حين يقف الإنسان على المنبر يلقي كلمة ,أو يكون إماما لجماعة يجب أن يتكلم مع الناس بقدر عقولهم , في تفسير القران والرواية وإطلاق الحكم الشرعي مستندا على الدليل العلمي والتاريخي , لا أن تكون خطبته مؤدلجة سياسيا وتابعة لتوجهات حزب معين أو كتلة .. أخوتي الأئمة نحن في زمن حرب وفتنة .. وبلدنا يقف على كف عفريت , أنا وأنت نستطيع إخماد الفتنة إذا تخلينا عن الأيدلوجيات السياسية التي فشلت وأوصلت البلاد إلى ما نراه اليوم ..الخطبة إذا تحقق فيها الفائدة يجب أن تكون بالعقل لا بالعاطفة , لان إيمان العاطفة كارثة على الأمة , حين يتحول الإسلام إلى ممارسات سياسة وشعارات فارغة فانه ينقلب وبالا على الأمة , ونحن المعممون من يتحمل وزر الدماء ..ويؤسفني أن اسمع معممين في خطبهم الدينية , يتحدثون عن معارك الفلوجة بطرق ملتوية , يعرفها القاصي والداني , سادتي المشايخ الكرام , بلدنا يحتاج إلى { كلمة شرف وموقف ورجولة } بعيدا عن الطائفة , لان العراق لا قدر الله لو ضاع , ضاعت طوائفنا بضياعه , نحن المعممون الذين اخترنا طريق التبليغ برسالة السماء يجب أن يكون كلامنا نظيفا مهذبا بعيدا عن الأيدلوجيات التي تسبب ضياع الوطن والشعب .. يؤسفني جدا أن اسمع من بعض الخطباء نبرات يظهر من خلالها الوقوف مع داعش تحت غطاء يسمى أنساني , " قتل أطفال ونساء ومدنين " وهي خطوات واضحة وراء منطق سياسي ظهر قبل شهرين بزوبعة عن نقص الغذاء في الفلوجة وانعدام الحليب والأدوية .. والآن مضى شهران على ذلك الادعاء , رغم إن القوات الأمنية تضرب طوقا حول المدينة من كل الاتجاهات ... إذن كلام السياسيين وخطباء المساجد المرعوبين من تحرير الفلوجة هم وجهان لعملة واحدة ... ولأذكر لسادتي المشايخ موقفا ذكره سعيد بن المسيب المخزومي القرشي، المولود سنة 13هـ، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، الذي كان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وقضاءه ، حتى سُمِّي راوية عمر، توفي بالمدينة سنة 94هـ. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/217، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/375، وأبو إسحاق الشيرازي: طبقات الفقهاء 1/57. يذكر في هذه المصادر قولا { يعارض موقفكم وآراءكم عن قتال الفلوجة}.. يقول : ولم يُعاقب رسول الله{ص} بني قريظة مع بني النضير، ولم يُؤَاخذهم بجرم إخوانهم الذين أرادوا قتله؛ فقد كانوا على عهد مع رسول الله {ص} أن يدافعوا مع المسلمين ضدَّ أي عدوٍّ يُهاجم المدينة، ولكنْ بنو قريظة خانوا المسلمين في أشدِّ المواقف حرجًا؛ فقد راسلوا الأحزاب المتجمِّعَةَ حول المدينة، والآتية من مكة وما حولها لغزو المدينة واستباحتها، وتأكَّد الرسول {ص} من صحَّة هذا الأمر ..يقول ابن كثير: السيرة النبوية 4/115 بعد كلام يطول بيانه . إذ جاءهم رسول بني قريظة: أن اثبتوا فإنَّا سنُخَالف المسلمين إلى بيضتهم { أي مراكزهم الحساسة }. أي أن اليهود يعِدون الأحزابَ إن خرج المسلمون إلى قتالهم أن يعتدي اليهود الذين في المدينة على نساء المسلمين وذراريهم وأموالهم.... فهي إذًا خيانة عظمى من هذه الفئة التي كانت على عهد وميثاق مع الدولة الإسلامية، ثم في أحلك الظروف تنقض العهد، وتتعاون مع العدوِّ المهاجم من خارج الدولة؛ فسبب غزوهم هو نقضهم للعهد الذي كان بينهم وبين النبي{ص} في أحلك الظروف وأصعبها على المسلمين، فهل يدَّعي أحدٌ بعد ذلك أن العقاب الذي أنزله النبي{ص} بهم فيه شيء من الإجحاف أو الظلم؟ وماذا لو تمَّ لهم ما أرادوا من غدر وخيانة للمسلمين؟ ...وأهل الفلوجة يا أهلنا يا كرام من أبناء هذا الوطن , يحملون همومنا ويحملون هويتنا ويأكلون من أموال نفطنا , وهم أول من خطط وآوى ونصر وساعد الأجانب الوافدين من حثالات الدنيا .وهذه حقيقة لا نقاش فيها { ما لكم لا ترجون لله وقارا}
مقالات اخرى للكاتب