لم يعد الاعلام التركي يتحفظ على عرض الاشرطة التي تثبت تورط الجيش التركي بمساندة داعش...
في الوقت ذاته يرفض نواب دولة القانون في العراق ارسال 200 مقاتل من قوات البيشمركة الى كوباني لقتال داعش...
وترفض ايران دخول القوات الامريكية او الاوربية للعراق او سوريا لقتال هذا التنظيم، وعناصره، المعادين لايران كما هو معلن.
حتى النظام السوري، يمانع في ضرب التنظيم، بل يقاتل الى جانبه ضد كل القوى المنافسة على الساحة السورية.
فما الذي يدفع هذه الانظمة للدفاع عن داعش، هذا التشكيل من ذوي اللحى المتربة، الذين يشبهون الى حد كبير اهل الكهف، كما تحدث القران عنهم.. قادمون من ازمنة غابرة، بثقافة قطع الرؤوس وسبي النساء، وتجييش الاطفال، التي كانت سائدة في العصور المظلمة.
وكيف تستطيع داعش، التي تعتبر نفسها بانها قائدة الردة على مسيرة التحضر الانساني، وتحاول اعادة حسابات الزمن الى الوراء، الحصول على هذا الدعم السخي من هذه الانظمة، رغم انها تجاهر في العداء ضدها.
لا بد ان داعش، بهذه الايديولوجيا المعادية للانسانية، تقدم خدمة لكل هذه الانظمة، وللتيارات الفكرية-الدينية هذه، التي تساندها، وتحاول حمايتها.
فما تقوم به الدولة الاسلامية في العراق والشام هو اولا حرب على كل قيم التحضر الانساني، تبدأ بمعاداة ثقافة حقوق الانسان، وتسفيه حقوق المرأة، وقتل الطفولة عن طريق تزويج القاصرات، وتدريب الصغار على حز الرؤوس...
فما الذي يريده اردوغان غير ذلك، وهو الذي قضى عمره بالدعوة الى افناء الشعوب التي تعيش في كنف الدولة التركية، من كورد وعرب ولاز وارمن... الخ، مستلهما اسلوب جنكيز خان وهولاكو مؤسسي مجد الدولة التركية.
وما الذي يدعو اليه دولة القانون غير ذلك، وهو الذي خنق اخر رمق في الدولة المدنية، واوصل المجتمع العراقي الى حالة الاستقطاب الطائفي الشيع-السني عن طريق "تصريحات" نجومه اللامعين من المالكي (شيعي قبل ان اكون عراقي)، والفتلاوي (اضافت نظرية السبعة في سبعة للفكر السياسي)، نزولا الى عالية نصيف، التي "تجاهد" من اجل عرقلة ارسال البيشمركة لايقاف زحف حلفاؤها في كوباني..
ما الذي تريده ايران، السعودية، قطر، سوريا.. وما الذي تنادي به التنظيمات السياسية-الدينية في الاردن، فلسطين، الباكستان، افغانستان.. الخ، غير ذلك؟
الكل يعادي قيم التحضر، ويمقت الديمقراطية، ويحاصر التعليم... يكرس عوضا عنها قيم البداوة، والديكتاتورية، وينشر الامية.. وهذه كلها مشتركات مع داعش، الفارق الوحيد هو انهم يعجزون عن القيام بما تستطيع داعش القيام به...
نقطة الضوء الوحيدة، امام ضعف التيارات العلمانية العربية والفارسية والتركيه، والقوى المتنورة، هو فكر حزب العمال الكردستاني، والقوى المدنية الكردستانية برمتها، التي استطاعت ان تقف بوجه هذا المد القادم من القرون الوسطى...
ولا غرابة ان تتحد كل القوى في الشرق الاوسط ضد الكورد.. ضد حزب العمال الكردستاني وبالتحديد ضد قوات حماية الشعب، بعد ان اثمرت تجربته عن ولادة كومونة كوباني، كواحة في صحراء الشرق الاوسط الاسلامي.. الداعشي وان لم ينتمي.
مقالات اخرى للكاتب