لاشك ان الاحداث التي شهدتها مدينة الحويجة وما تبعها من عقبات تشكل غصة مؤلمة في قلب كل عراقي صادق الانتماء لوطنه وشعبه ، بعيد عن التطرف ورفع لواء الانتماءات الفرعية وتقديمها على الانتماء للوطن.
وبقدر ما كان الامر يؤشر بعد تزايد الضحايا للجوء الى العقلانية والركون الى ايجاد تفاهمات بعد مبادرة رؤساء العشائر العربية في المناطق المتوترة لاستلام زمام المبادرة ونزع فتيل مواجهة ان استمرت لا يعلم عقباها الا الله ، يحاول البعض تأجيج الوضع واضرام الجمر في الهشيم لا يهمه ان يسقط من يسقط او يدمر ما يتدمر. والاكثر سوء ان يحمل راية هذا التوجه اناس يعيشون في رغد العيش خارج العراق ، وفيما ينعمون هم وأبنائهم بالأمان في دول الجوار وغير الجوار يرمون بابناء الشعب لمحرقة الاقتتال مؤججين فيهم روح الطائفية والفتنة والنزوع للمواجهة.
وبقدر ما يعتقد هؤلاء انهم يواجهون (عدوا ) يحاول تهميشهم والسيطرة عليهم ، بقدر ما يجعلون من انفسهم واهليهم بمنآى عما يمكن ان تسفر عنه الاحداث.
لاشك ان قيادات الجيش قد ارتكبت خطأ فادحا عليهم تحمل مسؤوليته ، وكان الاجدى بالقائد العام للقوات المسلحة وهو يعلن اعتبار قتلى الحويجة شهداء ويبادر لعلاج الجرحى ، ان يبادر الى اقالة القيادات العسكرية التي تتحمل بالدرجة الاولى كل الدماء التي سقطت والتي ستسقط ،بتعاملها مع الموقف بهمجية ولا عقلانية وبالشكل الذي يؤكد عدم صلاحيتها لمكان القيادة.
ولكن بالمقابل فأن منتسبي القوات الامنية سواء الذين في الجيش او الشرطة هم ابناء الشعب العراقي اولا ، ولا يمكن ان يعاملوا كأعداء ، فهم امتداد للجيش العراقي الذي نعرفه منذ عام 1921 وحتى الان ، واذا كان هناك من يسيء ويتعامل بالشكل الذي يناقض قيم العسكرية والوطن ، فيجب ان يعامل بمفرده على ما تقترفه يداه ، وليس من المنطق ولا الانسانية ولا من قيم الاسلام ان نحمل الجيش والشرطة جريرة ما يقترفه قادتهم او بعض المنتسبين .
وللأسف فان الساسة لازالوا يعملون على ما كانوا عليه اصلا باستغلال المواقف وتحريف الحقائق يدفعهم بذلك الانتماء الطائفي والحزبي فلا يعيرون للحقائق اهمية ويلوون رقبة الحقيقة لتتواءم مع خطابهم السياسي يحدوهم الامل بالمزيد من السلطة والمكاسب وان كانت على حساب الدم العراقي.
لا يمكن ان نسمح ان يكون العراق سيناريو مستنسخ عن السيناريو السوري بكل مآسيه وتداعياته ، وقد عشنا التجربة ، لذلك لايمكن لنا ان نسمح لمن هم خارج العراق بالقاء الخطب والمواعظ والتهديد بالويل والثبور قبل ان يقرروا العودة الى العراق وان يعيشوا بين أبناءه ويكتووا بالنار التي يكتوون بها ، فكتابة البيانات والمقالات تحت أجهزة التبريد وفي جوف الليل الآمن لا يمكن ان يعبر عن الحقيقة والخوف من المجهول الذي ينتاب البسطاء من الناس في مدن العراق.
مقالات اخرى للكاتب