طوال الأسبوع الماضي حاول نقاد المسرح في بريطانيا والولايات المتحدة الإجابة عن سؤال واحد: هل أفلح الممثل بنديكت كمبرباتش بتأدية دور هاملت في المسرحية الجديدة المقدّمة في «وست إند» لندن هذه الأيام؟
ربما تم طرح السؤال على أكثر من ممثل من قبل، خصوصًا إذا ما كان ممثلاً شابًا كحال كمبرباتش (39 سنة)، لكن هذه المرّة هناك ما يجعل السؤال، لدى نقاد المسرح، مهمًا: خلفية الممثل سينمائية منذ أن قام بأدواره الصغيرة السابقة في منتصف العشرية الأولى من القرن الحالي، ما يجعله، في عرف البعض، رهانًا صعبًا خصوصا أن معظم ما مثله في السنوات الخمس الأخيرة أميركي.
إلى حد ما كان مفاجئًا أن معظم الحكم كان لصالحه: «إنه جيد بامتياز»، كتب جو إيتيشي في موقع Deadline، «إنه يستولي على المسرح» كتب بول تايلر في صحيفة «ذا إندبندنت»، أما بن برانتلي في «ذا نيويورك تايمز» فكتب أن «كمبرباتش جيد لدرجة إنني أردت أن يكون أفضل. مليء بالحركة وغير ممل بالمرة». ولعل مايكل بيلينغتون كان أكثر وضوحًا عندما أشار في «ذا غارديان» إلى أن «تمثيل كمبرباتش كان جيّدًا لكن سجين إنتاج رديء مليء بأفكار غير ناضجة».
للمناسبة، نحن النقاد العرب كثيرًا ما نحذر من أن يساء فهمنا لدى من ننتقدهم. حساسون لمسألة أن يعتبر المخرج أو الممثل أو أي صاحب عمل فني أن النقد موجه إليه على موجة أثير شخصي. في مقالته، يصف بيلينغتون المسرحية بـ«القمامة»، تعال واذكر ذلك على العلن تعليقًا أو نقدًا لمسرحية عربية. وكم خسرت من صداقات لأني انتقدت، وبكلماتي المهذبة ولو كانت صريحة، أعمالاً لم تحقق علامة الجودة.
بالعودة إلى كمبرباتش، يبدو أنه اجتاز الامتحان. كوني لم أشاهد المسرحية بعد يجعلني أبعد من أن أدلي بصوتي الخاص، لكن حتى الذين كرهوا المسرحية كالوا له المديح وهذا يجعله سعيدًا هذه الأيام.
وكل هذا يعيد للأذهان ذلك السؤال الثابت الذي لا يتحرك: هل الممثل الذي يؤدي دورًا من كتابة شكسبير هو أفضل من الممثل الذي لم يلعب أي من شخصيات شكسبير في حياته؟
الواقع أن ذلك ليس صحيحًا.. وليس خطأ في الوقت ذاته.
لا أعتقد أن مارلون براندو لعب شكسبير في حياته. لكننا جميعًا نعرف كم كان جيّدًا في عمله. جاك نيكولسون وإيثان هوك وروبرت دي نيرو لم يلعبوا شخصية من شخصيات شكسبير (ليس على المسرح المحترف على الأقل)، لكنهم جميعًا جيّدون جدًا في أعمالهم. من ناحية أخرى، ينال آل باتشينو أعلى درجات الإعجاب عندما يؤدي شخصية شكسبيرية في السينما أو على المسرح.
ذات مرّة في أواخر الثمانينات وصلت بعد منتصف الليل إلى الفندق الذي اعتدت النزول فيه في مدينة لوس أنجليس قبل أن أنتقل للعيش فيها. دخلت باحة الفندق ووجدت موظفًا لم ألتقه من قبل. تبيّن أنه يهوى التمثيل. عندما علم أنني سينمائي، خرج من وراء مكتبه وأدى مشهدا شكسبيريًا مثيرًا جدًا للإعجاب. تمنّى علي أن أساعده في إيجاد عمل. لم أستطع. وقبل سنتين سألت عن أحواله: تزوّج ويعمل مديرًا لمطعم. أما التمثيل فتحول إلى ذكرى
مقالات اخرى للكاتب