينصب جهدها فقط لخدمة مواطنيها الذين يتمتعون بحمل جنسيتها , ( مع حفظ حقوق رعايا الدول الاخرى الذين يعيشون على اقليمها ) .
وكذلك لابد من ان نسأل ان العراق كدولة هل استطاع الرقي بالإنسان العراقي ؟ , ونقله الى مرحلة المواطنة ؟ . ام انه بقي انسانا على الرغم من وجوده ضمن حدود الاقليم العراقي ؟.
ربما يتساءل البعض حول الفرق بين الانسان والمواطن ؟.
هناك فوارق كبيرة بين الانسان الأنسان وبين الانسان المواطن :
الانسان عادة ما يعيش مع الطبيعة ويتكيف معها , اما المواطن يعيش في ظل الدولة وكنفها .
الانسان يندفع مجبرا للعيش مع الجماعة لغرض تأمين حاجياته , بينما المواطن يشعر بالمسؤولية تجاه الاخرين , وان حاجاته هي جزء من حاجات الاخرين , لهذا تنصب جهوده في الصالح العام .
الانسان يتبع سلوكا فضفاضا , وغير محدد ووفقا للطبيعة التي يعيش فيها , وان مصلحته الخاصة به , هي التي تفرض عليه سلوكه , وتصرفاته , بينما المواطن يعتمد سلوكا محددا , ويضبط حركته القانون الذي بموجبه اصبح مواطنا , فكما له حقوق عليه واجبات .
الانسان يعتمد كل وسيلة تحقق رغباته ومصالحه , بينما المواطن يعتمد على وسائل حضارية اساسها العلم والثقافة , تصب في مصلحة الجميع .
الانسان هو بحد ذاته كفيل لتحقيق رغباته ومصالحه , بينما حقوق المواطن تكفلت بها الدولة التي يعيش فيها واقرها الدستور , وان الدولة هي التي تعيد اليه الحقوق .
هذه هي سلوكيات الانسان وسلوكيات المواطن ووسائل الانسان في حصوله على حاجياته , و وسائل المواطن في حصوله على حاجياته , فهل تمكنت الدولة العراقية المتمثلة في نظامها السياسي الجديد ؟ . وان تبني مواطنا وفقا لتلك المعيار ؟.
الجواب لا يحتاج الى جهد كبير وبإمكان اي مراقب او باحث او متتبع , ان يقول كلا بناءا على ولاءات القوى السياسية والفكرية والعقائدية العابرة للحدود , وعدم تقيدها ب بحدود الدولة التي يحكمها قانون ودستور ينظم العلاقات الاجتماعية للأفراد , وبالتالي فأن العراق في ظل هذا الفشل سوف لن يبقى عراق الهوية الوطنية , مما سيتعرض الى التمزيق .
مقالات اخرى للكاتب