Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
كربلاء برؤية جديدة ( منهجية لقراء المنبر الحسيني ) الحلقة الثالثة
الاثنين, أيلول 28, 2015
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

 

الجيل الثاني من كتاب التاريخ

          هناك شريحة أخرى  كتبت التاريخ بعد الجيل الأول , يمكن أن نسميهم الجيل الثاني , غير إنهم اعتمدوا أولا وأخيرا على ما كتبه الأوائل , اخذوا منهم وأضافوا عليه ما حدث في حياتهم لغاية موت المؤرخ , ثم يأتي كاتب  من بعده وهكذا ... وللتوضيح , فان كُتاب المرحلة الثانية عملوا وعاشوا في زمن الدولة العباسية التي رفعت شعار العداء والإقصاء لبني هاشم , ولا تقل الممارسات التي مارسوها ضد أئمة الهدى{ع}  عن الدولة الأموية التي سبقتهم , بل زادت على دولة بني مروان في اغلب المواقف عداءً ...  منهم .

1- محمد بن جرير الطبري : صاحب التاريخ المشهور الذي أصبح من أهم مصادر التاريخ وهو اكبر موسوعة تاريخية لان  تاريخه جمع أحداث ثلاثة قرون , وختم تاريخه سنة – 302 هـ  - وتوفي سنة 310 هجرية , بذلك أصبح تاريخه مصدرا يرجع أليه جميع من كتب في التاريخ الإسلامي , لذا توقف بعض الكتاب عند الطبري واعتمده تاريخا كاملا ولم يتعداه إلى غيره, منهم ابن الأثير في كتاب { الكامل من التاريخ} وابن خلدون في تاريخه  , وعدد آخر من الكتاب ..

2- المدائني .. علي بن محمد بن عبد الله : ولد في بداية الدولة العباسية سنة 135 هـ وتوفي سنة 225 هـ .. وهو صاحب الموسوعة التاريخية " تاريخ الخلفاء " وكتاب الأحداث , كتب عن السيرة النبوية , وحياة الرسول {ص} والخلفاء الذين جاءوا من بعده ..يقول عنه الذهبي : (كان عجيبا في معرفة السيرة والمغازي  والأنساب  وأيام العرب)  , صادقا فيما ينقله , عالي الإسناد.. من أهم شيوخه عوانه بن الحكم , وأشهر الرواة عنه خليفة بن خياط والزبير بن بكار ذكره الطبري في تاريخه 290 مرة .. أول ما كتب عن معارك الردة  التي حدثت في زمن أبي بكر ,  في أحداث سنة 11 هـ , وأخرها في أحداث سنة 198 هـ ..وكان من كتاب الدولة العباسية ...

3- ابن قتيبة الدينوري : صاحب كتاب  الإمامة والسياسة .. توفي سنة 276 هـ .. زمن العباسيين.

4- احمد بن يعقوب الكاتب .. صاحب كتاب تاريخ اليعقوبي , من أعلام القرن الثالث الهجري ....

ثم جاءت مجموعة من الكتب والمؤلفين تدعمهم الدولة العباسية , كما دعمت الدولة الأموية الطبقة الأولى , وكانت فترة ازدهار الكتابة والتدوين حيث شجع الخلفاء العباسيون التأليف وكتابة الروايات, فخرجت كتب التاريخ في زمان الدولة العباسية,  وهي أمهات المصادر اليوم ..منها .

1- فتوح البلدان : للبلاذري المتوفي سنة 279 هـ

2- الفتوح ...ابن اعثم الكوفي  المتوفي سنة 304 هـ 

3- مروج الذهب : المسعودي المتوفي سنة 346 هـ ... وكتاب آخر له بعنوان " أخر الزمان "  وصفه المسعودي في كتابه مروج الذهب , بأنه كتاب كبير ولكنه لم يصل ألينا , فقد لأسباب لا يعرفها الجميع وربما تم تلفه وعدم ترويجه ....   

المحصلة النهائية

 

      يتبين إن التاريخ الإسلامي لم يكتبه رجال مستقلون يكتبون الحقيقة لله وللإسلام,  أو أنهم لا يتأثرون بالدولة,ولا سلطة عليهم من قبل الخليفة , بل  كانوا تابعين للدولة في كل الأحوال , والنتيجة المأساوية على الإسلام أن ورثنا تاريخا مزاجيا غير دقيق, خاضع لرأي السلطان ومطابقا لأهوائه  , فوقع المجتمع الإسلامي كله تحت العاطفة الدينية , والنصوص المزورة الحاكية عن رأي السلطان وموقفه من الأحداث السياسية , فالإنسان يحب الأشياء العاطفية التي يرتبط بها , خاصة الدين  , سواء كان هذا الارتباط حقيقيا أو وهميا , المهم انه وجدها تتلاءم مع مخيلته , فاعتقد بها وهذا من اكبر الأسباب التي  شطرت الأمة , ولا زلنا نعاني منها اليوم أكثر من الماضي, بحكم الفتاوى التي تصدر من بعض الجهات المتشددة  في الوسط الإسلامي ..(   ) ..

      ليس تاريخ المغازي والأحاديث فقط , فرسول الله {ص} أقدس الوجود وأحبها على الإطلاق , وقد فاق حبه الأهل والأبناء , وسرى إلى قلوب المسلمين , فلا بد أن تكون لذريته نصيبا من ذلك الحب , والقران الكريم أشار إلى ذلك المفهوم :{ قل لا اسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } , فتحول ذلك المفهوم المقدس إلى ذنب يقتل من اجله المسلم شيعيا أو سنيا, هذا بسبب التاريخ المزيف الذي كتب ضد رسول الله {ص} الذي يصفه احد شيوخ التيار الوهابي السلفي " إن عصاي أفضل من محمد"..!! (   ) أما أتباع مذهب أهل البيت {ع} فقد استحلت دمائهم وصاروا يذبحون كالنعاج من قبل التكفيريين ..! 

                من جانب آخر ,نجحت الأجهزة الإعلامية التي كتبت التاريخ أن توجد قرين للنبي {ص} يكون رأيه بديلا لقوله وقول القران الكريم , وهم الصحابة , فقد صورا تلك الفترة , إنها أحسن الفترات وأفضلها لوجود رسول الله {ص} كونهم عايشوا النبي {ص} وسمعوه , وهي كلمة حق بحاجة إلى قراءة وتحقيق ولا يمكن أطلاقها مع وجود  آيات قرآنية تدينهم وتبين نفاقهم .. ونؤكد إن تلك الفترة من أفضل الفترات  ولكن لا يعني إن المسلمين في ذلك الزمان وصلوا إلى درجة العصمة يحق لهم رسم هيكلية الدين , " وهم براء من هذه الفرية " ولكن السياسة والمصالح التي استغلها الخلفاء في تجارة الدين حتمت أن تعطي للصحابة هذا التقديس , فجعلوا قداسة النبي {ص} تنسحب على جميع الصحابة, بل أكثر  ...

       رغم تعلق الآخر بهذا المفهوم إلا انه لا يعطي للمفهوم بعدا عاما شاملا , فليس جميع الصحابة لهم اعتبار , ولا قداسة لهم بحكم عدم وجود مصلحة للخلفاء الاموين والعباسيين لمواقفهم , وهذا يعني أن التاريخ لا يمثل الإسلام بصورة دقيقة , والالتزام به جاء وفق المصالح الخاصة ..( ) .مثلا لا قيمة لعمار بن ياسر وسلمان والمقداد وأبو ذر الغفاري وأمثالهم ...!.

     ولأذكر لك رأيا لابن حجر ينتقد فيه رأي ابن عبد البر , عن إمكانية مجيْ شخصيات أفضل من الصحابة في الأزمنة الأخرى , يذكر رأيه , عن عبد الله بن المبارك الذي يصفه بأنه من أعلام الورى والفقه والمعرفة,  يقول : سئل عن معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز , أيهما أفضل ..؟ فقال : إن الغبار الذي يدخل في أنف حصان معاوية وهو في ركاب رسول الله {ص} أفضل من مائة من أمثال عمر بن عبد العزيز .(  .) وهو يعني ان صحبة رسول الله {ص} لا يدانيها شيْ حتى لو سب عليا على المنابر 80 عاما .. وقتل الحسن وقتل الحسين .ع. وحارب ولي الله أمير المؤمنين {ع} . 

هذا يبين أن مسالة تزوير التاريخ الحسيني أهون على الكتاب والمؤرخين من التزوير الذي وقع في الرسالة وفي حياة الرسول {ص} وتقديس الصحابة , وإعطاء الشرعية لمن حاربوا الله ورسوله أن يكونوا أصحاب رأي في رسم خارطة الدين , حتى لو جاءت آراءهم متعارضة مع القران والحديث النبوي ..

 

المؤرخون الشيعة

 

                  بدأ الشيعة بكتابة الأحاديث والروايات بعد فترة بعيدة جدا عمن كتبوا التاريخ أول مرة , وذلك بسبب الحوادث السياسية التي تعرضوا أليها , لا تقل الفترة عن 225 سنة , تأخر الكتاب الشيعة وعلماءهم في كتابة تاريخ أهل البيت {ع} , ولو قدرنا الأجيال التي انقرضت ولم تسمع كلمة أو موضوعا معينا عن فقه المذهب الشيعي , وكل جيل ينتهي ما بين 30 – إلى 35 سنة , فيكون سبعة أجيال مرت عليها الثقافة التاريخية لم تعرف فضلا ومنقبة لأهل البيت{ع}  وعلماءهم ... 

     تبين إن الدولتين الأموية والعباسية نجحت تماما في إقصاء أئمة أهل البيت {ع} عن الحياة السياسية  ومنعت كتابة احاديثم, ونشرها بين الناس , وبقي العلم والحديث محصورا بكتب الذين أرخوا ووثقوا تلك الحقبة الأولى ,  حسب أهواء السلاطين ,هذا الذي أسس القاعدة الفكرية الخلافية التي أقصت كل معارض لهذه السياسة وشوهت التاريخ بسيل من الأحاديث الموضوعة  ..

    بهذه الطريقة كتب تاريخ كربلاء , وتاريخ ثورة الحسين بن علي{ع}... وتاريخ الشيعة الذين شاركوا في الثورة ,  طمست معالم قبورهم , في  زمن الاموين ولم يبق منها اثر , إلا قبور كربلاء المقدسة التي احتضنت صاحب الثورة ومفجرها الإمام الحسين {ع} ومن قتل معه في كربلاء {صبيحة  يوم عاشوراء فقط }, في البقعة الطاهرة التي فيها  القبر الشريف الآن , وما عداها , أزيلت من الأرض كما أزيلت ومسحت  قبور شهداء معركة الجمل في البصرة , التي لم يبق منها أي رمز أو قبر له أثر , ولا نعلم مكانها بالضبط , كذلك الشهداء الذين قتلهم زياد بن أبيه في العراق, جميع قبورهم اختفت  , أو الذين قتلهم المنصور العباسي , أو  هارون  العباسي , أو المتوكل واضطرابهم ,هكذا أزيلت  قبور جميع الشهداء الذين قتلوا دفاعا عن الحسين بن علي { عليهما السلام } خلال الثورة التي استمرت أسبوعا كاملا { كما سيأتي } وانتهت يوم عاشوراء بعد الظهر, ليس في العراق فقط ,  مثلها قبور بقيع الغرقد في المدينة المنورة , وقبور شهداء بدر محيت من أي رمز الآن , وشهداء احد لم يبق منهم سوى ثلاثة أو أربعة قبور, في حين تقول الروايات كان عدد الشهداء 75 شهيدا يوم احد  ..!

  غايتي  فيما اكتبه الآن توثيق فترة كتابة التاريخ  عند الشيعة , لأبين المدة الزمنية بين  ملحمة كربلاء عام 61 هـ  وبين أول من كتب تاريخا شيعيا , ثم أول من كتب مقتل الحسين {ع} وأول من جمع الروايات الحسينية في كتاب خاص عن ثورته المباركة بعد مئات السنين, وهي فترة طويلة جدا انقرضت فيها أجيال , وتأتي أجيال تجد التاريخ الأموي  بين أيديها من المسلمات , ولا بد أن تعتمد عليه كتاريخ لكربلاء والثورة .

 واليك تاريخ وترجمة المؤرخين الذين تصدوا لكتابة التاريخ الشيعي .

1-  الشيخ محمد بن يعقوب الكليني :.. هو مؤلف كتاب الكافي , أحد الكتب الأربعة   عند الشيعة الإثني عشريَّة، الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ت. 329 هـ) فترة تبعد عن تاريخ كتابة التاريخ الإسلامي زمن الاموين بحدود 254 سنة .. ويشتهر الكليني  في أوساط الشيعة الإثني عشريَّة بلقب ثقة الإسلام. وسبب تأليف الكتاب , كما ذكره المحدث النيسابوري . قال :  سبب تأليف الكليني لهذا الكتاب لكون سؤال وجهه بعض المؤمنين للشيخ الكليني , قال : سألني  بعض الشيعة من المناطق النائية  البعيدة عن الحواضر الدينية ..تأليف كتاب اجمع فيه تراث أهل البيت {ع}  لكونهم يسمعون علوما من غير مذهبهم , ويحضرون عند ممن لا يثقون  بعلمه... فاستجاب لهم الشيخ , وألف وصنف ذلك الكتاب الذي اعتبر أول مؤلف شيعي في العالم الإسلامي  (   ) .

وذكر الشيخ الحر العاملي أيضا أن الكليني أجاب سائله على رسالته التي ترجو تأليف الكتاب، فكتب إليه:

قد فهمتُ يا أخي ما شكوتَ من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة, وما ذكرتَ أنّ أُموراً قد أشكلت عليك, وأنك لا تجد بحضرتك مَن تُذاكره وتفاوضه ممّن تثق بعلمه فيها. وقلت أنّك تحبّ أن يكون عندك كتاب كافٍ يجمع من جميع فنون علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السّلام، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها تُؤدّى فرائض الله وسُنّة نبيّه{ص} . وقلتَ: لو كان ذلك رجوتُ أن يكون سبباً يتدارك الله بمعونته وتوفيقه إخواننا، ويُقبل بهم إلى مراشدهم.. وقد يسّر الله ـ وله الحمد ـ تأليفَ ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخّيت. ومهما كان فيه من تقصير، فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة؛ إذ كانت واجبةً لإخواننا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكلّ مَن اقتبس منه وعمل بما فيه في دهرنا هذا وفي غابرة إلى انقضائه .(  ) ... وهذا يدل على ان سبب سؤال السائل للشيخ الكليني , (لأنه لا يوجد اي كتاب مكتوب عند الشيعة في حينها ).

       وقد جاء كتاب الكافي من ثلاث أقسام؛ هي: أصول الكافي، وفروع الكافي، وروضة الكافي، وتتوزَّع هذه الأقسام على ثمان أجزاء من الكتاب. ويقسم كل قسم على كتب فرعيَّة تبين توضيح أجزاء الكتاب.

أصول الكافي: يقع في أول جزئين من الكتاب، ويحتوي على كتب فرعيَّة تتعلق بالعقيدة وفضل العلم وغيره . الجزء الثاني: يحتوي كتاب الإيمان والكفر. والدعاء.وفضل القرآن. والعِشرة.

أما فروع الكافي: فروع الكافي هي الأجزاء من الثالث إلى السابع، فيها الروايات تتحدث عن فروع الفقه الشيعي ابتداءً من الطهارة مروراً بالزكاة والصلاة والحج وغيرها من أبواب الفقه، واختتاماً بالوصية والنذور والأيمان.

القسم الثالث : تقع روضة الكافي في الجزء الثامن والأخير منه،وفيه مواضيع متعددة متفرقة ومختلفة. كرّس الشيخ  عشرين سنة من حياته في جمع أحاديث هذا الكتاب ليضع نحواً من ستة عشر ألف حديث عن أهل البيت {ع}  ليكون بذلك أول كتاب روائي شامل لدى الشيعة جمع الأحاديث من أصولها الأولية ونظمها في موضوعات... فأصبح أحد الكتب الأربعة للشيعة وأكثرها اعتماداً بعد القرآن الكريم...

      أما حياته الكريمة .. فقد عاش الكليني في عصر النواب الخاصين لإمام الزمان (عج )، وكتب الكتاب أجمعه في زمن الغيبة الصغرى, وتوسع في  هذا الكتاب , وعلق عليه بشكل واسع بدقة علمية وعقلية ,وهناك أكثر من خمسين شرحاً وترجمة وتعليقاً على الكافي، وأهم شروحه مرآة العقول للعلامة المجلسي في 26 مجلداً، وشرح ملا صالح المازندراني في 12 مجلداً... من عجائب هذا الكتاب , يروى أن الإمام  المهدي {عج}  اطلع عليه وقال هذا الكتاب كاف لشيعتنا... فسمي بالكافي .

   الفرق بين ما كتبه الشيخ الكليني رحمه الله , والذين سبقوه , انه لم يكن تابعا لسلطان ولا موظفا يتقاضى راتبا من الدولة , ولا أمرة عليه من احد , لذلك  اعتمد على علم الرجال وهو -علم يبحث في صحة السند- في اختيار المرويات عن النبي محمد{ص}  والأئمة الإثنا عشر وقد ألف كتابا في ذلك اسمه "كتاب الرجال" وهو أول أسلوب علمي في كتابة التاريخ , حيث الذين سبقوه يكتبون دون التحقق من صحة سندهم .

2-  الشيخ محمد بن الحسن .. صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه , هو الشيخ الجليل الأقدم الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المتوفى سنه 381 صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري الجزء الأول منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة , قال عنه :   المؤلف هو الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المشتهر بالصدوق، أحد أعلام الدين في القرن الرابع، قد أصفقت الأمة المسلمة على تقدمه وعلو رتبته وانطلقت ألسنتهم بالتبجيل له والتجليل.

            أما الشيخ الطوسي (قدسره)  عنونه في الفهرست والرجال وقال: " كان محمد بن علي بن الحسين حافظا للأحاديث، بصيرا بالفقه والرجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه ".

وقال أبو العباس النجاشي: " أبو جعفر نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، وجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن ". وأطراه ابن إدريس في السرائر، وابن شهرآشوب في المعالم، والمحقق الحلي في المعتبر وابن طاووس في إقبال الأعمال، والعلامة في الخلاصة، وابن داود في رجاله وزمرة كبيرة من رجالات العلم - كالخطيب في تاريخ بغداد والزركلي في الأعلام.

ولد في قم المقدسة ,ورحل إلى الري" طهران "  واسترآباد وجرجان ونيشابور ومشهد الرضا عليه السلام ومروالروذ وسرخس وإيلاق وسمرقند وفرغانة وبلخ وهمدان ثم انتقل إلى العراق , فعاش زمنا في بغداد ثم انتقل إلى الكوفة.. ثم زار مكة  المكرمة والمدينة... وذاع صيته في العالم الإسلامي كله ..

مشايخه والراوون عنه أخذ عن جم غفير من المشايخ والحفاظ في أرجاء العالم يبلغ عددهم مائتين وستين شيخا من أئمة الحديث وغيرهم، وروى عنه أكثر من عشرين رجلا من رواد العلم ...(   ) .. 

         كان والده  رحمه الله شيخ القميين وثقتهم في عصره وفقيههم في مصره , مع أن بلدة قم يومئذ تعج بالأكابر والمحدثين، وهو مع مقامه العلمي ومرجعيته في تلك البلدة  وغيرها , فقد كان يعمل بالتجارة ,وله  دكة في السوق يتجر فيها بزهد وعفاف وقناعة بكفاف، وكان فقيها معتمدا له كتب ورسائل في فنون شتى ذكرها الطوسي والنجاشي، وقال ابن النديم في الفهرست: " قرأت بخط ابنه محمد بن علي على ظهر جزء: " قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي وهي مائتا كتاب وكتبي وهي ثمانية عشر كتابا ". فبيته بيت العلم والفضل والزعامة الروحية, فكان الصدوق وليد هذا البيت وعقيد ذاك العز مع ما حباه الله سبحانه من حدة الذكاء، وجودة الحفظ والفهم، وكمال العقل. 

عاش مع أبيه عشرين سنة قرأ عليه وأخذ عنه وعن غيره من علماء قم، فبرع في العلم وفاق الأقران، ثم غادرها إلى الري بالتماس من أهلها فسطع بها بدره وعلا  صيته مع أنه في حداثة من سنه وباكورة من عمره، فأقام بها مدة ثم استأذن الملك ركن - الدولة البويهي في زيارة مشهد الرضا سلام الله عليه فأذن له وسافر إليها، ونزل بعد منصرفه نيشابور - وهي يومئذ تحف بالفطاحل - فاجتمع عليه العظماء والأكابر فأكبروا شأنه وتبركوا بقدومه وأقبلوا على استيضاح غرة فضله والاستصباح بأنواره فأفاد لهم بإثارة من علمه الغزير وأنموذج من فضله الكثير، فبهر الأسماع، وانعقد الرأي على مرجعيته ..(   )...

  تأليفه:له نحو ثلاثمائة مصنف, نص عليه شيخ الطائفة في الفهرست وعد منها أربعين كتابا. وبعدما أطراه المعلم الكبير أبو العباس النجاشي المتوفى 450 في رجاله ذكر نحو مائتين من كتبه وقال: " أخبرنا بجميعها وقرأت بعضها على والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي " ومن المأسوف عليه أنه ضاع  اغلب كتبه ومخطوطاته , واندرس أكثرها، وانطمست تسعة أعشارها، وطواها الدهر, ومحا آثارها ..ومن أعظمها كتاب " مدينة العلم " الذي هو أكبر من هذا الكتاب كما صرح به الشيخ في الفهرست وابن شهرآشوب في المعالم (   ) 

            هناك رواية عن العلامة الرازي في الذريعة –عن الشيخ الصدوق .أنه قال في درايته: " وأصولنا الخمسة: الكافي، ومدينة العلم، و من لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار.. ".والظاهر وجود ذلك الكتاب  في زمانه، ولكن باد فلا يبقى إلا اسمه، وغاب وما كان يلوح إلا رسمه، حتى أن العلامة المجلسي - رحمه الله - صرف أموالا جزيلة في طلبه وما ظفر به، وقال العلامة الرازي (ره) في ذريعته " إن السيد محمد باقر الجيلاني الأصفهاني بذل كثيراً من الأموال ولم يفز بلقائه،أي لم يعثر على  كتاب مدينة العلم..

3 الشيخ الطوسي :  مرحلة الشيخ الطوسي :

                 هو الشيخ أبو جعفر، محمّد بن الحسن الطوسي ولد سنة 385 هـ بمدينة طوس في خراسان وكانت أول دراسته في مدارس خراسان ثم شدَّ الرحال إلى بغداد في عام 408 هـ وهو أبن ثلاثة وعشرين عاماً وكان سبب هجرة الشيخ إلى بغداد بسبب اشتهار أساتذة بغداد آنذاك بالعلوم العقلية ، والفلسفية ، المعبر عنها ب‍ـ ﴿العلوم الدخيلة﴾ والتي دخلت للدين في العصور العباسية لأول مرة في الإسلام وخصوصاً على مستوى الفقه ألإمامي ، حيث وضع حجرها الأساسي في تلك الفترة ، واستحكمت دعائمها في بغداد فاستجلب من أجلها كبار العلماء والمترجمين من أطراف الأرض وأكناف البلاد .

وقد أشتهر عند من تناول حياة الشيخ الطوسي أنه لازم الشيخ المفيد مدة خمس سنوات أي آخر عمر الشيخ المفيد وبعد وفاة الشيخ المفيد أصبح يعد من أبرز طلاب السيد المرتضى فقد أولاه عناية خاصة وقرر له مبلغ 12 دينارا شهريا في ذلك الزمن إلى أن تخرج على يديه فأمضى معه 23 عاما تقريبا .  بقي في بغداد بعد وفاة أستاذه المرتضى حتى عام 448 هـ أي مدة 12 سنة ...

                    ذاع صيت الشيخ الطوسي وانثنت له وسادة الزعامة وتفرد بها بعد وفاة السيد المرتضى، فأخذ الفقهاء يشدّون إليه الرحال من كل حدب وصوب على اختلاف مسالكهم ومذاهبهم ، حتّى بلغ عدد تلامذته الذين اجتهدوا على يديه , الذين حازوا على درجة الاجتهاد أكثر من ثلاثمائة مجتهد من الأمامية، ومن الغريب ان هنالك عددا من مجتهدي العامة لا يمكن حصرهم وعدهم كانوا يحضرون دروس الشيخ الطوسي , فقد ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني في مقدمة كتاب التبيان : ﴿فقد كان يحضر درس الشيخ الطوسي حوالي ثلاثمائة مجتهد من الشيعة. ومن العامة ما لا يحصى﴾(   ) .. 

وهذه من الأمور الغريبة..! فلم نشهد فقيها شيعيا قام بتدريس طرق الاجتهاد على النحو المعمول بها عند السنة , إلا الشيخ الطوسي حيث تفرد بهذه المسألة وهي تحتاج للتوقف والبحث , وعلينا في هذه الحال ايلائها العناية والاهتمام من حيث التدريس والتأليف وهذا ما حصل بالفعل فالذين كانوا يحضرون دروس الطوسي كانوا يرون موافقتها لمناهجهم ..!.

كرسي الكلام : نال الشيخ الطوسي درجة عالية من الاهتمام عند الخليفة القائم بأمر الله  الذي أعطى للشيخ الطوسي كرسي الكلام (وهو مقام يعطيه الخليفة لرجل من رجال الدين فيجلس في بغداد يخطب بالناس) ولم يكن هذا الكرسي ليُمنح إلاّ لمن أشار إليه الخليفة فبقي الشيخ بهذا المنوال اثنتي عشرة سنة .

بعد ذلك وعلى أثر حدوث الاختلافات الشديدة بين العامة والأمامية وتبدل الأوضاع السياسية وانتقال الحكم من البويهيين الذين كانوا يدعون التشيع إلى السلاجقة شن ﴿طغرل بيك﴾ أوّل ملوكهم حملة شديدة على الإمامية ورجال دينهم عند دخوله بغداد عام 447 هـ ، فقام بإحراق مكتبة الشيخ الطوسي تلك المكتبة التي بذل أبو نصر سابور ـ وزير بهاء الدولة البويهي ـ جهده بأمر من الخليفة بإنشائها في الكرخ ببغداد عام 381 هـ ، على غرار بيت الحكمة التي بناها هارون الرشيد العباسي . 

وفي خضم تلك الأحداث التي حدثت ببغداد سنة 447 هـ أي بعد دخول السلاجقة إليها وعلى آثر ذلك هاجر الشيخ الطوسي إلى مدينة النجف الأشرف ليبقى بعيداً عن المعمعة الطائفية التي حدثت ببغداد , وبعد استقراره في مدينة النجف قصده الطلاب للدراسة ونيل الاجتهاد على يديه فوضع بذلك اللبنة الأُولى للحوزة العلمية الشريفة ,التي شيدها بنفسه في مدينة النجف الأشرف, بعد أن كان طلب العلم مقتصرا على بغداد أيام الشيخ المفيد والسيد المرتضى  إلى زمن السفراء الأربعة  من قبل .

                    إن الشيخ الطوسي يعد من أوائل الفقهاء الذين أشاعوا طريقة الاجتهاد السني في المجتمع الشيعي وهذا ما يؤكد تأثره بطرق القوم وأصولهم ولهذا فقد ذكر بعض المعاصرين من أهل السُنة طريقة الشيخ الطوسي الاجتهادية في قولهم : ﴿ كان عالما على المنهاجين ألإمامي والسني ﴾(  ) ..

              المطلع على مصنفات الشيخ الطوسي يمكنه معرفة طريقة الشيخ من جانبين الجانب الأول أهتمامة بالأخبار والروايات الشريفة وهذا مما استفاده من أستاذه الشيخ المفيد حيث كتب الشيخ الطوسي تهذيب الأحكام وهو أحد الكتب الأربعة المعروفة عند الشيعة , وهو شرح كتاب المقنعة للشيخ المفيد بدء به في حياة أستاذه ، وبإشارة من الشيخ المفيد نفسه﴿  -) كما كتب الشيخ الطوسي كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار ، وهو أيضاً من جملة الكتب الأربعة ، استخرجها الشيخ من روايات التهذيب ﴿  ا) ..

    وقد استفاد الشيخ الطوسي من أستاذه المفيد ,  فقد ذكر في ترجمة المفيد بعد سرد مؤلفاته قوله : ﴿سمعنا منه هذه الكتب بعضها قراءة عليه وبعضها يقرأ عليه غير مرة وهو يسمع) (   ) ..

              بهذا نعرف بأن الفضل في كتابي التهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي , كان للشيخ المفيد هو الذي أشار للطوسي في كتابة الحديث والرواية وجمعها في كتاب ليسهل الرجوع أليها ..

أما الجانب الثاني من اهتمامه بأصول الفقه فإننا نجده قد استفاد من طريقة السيد المرتضى الأصولية في الفقه والأصول إلى حدٍ كبير, فنقل العديد من آراء المرتضى الأصولية في كتابه عدة الأصول وكذلك في كتبه الكلامية بنفس الوقت انتقد العديد من آراء السيد المرتضى في كتابه عدة الأصول.

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44802
Total : 101