منذ عقود وخطر الفساد الأدارى يكمن في الإدارة الحكومية في كافة مستوياتها و أنماطها وصنوفها من الرشوة الى سوء استخدام السلطة الممنوحة للمسئول واستغلالها بالمعنى السلبي ولأمور شخصية ، حيث يعد ذلك من أبواب الفساد الأدارى اللعين و مجال من مجالات الإفساد الخطير وأستغلال النفوذ لمصلحة شخصية ضيقة.
يعرف أستغلال النفوذ الوظيفي بأنه الأستفادة من سلطة الموظف الوظيفية بصورة غير مشروعة وبشكل غير أخلاقي وفقا لما منح له من صلاحيات و مسئوليات أكسبته نفوذا و سطوة و سلطة أستغلها لشخصه بغير ما أراده المشرع .
من حيث المبدأ تنحصر سلطة المسئول في مقدرته و أهليته في أنجاز و تحقيق المصلحة العامة ، فهي لم توضع في يده و تحت إمرته بقصد خدمته و حمايته وأفراد عائلته ، ولكن هى موضوعه لخدمة وحماية المجتمع وأهدافه ، فأتخاذ السلطة وسيلة للطغيان أو الاستبداد أو الشموخ أو الأستعلاء و الكبرياء هو تحويل للسلطة الممنوحة من خدمة المجتمع إلى الإضرار به وألحاق الأذى به . ومن هذا المنطلق لا يجوز للمسئولين المناط بهم سلطة ما أن يتصرفوا بها إلا لجلب مصلحة عامة أو درء مفاسد ، وغير ذلك فيه أنحراف عن جادة الصواب و أستخدام السلطة الوظيفية بشكل غير لائق و مناسب و فيه إهدار لنزاهة الوظيفة العامة .
و تتخذ إساءة استعمال السلطة في الوظيفة العامة عدة أشكال منها على سبيل المثال لا الحصر التلاعب بالقوانين والأنظمة واللوائح و التعليمات التنظيمية والتنفيذيه، فى الخديعة و المراوغة و المحاباة و الظلم الناتج عن التطبيق غير العادل للأنظمة ، الاستئثار ، الرشوة ، اختلاس و سرقة المال العام والاستيلاء عليه بغير وجه حق ، أو إساءة المعاملة بالإكراه و الارغام أو التهديد و الوعيد أو اذلال الناس وتسخيرهم لخدمة الأغراض الخاصة أو تصفية الحسابات الشخصية وتعطيل العمل بحجج واهية وكيديه .
و تتحقق شروط إساءة استعمال السلطة عندما يقصد الموظف أو المسئول لإدارة بكل أعمالها و تصرفاتها تحقيق الصالح الخاص أي أن تنحرف الإدارة عن هدفها الأساسي و هو السعي لتحقيق الصالح العام ، و عدم إضفاء طابع المشروعية على أعمال الإدارة حيث أن تلك الأعمال إذ لم تجر وفق إطار قانوني أو وفق الأنظمة و التعليمات ، و أخيراً أن تكون الإدارة قد تعمدت الوصول إلى النتائج التي تقصد تحقيقها أي الخروج عن الصالح العام .
ختاما لا يخفى على الجميع أنه مع سرعة العجلة الحياتية والتطور وكثرة المهام واتساع نطاقها في عصرنا الحديث ظهرت أشكال وأساليب جديدة من سوء استخدام السلطة واستغلال النفوذ يصعب على المتضررين منها إثباتها بسهولة ؛ مما يعكر صفو العلاقات والأمن الوظيفي ويضعف الاحساس بالانتماء والعطاء والإنتاجية وينشر الفساد ويضيع الحقوق .
نناشد كل موظف بيده سلطة مهما كان نوعها أو حجمها أن يضع نصب عينيه أن استخدام الأساليب التي تندرج تحت عنوان سوء استخدام السلطة واستغلال النفوذ والتي نهى عنها ديننا قبل الأنظمة والقوانين ، أن يتقي الله في نفسه وفي الآخرين ، حتى لا يناله غضب الله ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمشقة حيث قال : اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه.
مقالات اخرى للكاتب