العراق تايمز: كتب عباس حسن الجوراني ..
حرص مجلس الأمن على مراعاة أهمية حماية المرأة والحفاظ على كرامتها وإنسانيتها وخاصة في أوقات الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية من خلال توجيه المنظمات الغير حكومية التي تعمل بالتنسيق مع فروعه في مختلف البلدان على توعية الحكومات والشعوب بضرورة احترام المرأة والاعتراف بحقوقها كاملة وبما يتيح لها المشاركة الفاعلة في عملية البناء الاجتماعي والتربوية والتعامل الخلاق مع التطورات العلمية ومن اجل ذلك اصدر مجلس الأمن قراره المرقم 1325 (المرأة كعنصر فاعل في السلام والأمن ) وبغية التعرف على طبيعة هذا القرار ومستلزمات تنفيذ بنوده وما يتعلق منه بمشكلة العنف ضد المرأة.
كانت لنا وقفة مع الباحث والكاتب الأكاديمي” المهندس لطيف عبد سالم العكيلي” والذي حدثنا قائلاً، يظهر العنف ضد المرأة بأشكال متنوعة، مثل القتل والخطف والاعتقال والمساومة والتهديد والابتزاز، إضافة إلى ما تشهده الحياة العامة من انتهاكات للحرمات الشخصية وتحرش جنسي وغير ذلك من الاعتداءات.
وقال العكيلي، ان” منذ أكثر من عشر سنوات يدفع الشعب العراقي بشكل عام، والنساء بصورة خاصة ضريبة التحولات التي أعقبت التغيير السياسي الذي شهدته البلاد في عام 2003 حيث تسعى جهات معينة إلى ممارسة العنف ضد المرأة والنيل من كرامتها الإنسانية عبر مختلف صور الانتهاكات، بالاستناد إلى أجندات تسعى لتحجيم دور المرأة في جميع مجالات الحياة، إضافة إلى تبني مختلف الأساليب التي تؤدي إلى غلق أبواب الانفتاح على التطورات العلمية والتقنية الحاصلة في العالم والاستفادة من معطيات المعاصرة من اجل اكتساب المهارات والخبرات الإضافية للارتقاء بأساليب العمل. وهو الآمر الذي جعل المتخصصين الإشارة إلى العنف ضد المرأة عموماً باسم المجزرة الصامتة، وبصورة عامة حين تكون الدولة غير قادرة على تأمين الحد الأدنى من مقتضيات الحياة العصرية والديمقراطية، فإنها تساهم في إيجاد بيئة سلطوية من شانها تعزيز ظاهرة العنف ضد المرأة.
واضاف العكيلي، وضمن هذا السياق لابد من التنويه إلى تزايد حالات العنف ضد المرأة الإعلامية في العراق يوماً بعد آخر لتصبح ظاهرة خطيرة تستلزم وقفة جريئة وصادقة لبحث حيثياتها في محاولة التوصل إلى حلول لمعالجتها أو الحد منها . وأضاف العكيلي ان قرار مجلس الامن 1325من الأهمية بحيث انه صدر من اعلي جهة أممية بقصد القضاء على ما تعانيه النساء من تهميش أدى الى ابتعادهن قسراً عن المشاركة في عملية البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .
وقفتنا الثانية كانت مع المدير التنفيذي لجمعية نساء بغداد المحامية” أيمان عبد الرحمن” التي واجهتا بالسؤال عن اهم الانجازات التي نفذتها المنظمة في بغداد فأجابت إن المنظمة فتحت أربعة مراكز في شرق بغداد بسبب المعاناة التي تعيشها العوائل الفقيرة التي تسكن هذه المناطق من اجل انتشالها من حالة اليأس والفقر حيث إن هذه الأحياء ما تزال بعيدة عن ادني متطلبات الحياة اليومية التي تتعلق بالخدمات وخاصة مياه الشرب التي لم تكن في متناول الجميع إذ إن بعض المناطق تعاني من شح كبير من مياه الشرب أدى إلى استخدام السيارات الحوضية في إيصال المياه إلى السكان بدلاً من تيسرها بالصورة المعتادة في المنازل والمشكلة الأكبر حاجة هذه المناطق إلى منظومات المجاري التي تعد من متطلبات الحياة العصرية .
وأضافت أيمان، إن” هذا القرار يهدف الى تمكين المرأة وتعزيز قدرتها مما يتطلب قيام الحكومة بتعديل التشريعات والقوانين التي تنتهك حقوق المرأة وهو ما تسعى اليه الجمعية من خلال تعاونها المباشرو تنسيقها مع جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني من اجل تطبيق بنود القرار .
وقفتنا الثالثة كانت مع الإعلامي والكاتب الصحفي” قيس حسن” والذي أشار إلى إن، من يريد ان يعرف تحت إي مهانة وعسف تعيش المرأة العراقية وخاصة في المناطق الشعبية او الريفية، عليه أولا إن يراقب اللافتات السوداء التي تعلق في الشوارع والأزقة التي يعلن من خلالها عن وفاة امرأة، يكتبون على اللافتة عبارة " توفيت عقيلة السيد فلان الفلاني أو والدة فلان او شقيقة فلان" لا يذكرون اسم المرأة حتى حين تتوفى ، أنهم يخجلون من اسمها ، يرفضون ان تعرف الناس إن لنسائهم أسماء مثل بقية البشر، ويكتفون بالكنية وحتى هذه ربما هي فوق ما تستحق في الحياة، نحن هنا إمام نموذج متكامل من نماذج الاحتقار.
واضاف حسن، هل يكفي الحديث عن اللافتة السوداء هذه كي نعرف حجم الاحتقار والنبذ الذي تتعرض له المرأة ؟ المرأة ضحية المجتمع وضحية السلطة، وحتى الدين نفسه يجعل إمام حريتها معرقلات وحواجز، ومع ارتفاع مد الإسلام السياسي وسيطرة الأحزاب الدينية على السلطة والقرار ومع العنف الذي ضرب مفاصل البلد ونسيجه الاجتماعي كان وضع المرأة وحياتها المتدنية القيمة والاعتبار قد وصل هو الأخر إلى مديات مؤلمة.
المرأة العراقية كانت الوعاء الأخير الذي يجسد خلاصة التدمير الرهيب الذي مورس على المجتمع ، إن السياسات الخاطئة التي ارتكبتها السلطات المتعاقبة على العراق تحملت نتائجها المرأة ، الأمية، الترمل، الفقر، الكبت، فقدان الحرية، وفقدان القدرة على تحديد المصير، شكلت هذه المسارات مصيرا مؤلما للمرأة. اعتقد إن الأحزاب بكل مسمياتها ومرجعياتها لاتملك إي برنامج أو رؤية أو حتى رغبة بتغيير المسار المؤلم الذي يمضي إليه ( نصف المجتمع)، ومن ينظر إلى الغياب الكامل لأي دور للمرأة داخل الأحزاب يكتشف ان المرأة تركت وحدها في الساحة وترك لها ان تتلقى نتائج العنف والظلام الذي نعيشه اليوم .
وقفتنا الاخير كانت مع الناشطة المدنية والإعلامية” نهرين البرت” والتي تحدثت قائلة .. ان المرأة العراقية عانت الكثير من المحن والمصائب بسبب الحروب التي شهدتها البلاد والحصار الظالم الذي فرض على العراق وأدى إلى توقف عجلة التنمية وانهيار البنى التحتية وتمزيق النسيج الاجتماعي ولكن ذلك لم يمنعها من أداء دورها التربوي والأخلاقي والإنساني فقد شهدناها إماً حنون تطعم أطفالها وترسلهم إلى المدارس وتعمل الليل والنهار في البيت والمصنع والمدرسة وكانت النتيجة ان تضحياتها لم تذهب سداً فقد اثمر كفاحها عن براعم أخذت طريقها في بناء البلاد وخدمة الشعب ومثال ذلك امرأة تعمل عاملة خدمة في احد المستشفيات في ثمانينيات القرن الماضي استطاعت تربية أبناءها وإيصالهم إلى أفضل الرتب العلمية فقد أصبح ابنها الاو ل طبيب أسنان والأخر مهندس اتصالات وابنتها تدرس الماجستير في علوم الحاسبات .
واشارت البرت، هذا يعكس إمكانية المرأة وقدرتها على البذل والعطاء والتربية الناجحة الصحيحة ومن الطبيعي إن رعاية المرأة سيؤدي الى نتائج ايجابية في مجال إعداد الأجيال لتصبح قادة المستقبل والبلاد.
وفي الختام نبارك لجمعية نساء بغداد على هذه الجهود الرائعة ونتمنى في المستقبل ان تكون للرجل منظمة تدافع عن حقوقه ....