ولأنَّ الحجَّ فريضة واجبة من فرائض المسلمين
لمن استطاع إليه سبيلاً وجب أن يكون هدفاً من أهداف الإستكبار العالمي وأذنابه !..
لئن عبد الناس الحجر والشمس والقمر والبقر فإنَّ ذلك ليس بمشكل ولكن أن يُعبَد الله جلّ وعلا في بيته وركنه فإنَّ ذلك هدفٌ يجب صدَّه !..
في هذه الأيام المباركة والعظيمة التي تشهد إقامة فريضة الحجّ الواجبة على كلّ مسلمٍ ومسلمة نُفاجأ بحوادث يدمى لها القلب ويندى لها الجبين من قتلٍ واصطيادٍ للحجّاج في حوادث أقلّ ما يُقال فيها أنّها كارثة كبرى وما كان يجب أن تحدث أبداً !..
والمقصِّر الأوّل والأخير بالتأكيد هو المملكة السعودية بجميع أجنحتها وهي المسؤولة عن تنظيم إقامة الشعائر الدينية في الحجّ .
فمن استهتارٍ واضح وصريح من الدولة المضيفة بأرواح الآلاف من حجّاج بيت الله الحرام الذين توافدوا لأداء فريضة الحجّ عبر الإرتكابات الغير مسؤولة للمسؤولين عن تأمين سلامة الحجّاج والمتمثِّل بشواهد عدّة أولها استهتارٍ واضح في وضع الرافعة وتثبيتها في مكانٍ يشكِّل خطراً على الحجيج والتي أودت بحياة المئات من الحجّاج الى إستهتار الأمراء من آل سعود وأصحاب الحسب والنسب والفخامة في المملكة السعودية في مرور مواكبهم في طريق الحجّاج المحرمين ، ورمي الجمرات لبعض الأمراء من سيّاراتهم في استهتارٍ واضحٍ ومؤسف بحياة المئات والآلاف من الحجيج ، وصور هذه المواكب الأميرية تضجُّ بها مواقع التواصل الإجتماعي ، الى استهتارٍ أكبر وأعظم في تلقّي النتائج الكارثية لهذه الحوادث المؤسفة وأوّلها عدم تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلّة تتولّى التحقيق في حوادث قتل جرت بالجملة في المملكة السعودية في أثناء أداء فريضة واجبة تتكرَّر في كل سنة فيما هذه الأخطاء التي سُجِّلت سابقاً من أقرب المقرّبين من النظام السعودي ما زالت تتكرّر في كل سنة حتى وصلت ذروتها في هذه السنة المأساوية الحزينة .
ومن ينسى الإنتقادات التي وجّهها البعض من مؤيدي النظام الملكي في السعودية فيما مضى من أعوام وآخرها الإنتقادات الكبيرة للداعية السعودي محمد العريفي السنة الماضية حول الأخطاء الكبيرة والمفصلية التي تمّ رصدها والإشارة إليها هنا وهناك في الأماكن المقرّرة لأداء أركان فريضة الحجّ .
وبدل أن يُصار الى تصحيح الخلل والأخطاء التي أُشير إليها يتم الإستهتار بحياة الألوف من حجّاج بيت الله الحرام في تقصيرٍ واضح لم يسبق له مثيل في العالم .
وما حادثة الرافعة وما تلاها من ” تدافع ” في منى (!!!) والذي أودى بحياة المئات من حجّاج بيت الله الحرام إلّا سابقة خطيرة إنّما تدلّ على درجة الإستهتار وانعدام المسؤولية واللّامبالة من قبل المسؤولين في السعودية على أقلّ تقدير إن لم نقل عن سوء نية وتصميمٍ مسبق !..
وهذا الأمر لا ينبغي أن يمرّ من دون تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلّة في الأمر وعلى أكبر المستويات لكي يتم تحديد المسؤوليات بدقّة بدل الإلتفاف والإكتفاء بمحاكمة عدد من مسؤولي الأمن من العامة وإخفاء الأدلّة والبراهين والأفلام التي تنقل حركة الحجّاج في ذلك الوقت في محاولة مشبوهة للتغطية عن السبب الرئيس في حصول التدافع في منى ومسؤولية مرور موكب أحد الأمراء بعكس خط السير في حصول هذا التدافع الرهيب الذي أودى بحياة ما يقارب ألف حاج وجرح ألفي حاج آخرين في مأساةٍ قلَّ لها مثيل . وما يدفع الى الشك أكثر وأكثر وجود عدد كبير جداً من المفقودين وتحديداً من الإيرانيين فهناك كما تشير المصادر أكثر من 300 مفقوداً من بينهم السفير الأسبق في لبنان غضنفر ركن آبادي
وهو ما زال مفقوداً الى الآن .
وفي حادثة أخرى مشبوهة تشير مصادر إيرانية موثوقة أنَّ العالم الفيزيائي الإيراني أحمد حاتمي اتصلّ بزوجته بعد حادثة الرافعة مباشرةً يطمئنها ويخبرها أنّه يعمل على إسعاف ونقل المصابين الجرحى ليتبيّن لاحقاً وفي اليوم التالي أنّه من بين الشهداء .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يتم استغلال هكذا حوادث أو بالأحرى استيلاد هكذا حوادث للإنتقام من الخصوم السياسييين وفي أطهر بقعة على الأرض ؟!!
من هنا ينبغي وبشكلٍ جدّي تشكيل لجنة إسلامية دولية حيادية للتحقيق فيما جرى ومعرفة مصير المفقودين وهو أمرٌ لا يجوز الإستهانة به في الظل المؤامرات الخبيثة التي تجري في المنطقة والتآلف الواضح وضوح الشمس بين المملكة السعودية والكيان الغاصب للقدس وفلسطين .
كما يجب التحقّق من أهداف الحملة المشبوهة التي جرت وتجري في السنوات الأخيرة وهدفها تغيير معالم المكان المخصّص للطواف حول الكعبة وبناء الكثير من الفنادق الكبيرة في هذا المكان تحديداً في محاولة واضحة لتقزيم مناسك الحجّ لحساب مصالح وأهداف شخصية لأفراد معروفين في العائلة المالكة . وهذا دليل إضافي على أن سياسات المملكة السعودية هي سياسات خاطئة في تدبير شؤون الحجّ والحجّاج فبدل التركيز على تأمين سلامة الحجّاج يتم التركيز على تغيير صورة الأماكن المخصّصة للحجّ والإستهتار بحياة الألوف من حجّاج بيت الله الحرام .
فإذا أضفنا الكثير من الحوادث الإجرامية الفردية التي تحصل هنا وهناك في موسم الحجّ والعمرة من تعدّي فاضح ممن يسمّون ” منظِّمين ” وما تناقلته وسائل الإعلام والإنترنت من صور فاضحة لضرب الحجّاج بوحشية وأذيّتهم جسدياً من قبل هؤلاء ” المنظِّمين ” لا يسعنا إلّا إبداء الأسف مما وصل اليه الإستهتار في حفظ سلامة الحجّاج المحرمين والمعتمرين .
من هنا يجب التحقيق والمحاسبة ولا يجب بأيِّ حالٍ من الأحوال أن تمرّ هذه الحوادث وكأنَّ شيئاً لم يكن .
والسؤال الأكبر هنا هل بيت الله الحرام هو ملكٌ لآل سعود يتصرّفون به كما شاؤوا وكيف يشاؤون ؟!!
وهل هو ملكٌ لآل سعود يقبلون بمن شاؤوا ويرفضون من يشاؤون من حجّاج بيت الله الحرام ؟!!
وهل كان الحجّاج اليمنيون الذين منعتهم السلطات السعودية من الحجّ في هذا العام سيشكِّلون خطراً على بقية الحجّاج كما شكّل إهمال السلطات الأمنية وانعدام مسؤولية أمراء وولاة عهد مملكة آل سعود ؟!!
وهل بيت الله الحرام ساحة لتصفية الحسابات السياسية ومحاولة قلب النظام القائم في السعودية ؟!!
وهل استُشهِد الآلاف من الحجّاج في بيت الله الحرام نتيجة محاولة انقلابية وتصفية حسابات ما بين الأجنحة المتصارعة على السلطة والنفوذ في المملكة الوهابية الحجرية المتخلِّفة ؟!!!
وختاماً ، هل بيت الله الحرام هو مــــــــلكٌ لآل سعود ؟!!!!
حتماً لا ، وألف لا .
مقالات اخرى للكاتب