الاسلام هو الحل , هذا هو الشعار الذي رافق الحركة الاخوانية في مصر منذ تأسيسها على يد الشيخ حسن البنا سنة 1928 , وكاد يصبح العلامة الفارقة الوحيدة في تاريخهم والرمز الاسمى لمتبنياتهم في صراعهم الطويل ضد انظمة الحكم المتعاقبة في مصر, ولكنه بقي ملصق اعلاني لامع يقتصر بروزه بشكل دائم في احتفالاتهم ونشاطاتهم الدينية والارشادية المسموح بها من " الكفار" الذين حكموا البلاد ,لكن المطّلع على مبادئ الاخوان الاساسية وفقه الدعوة لديهم او مايسمى بانجيل " جماعة الجهاد " يعرف وبوضوح مدى التطابق الكبير بينهم وبين فقه الوهابية القائم على تكفير الاخر وقتله وربما سحله ان استطاعوا الى ذلك سبيلا, وكل هذا لان شيخهم العتيد ابن تيمية عاشق الامويين , كفّر ماتيسر له من طوائف المسلمين!!.
الاسلام هو الحل , ولكن اي اسلام ,هل هو اسلام ارسلناك رحمة للعالمين ؟ ام اسلام جادلهم بالتي هي احسن؟ ام اسلام انما المؤمنون اخوة؟! الواقع لايقول ذلك , انه الاسلام الاموي المنحرف الذي توارثوه بالنقل الحرفي , الاسلام الذي اباح دم ريحانة رسول الله, وسيد شباب اهل الجنة , الاسلام الذي اعطى عبيد الله ابن زياد الحق برمي مبعوث الحسين ع , مسلم ابن عقيل من اعلى منارة قصر الامارة وسحله بعد ذلك في طرقات الكوفة!!.
فلا غرابة ان يستشيط غضباً دعاة هذا الاسلام الدموي ممن يسفه احلامهم ويبطل حججهم ويكشف عوراتهم وسوءات قادتهم عبر التاريخ , فعندما يقول المسلم الشيعي بان الحسين قتل مظلوماً, ويقيم عزاءا له منذ مئات السنين ويبكي بحرقة على احب خلق الله في ارضه, كما وصفه جده وحديث " حسين مني وانا من حسين ", يتبادر الى أذهان المنصفين ودعاة الحق والحقيقة سؤال بديهي , ومن ظلمه ياترى؟! الجواب سيأتي مدوياً صاعقاً ومزلزلاً ...ظلمته وقتلته بني امية وحفيد آكلة الاكباد الذي تجلون وتتبعون ايها السادة ,هذا الخليفة القاتل والمنتهك للحرمات وقاصف الكعبة بالمنجنيق والمستبيح لمدينة نبينا المصطفى ثلاثة ايام!! والذي ورثتم تعاليم وفقه دينكم عن طريق حكمه وطريقته المثلى في الذبح والسحل وسحق الصدور بسنابك الخيل , اي ان فقهكم واسلامكم الذي تتعبدون به جاء عن طريق هؤلاء القتله وانصارهم من رجال الدين الذين شرعنوا هذا الخلافة المغتصبة بغير وجه حق.
في مصر العروبة , مصر التعددية والتنوع الجميل , مصر الطيبة والاصالة والقيم , مصر الفن والادب, مصر الرجولة والنكته والبساطة , يحدث فيها الان ما لم يكن احد ان يتوقعه او يخطر على باله, حيث تقتل النفس البريئة ويمثل بها بطريقة وحشية تعاف وتستحي منها حتى وحوش الغاب .فكمية القاذورات القابعة في نفوس هؤلاء والمضمرة خلف شعارات الوحدة وتماسك المجتمعات الاسلامية وتعايشها السلمي , ماهي الا حقيقة هذه الفئات الضالة والمضلة التي تتبع سُنن من حارب الله ورسوله في اهل بيته! والا كيف ندعي اتباع الاسلام الذي جاء به محمد (ص) ومن جهة اخرى نحارب محمد وآل محمد ونقتل ونسحل ونسحق ونسبي عيال محمد وآل محمد , كيف ؟ كيف يستوي هذا الامر عند العقلاء ؟ في ان تتبع شخصاً وتعشقه وفي ذات الوقت تذوب عشقاً بقاتليّ ذريته وآل بيته الذين اذهب عنهم الله الرجس وطهرهم تطهيرا, (اية التطهير ) فهل هذه الاية بدعة شيعية هي الاخرى؟ ام اية صريحة في القران الكريم , وينسحب الامر تلقائيا على محبي العترة الطاهرة لينالوا هم ايضا نصيبهم من بركات بني امية من القتل والتكفير والسحل , ثم انكم تكفرون من يشتم ام المؤمنين عائشة لانها حسب قولكم من اهل البيت وتشملها اية التطهير , وتكفرون من يقيّم او ينتقد تاريخ اي من الصحابة " المقدسين " , فلماذا عندما يتعلق الامر بقتل واستباحة دم الامام الحسين ع الاقرب صلة بالرسول من جميع الصحابة , يكون التعليل حاضراً, يزيد افتى فأخطأ وله اجر!!, وهو القائل (لعبت هاشم بالملك فلا , خبر جاء ولا وحي نزل)! وهو اعلان صريح بالكفر ونكران لنزول الوحي! وماذا عن ابيه معاوية الذي سن سنة سيئة بشتم الامام علي ع, لماذا لم تكفروه وهو يشتم صاحبي جليل ورابع الخلفاء الراشدين وابن عم النبي الذي تعشقون! بل على العكس تترحمون على صاحبكم وتقدسونه كأفضل صحابي!!.
أليس غريباً ان تحفظ الانظمة العلمانية الفاسدة في مصردماء المسلمين ووحدتهم, وفي حكم الاخوان اصحاب شعار الاسلام هو الحل!! يصبح المسلمون غير آمنين في بلدانهم , والاقباط اصحاب البلاد الاصليين خائفون على مصيرهم ومستقبلهم تحت طائلة فتاوى التكفير والقتل والتهديد بالحرق والسحل , كما حدث قبل ايام مع القيادي الشيعي المقتول صبراً الشيخ الشهيد حسن شحاته رحمه الله واخوته , في جريمة اظهرت مقدار الهمجية والبربرية التي ابتدعها وصاغها شيوخ التكفير والارهاب في الاوساط الشعبية , شيوخ قصرت عقولهم الفارغة عن استيعاب الاخر , وضعفت حجتهم عن اقناعه, واضمحلت نفوسهم الدنيئة امام قوة بيانه ورسوخ ايمانه, فلم يجدوا سبيل لترسيخ حكمهم المتداعي وسلطانهم الا بذبح المخالفين والخارجين عن اسلامهم الوهابي الدموي, والا ماهذا الهلع الشديد من المذهب الشيعي اذا كان مذهب منحرف وباطل وقائم على البدعة والخرافة كما تقولون.
ولان الشيعة اضعف الحلقات في هذا المجتمع الواسع والكبير ولغرض الخروج من اخفاقاتهم الداخلية حشدوا الطاقات الايمانية النابضة بالتقوى الوهابية المنكوحة شرعاً لضرب الشيعة الابرياء هناك وكأنهم الخطر الاكبر على سلطانهم وامارتهم الاخونجية التي يرومون اقامتها في مصر, ويحكم ياقتله!.. امهلتم حتى الراقصات والعاهرات في شارع الهرم 5 سنوات للعمل في مجالهن , ولكنكم صغرت نفوسكم السقيمة عن امهال فئة صغيرة من الشيعة المصريين ساعة واحدة , لم يقترفوا ذنباً الا حب علي ع وآل بيته! وماذا ستفعلون بالاقباط المصريين؟ وماذ ستفعلون بالعلمانيين؟ وماذا عن الفنانين , والشيوعيين؟ , وماذا عن المسلمين من غير اتباعكم الجهلاء؟ هل ستذبحون وتسحلون اربعين مليون مصري؟, هذا اذا افترضنا بانكم تشكلون نصف الشعب!! هل هذا الاسلام " الحل" الذي كنتم تناضلون من اجله اكثر من ثمانين سنة!! ينتهك الحرمات ويهدم البيوت ويحرق الناس في بيوتهم احياءاً ثم يُقتلون ويُسحلون في الشوارع وسط صيحات التهليل والتكبير, الا لعنة الله على الظالمين.
غداً سيقول الشعب المصري كلمته الاخيرة ,غداً سيقرر المصريون الاحرار طريقة حياتهم ومستقبل ابنائهم وبلدهم ,فأما امارة التكفير والقتل والسحل والترويع للامنين من المخالفين للاخوان الصهاينة والسلفية, واما نظام ديمقراطي متحضر يحترم المواطن بصرف النظر عن انتماءاته وميوله ومعتقداته, نظام يحفظ للانسان كرامته ودمه وماله, ان موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب؟
مقالات اخرى للكاتب