احمد, طفل رائع, بشعره الذهبي وعينيه الجميلتين, الكل يحبه في عائلته الكبيرة, لكن مع الأسف يجد صعوبة في التكلم, وألان استحق التسجيل في المدرسة, فهو من مواليد 2010, لكن والداه خائفين جدا من المدرسة, فقد يتعرض طفلهم إلى ضغوط كبيرة, ويصبح مصدر للسخرية من قبل الأطفال, وحتى من المعلمين لافتقاد اغلبهم لمؤهلات المعلم التربوي, هكذا مدارس مناطق الإطراف, عندها قد ينتكس الطفل احمد ويصبح مريض نفسياً, فكان الأهل في حيرة كبيرة, الأم تبكي كلما تشاهد ابنها وهو يلعب.
سمع الأب عن وجود مدارس تسمى بمدارس صعوبات التعلم, فبزغ فجر أمل كبير, جعل العائلة تعيش سعادة وترقب, لكن كما يحصل دوما لا تتحقق أماني الفقراء, فلا توجد هذه المدارس في أطراف بغداد, فقط تفتح في المناطق الراقية, والأب محدود الدخل وليس في قدرته إيصاله للمناطق الراقية, عندها قرر الأب أن لا يسجله هذا العام, عسى أن يفرج الله عنهم هذا العام القادم.
هنالك العشرات من الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم في مناطق الأطراف, لكن مع الأسف يتم تدميرهم عبر تسجيلهم في مدارس الابتدائية, مما يجعلهم معرضين للسخرية اليومية من قبل الطلاب والمعلمين, إلى أن يهرب الطفل من المدرسة ويرسب ويصاب بمرض نفسي شديد, هكذا هي مدارسنا تعمل على تدمير من يحتاج إلى رعاية خاصة, وكما قال صديقي أبو نجم ( احسب أن هذا البلد أيل للسقوط بسبب حفنة من الفاسدين واللصوص, تقاسموا خيراته ومنعوها عن الناس, فيغيب العدل تماما ويحل بدله أبشع أنواع الظلم).
مناطق حي النصر والعبيدي والعماري والولداية والمعامل والسعادة, تمثل كثافة سكانية كبيرة, وهي تحتاج لدور اكبر من الحكومة والوزارة, وهنا نحدد حاجة تلك المناطق إلى مدارس متخصصة بصعوبات التعلم, بسبب العديد الكبير من الأطفال المحتاجين لرعاية واهتمام, أن هذه المناطق تعاني من إهمال شديد من قبل مؤسسات الدولة, بالإضافة لاعتبارات الفقر ومحدودية الدخل لأغلب سكانها, فكان الأولى أن يكون هنالك جهد حكومي لحل مشاكل الناس, بعد إهمال حكم صدام لهم, فتضاعف الإهمال ليستمر منذ بزوغ عهد الديمقراطية.
الشروع في تأجير بناية في حي النصر مثلا, بعنوان مدرسة لصعوبات التعلم, مع الاعتماد على الطلاب المتخرجين الجدد من قسم التربية الخاصة والإرشاد التربوي في كلية التربية الأساسية حيث يكونون خير عون, يعني الأمر يسير جدا وممكن التحقق سريعا, ولن يكلف الدولة الكثير, فقط يحتاج لمسئولين شرفاء يحسون بمعاناة الناس, وهذا الأمر ليس منة منهم, بل في صميم مسؤوليتهم التي قصروا فيها كثيرا.
الطفولة في إطراف بغداد تموت, والسبب تجاهل وتكاسل المؤسسات الحكومية عن أداء مسؤولياتها, فهل من شريف في الحكومة أو حتى في البرلمان يجعل من هذا المطلب قضية ويحققها للمحتاجين؟
مقالات اخرى للكاتب