لو اجرينا تصويتا شعبيا نخير من خلاله الناس بين اختيار مشروب (الكوكا كولا) او ( كتاب) كمادة تضاف الى مواد البطاقة التموينية لكل فرد , فبرايكم على اية مادة سيمنح المواطن صوته ؟؟ اعتقد ان الجواب لايتطلب ادنى مستوى من التفكير بالنسبة للعارف باسرار البشر . هذا التساؤل قفز في عقلي حين كنت متواجدا بفعالية (انا عراقي : اتا اقرأ ) في موسمها الثاني التي اقيمت على حدائق ابي نواس , ولكي لانبخس الشباب المثابر والطموح والمنظمة الراعية للفعالية كرمهما , وجب ان نتوجه بالشكر الجزيل الوفير لجهدهما الراقي الهادف الى اشاعة ثقافة القراءة , الى جانب بيع الكتب والمؤلفات مجانا الى القراء . لكن ليعلم الشباب والمنظمة والجميع ان غرائز وحاجات الانسان سلطان عليه , وسلم التفضيل البشري يخضع لدرجات ومراتب لايمكن تجاوزهما , فالاكل والشرب والجنس هما من اولويات ابن ادم دون غيرها من المتع والملذات والهوايات , كما ان الامور لاتقاس وتقارن بما هو شاذ ومستثنى , فثمة اناس يقرأون وهم جياع , يطالعون حتى لو اطعموا حجرا , فهؤلاء المهوسون بالقراءة فئة قليلة وحالات فردية مشخصة الاسباب والدوافع , اما الفئة الكثيرة لاتحثها على المطالعة الشعارات البراقة والفعاليات السنوية الرمزية التي يزول مفعولها في لحظة ازالة اللافتات وتنظيف المكان من اعقاب السكائر وقناني الماء الفارغة . ان حب القراءة وعشق الكتاب تربية تنقش ادابها وعاداتها في العقول منذ الصغر , وليس بالامكان ان نحض انسان على القراءة وهو عمر من العمر الثلاثين او اكثر , فالفرد بهذا العمر من المؤكد ان تكون له اسرة واطفال وما يتبع ذلك من مسؤوليات والتزامات تكلفه الجهد والوقت والمال لسد رمق العائلة بالمقام الاولى . فالعراقي لن يقرأ ولم يقرأ ما دام مضطهدا مستعبدا مسلوب الحرية منزوع الحقوق , تمتهن كرامته حكومة يديرها المتخاذلون والفاسدون واللصوص والسراق , طغمة سياسية القت العراقيين في اوحال الذل , مكملة حلقات مسلسل الخراب والتبعثر والتجهيل والتجويع والدمار الذي اخرج جزؤه الاول النظام المقبور الملعون . في احد الايام السوداء ابان حكم النظام السابق والتي لاتقل سوادا عن ايام النظام الحالي , قطف والدي من حديقة مكتبته المنزلية كتابا قيما ليبيعه في سوق المتنبي ليطعمنا من ماله , وقبيل خروجه من البيت , سألته والدتي : هل انت متاكد من ان سعر هذا الكتاب كافي لشراء (طبقة بيض) , فاجابها بهدوء حزين : أي
مقالات اخرى للكاتب