يحتفل العالم في بعض الايام بما يطلق عليه (حقوق الانسان).. ومما لا شك فيه ان لكل انسان في هذه الدنيا (حقوق) لكن معظمها في بلدان العالم مهدورة كما اننا لا نجد لها اثراً في معظم بلدان اسيا وفي افريقيا وفي امريكا اللاتينية.. بل ان مجرد الحديث عن (حقوق الانسان) يعتبر في بعض البلدان من الجرائم الكبرى...
بالمقابل فان الحركات والاحزاب السياسية تتحدث كثيراً عن هذه الحقوق وتطالب بها عندما تكون في المعارضة اما عندما تصل الحكم فان حقوق الانسان تتحول الى حق مطلق للحزب في تصريف سياسة الدولة ورسم منهجها والتصرف بحياة الناس وممتلكاتهم وحتى في سلوكهم الفردي والجمعي....
ويقتصر هم الكثيرون من دعاة حقوق الانسان على المسائل الكبرى كحق الانتخاب وحق تشكيل الاحزاب وحقوق المرأة الى آخره، وبما ان هذه الجزئيات ليس لها سند من حقوق اخرى فانها تبقى شبه نظرية، فالانتخابات شكلية يتصرف بها الحاكم ليبقى في السلطة ثم يرثها لابنه أو صهره والاحزاب تجمعات هزيلة لا تنتظر ان غابت ولا تستشار ان حضرت. وهي تشكل بقرار من وزير الداخلية وتحل بقرار، ويسمح لها باتخاذ احد المباني او الغرف كمقر ويداهم المقر وفق مزاج المسؤول الامني....
ثم هناك حقوق المرأة التي لا يعرف أحد كنهها بما في ذلك الداعيات لها، وحق اصدار الصحف التي تتحول الى وريقات سود لا يستعملها الناس الا (للف) بعض الحاجيات....
ان القاعدة الاساسية لحقوق الانسان هي ان هذه الحقوق يجب ان تكون كلاً لا يتجزأ وهي لن تتحقق الا بمجموعها المركب....
فلا ديمقراطية مع انتشار الامية.
ولا حق لممارسة العمل المنتج مع تفشي الداء.
ولا حرية مع البطالة...
ولا حياة حزبية سليمة مع وجود مراكز النفوذ....
ولا صحافة حرة دون حرية الرأي...
اذن فان من حقوق الانسان ان يتعلم مجانا في كل مراحل الدراسة....
وان من حق الانسان ان يحظى بالرعاية الصحية....
وان من حق الانسان ان توفر له فرصة العمل التي تتناسب مع مؤهلاته.
وان من حق الانسان ان يقول كلمته في كل شأن من شؤون الحياة...
وان من حق الانسان ان يقاضي الحاكم اذا اخطا الحاكم بحقه...
وان من حق الانسان الحصول على الضمانات الاجتماعية...
وان من حق الانسان ان يمارس السلوك الذي ينسجم مع ما هو سائد في العصر...
اما حق الانتخاب، وحق التعددية الحزبية، وحرية الصحافة فهي تبقى اسماء دون مضامين حقيقية دون وجود الانسان المقتدر على ممارستها وليس الانسان المسلوب العقل بالخرافة، والمنهك من الجوع، والمحاط بسور من الجهل والامية....
مقالات اخرى للكاتب