خطوات ملموسة ولكن ما زال في بداية الطريق
خطى السيد العبادي لحد هذه اللحظة خطوات محمودة على طريق عراق ديموقراطي ، فإن الاوامر الصادرة بحذف مفردات التفخيم والتضخيم ، بل يحمد عليها ،لان الاستمرار على تلك الالقاب والمواصفات الابتهاليةوالتبهيلية تتحول فيما بعد الى مادة تربية غير مباشرة على تصنيم الاشخاص وتعبيد الناس لهم ، كذلك ، ايعازه بعدم رفع صوره على الاعمدة والجدران والواجهات خطوة مكملة لسابقتها ، فإن من مظاهر النظام الديموقراطي هذه الظاهرة ، كما انها خطوة قيمة على ذات الطريق ، اي تحرير الضمير العراقي من عبودية الاشخاص ، وسواء كانت الخطوتان تنتمتيان الى البرغاتية او الواقعية ا و الايمان ، ينبغي استحسانها واعتبارها من الخطوات الناجعة على طريق عراق ديموقراطي ، كذلك قراره باحالة المسؤولين عن جريمة انهيار الموصل وفضيحة سبايكر والصقلاوية هو الآخر خطوة بالاتجاه الصحيح ،وإنْ لم تكن بالخطوة الجبارة التي تتناسب مع عمق الماساة والجريمة ، تصريحات السيد العبادي السياسية اتسمت بالهدوء والرصانة ، ولم تتسم بالعنفية والتهديد والوعيد ، كما انها ابتعدت عن قانون الوعد السريع ، وهذه فكرة جيدة ، لان الرجل كما يبدو يحسب للوعود حسابها ، رغم انه كان متسرعا في اعلانه عن قرب تسمية وزيري الدفاع والداخلية ، إذ يبدو أن القضية اصعب واعقد مما كان يقدر ويتصور ، ولكن ليس من المعقول محاسبة الرجل على ذلك دون الاخذ بنظر الاعتبار الظروف التي يمر بها البلد ، على انه لا شك فيما إذا تاخر ت تسمية الوزيرين سيكون محل نقد ولوم ، وذلك من حق الناس التي ملت فراغ المنصبين لما لهما من اهمية قصوى على صعيد امن العراقيين الذي بات امنية كل مواطن .
العبادي في تصوري لم يكن موفقا في قراره ايقاف القصف ليس من حيث المبدا بل من حيث صياغة القرار ، بحيث لا يترك فراغا للاستغلال او سوء الفهم ، وكان القرار مجرد امر صادر ، وفي مثل هذه الاحوال في تقديري يجب ان يكون العبادي دقيقا في الصياغة ، ويا حبذا لو يستعين باهل الخبرة في الخبر العسكري .
العبادي عندما يؤكد على صلاحياته سياسة جيدة ورصينة ، ولكن فيما لو جاءت هذه التصريحات مدعمة بالنصوص الدستورية فإنها سوف تترسخ حقا دستوريا ، كما ان ذلك يؤسس على المدى الطويل لثقافة دستورية مجتمعية .
ان اهم ما سوف يواجهه العبادي في عمله هو تنظيم المؤسسة الامنية ، واعتقد من المفيد جدا ان يراجع الكثير من الانظمة الامنية المعمول بها في الدول المتقدمة ، واقترح عليه ان يراجع جيدا وبشكل معمق النظام الامني المصري ، بسبب عراقته ، وتجاربه ، وكل هذا يستوجب تاسيس لجنة يشرف عليها مختصون لمراجعة الانظمة الامنية للدول المتقدمة والناجحة في هذا المضمار .
ان تاسيس مجلس امن اعلى من احسن الخطوات هنا ، ولكن يبقى موضوع اختيار الاعضاء والمؤسسين هنا .
ان الامن هو المعضلة الكبرى التي تواجه العبادي ، بل تواجه العراق برمته ، وهذه المهمة تحتاج الى مجلس امن اعلى ، يخطط عسكريا وثقافيا واعلاميا ونفسيا في ادق التفاصيل .
يتبع
مقالات اخرى للكاتب