لم يأت مؤتمر اعلان نتائج الانتخابات بجديد يسر القلوب، سوى بعض الوجوه الكالحة التي لم تفز. حين ابتدأ البث المباشر لمؤتمر المفوضين بدا ان كل شيء معلوم مسبقاً. بدا السادة اعضاء المفوضية مرتبكين، وسقطت اسماء بعض المرشحين عن السنتهم سهواً. اخطاء لفظية فاحت في اروقة المؤتمر. لكن تلك الاخطاء ظهرت طبيعية بالمقارنة مع اخطائنا الكبيرة، كشعب، لأن مسألة أعادة انتخاب فصيل بعينه من برلمانيين طغت بلادتهم وسوء فعلهم على عملهم، هي مسألة مُحيرة فعلا.
ليس من المعقول رسوخ الاقتناع بنواب اتفقوا خلال دقائق على امتيازاتهم ورواتبهم التقاعدية واختلفوا على إقرار موازنة يُعد تأخيرها شل جسد الدولة والقضاء على مشاريع البلد.
قد يبدو ان بعض الناخبين، من الذين اعادوا انتخاب السابقين، لا يعرف أساسا ما (الموازنة)، لا علم عنده بسبب تأخيرها، لكنه صب جم اهتمامه على التغزل بمرشحه والدفاع المستميت عنه على الرغم من اخطاء الاخير الطافية على السطح.
مؤيدو المرشحين السابقين كمن ساعد سارقا دخل بيته على حمل ما سرقه وتوديعه والدعاء له برزق (سرقة اكبر) في المرة القادمة. لا بل ان بعض ناخبينا منح السارق والفاشل مكافئة مجزية، كحافز يقويه على الاستمرار بمشروعه (التدميري) المبارك، من خلال التصويت له.
الحق ان من يظن ان رواتب البرلمانيين التقاعدية حلالا عليهم، ليس بغريب ان تراه يصوت لهم مرة ثانية، ويصفق لهم تشجيعا على ما سرقوا وخربوا وحرّضوا.
ليس بغريب ايضاً ان نندب حظنا العاثر في الفترة المقبلة على كمية الخراب التي ستضاف لتلك الكمية الأزلية في بلدنا، لأن كل شيء "جديد" يبدو مشابهاً لما سبق.
لكن حتى فرحتنا بــــــ(سقوط) هذا وذاك نخشى من عدم دوامها.
فالتغيير الضئيل جداً، الذي تمثل بعدم فوز فلان وفلان وفلان ودخولهم البرلمان الجديد، لن يستمر على ما يبدو. فكما هو معلوم ان ما يقارب خمسين مقعدا سيكون شاغرا وقت تشكيل الحكومة المقبلة. تلك المقاعد الخمسين، التي سيتركها الأعضاء الفائزين حين (ترقيتهم) بين وزير ورئيس وزراء ورئيس جمهورية و(مشتقاتهم) سيجلس على كراسيهم أعضاء جدد من الخاسرين. وفي هذه الحال، سيكتمل مجلس نوابنا القادم بــــــ(نفس الركّاب).
يا لخيبتنا في حال تمكن اولئك انفسهم من ركوب باص (البرلمان) مرة اخرى!
برلمانيون كثيرون من الدورة المنتهية ولايتها لا يختلفون عن بعضهم في اللامبالاة واغتنام فرص النهب. هكذا نبدو أمام اربعة أعوام جديدة لم تهضم سابقتها بسهولة وسيكون ابتلاع جديدها عسيرا.
كل شيء في البرلمان الجديد، على ما يبدو، سيستمر على منوال السنوات الماضية من الفوضى وانعدام المسؤولية، وتقاسم غنائم العراق المبعثرة على الطريق بلا راع ولا حام، والنزاعات، و(الزعل)، والصبيانية في اتخاذ قرارات لا تقل انحدارا عن متخذيها. سنراهم، البرلمانيين الجدد، بين مدة وأخرى بين (زعل) فلان وتدخّل علان، فيما الناس يتضورون ألما، و... يندبون حظهم العاثر، مع انهم من اختار هذا المصير بكل إرادة وتصميم.
مقالات اخرى للكاتب