في نظرة عامة متأنية للمنطقة العربية بشكل عام والساخنة منها بشكل خاص وللتفاعلات والاحداث الجارية فيها . هذه مبنية على اية اسس وعلى اية مفاهيم هل على أسس ومفاهيم ونظريات مفقودة ونسعى الى اعادتها الى وضعها السابق ومن ثم تثبيتها , أم مستحدثة يحاول الفاعلين فيها تعميمها وفرضها والعمل بها كمعايير سياسية وقيمة اجتماعية وثقافية جديدة ومتطورة , تلاقي قبولاً شعبياً واسعاً يصطدم برفض مجتمعي جزئي لا نستطيع تحديد حجمه , لأن الرؤية غير واضحة تماماً للجميع . مما يخلق دوامة من القلق والصراعات بين من يقود المجتمع من سياسيين ورجال دين ويأثر فيه من مثقفين ونخب أجتماعية فاعلة ذات مصالح خاصة بها , مثل الوجاهة والسلطة والمال , أمتيازات لا تريد التفريط بها أو جزء منها على الاقل , يرافق ذلك بروز قوى جديدة وفاعلة ذات مبادئ واهداف مختلفة ومغايرة للمتعارف عليه والمعمول به تحاول أزاحة ما تستطيع القدرة عليه وأيجاد موطئ قدم في المجتمع المُختَلِف القابل والرافض خالقاً صراع مجتمعي سايكولجي حاد . حادثاً شرخاً عميقاً في المفاهيم والقيم الاجتماعية المتعارف عليها والمعمول بها وتناقض رئيسي خطير بين المجتمع الواحد بحدوده العامة المتعارف عليها كشعب ووطن . من المؤكد هناك من يدرك ذلك جيداً ويستعرضه بأستمرار , كحركة مجتمع أشبه بالجهاز الهضمي للأنسان أن جاز التشبيه من ناحية الحاجة للطعام يترتب عليه السعي الجاد والمُلِح للحصول عليه ينبني على ذلك ملئ المعدة وحركة الامعاء والاستفادة من الموجود وآخرها طرح الفضلات لديمومة الحياة , أي خلل في ذلك سيؤدي الى عواقب وخيمة وخطيرة نتيجتها ضرر خاص أو عام لن يكون في صالح الجسد وبالتالي سيخلق هذا الضرر نوع من الخلل والاضطراب الكُلّي او الجزئي الخطير ,معنى كلامنا هذا أن الاضرار بالفرد ( فعل خاص ) سيؤدي بالنتيجة أذا تكرر وأزداد سيؤدي حتماً الى ضرر أجتماعي عام وسيلاقي حتما ممانعة ورفض من المتضرر أو حتى من غير المتضرر . نتيجة الشعور والتوقع بأمكانية وقوع الضرر , مثل مجموعة من الاشخاص يتواجدون في مكان محدد سالمين مع شخص مصاب بالانفلونزا من الممكن ان يعدي الجميع وأصابتهم بهذا المرض , لذلك يقتنع الجميع بضرورة الوقاية . والفرد المصاب تتوقف على فهمه وادراكه أمكانية نقل الضرر الى غيره , لذا يترتب عليه علاج نفسه اولاً ومنع نقل الضرر الى الآخرين . مجتمعنا العربي يمر حالياً بنفس الحال من ناحية الصراع الفكري والبحث عن منظومات قيم أجتماعية ومفاهيم سياسية دينية ثقافية واضحة الفكرة والمعالم قادرة على تلبية حاجات المجتمع متوافقة مع قناعاته وأمكانياته العقلية والمادية , وهذا يجعل من الضروري جداً تعامل كل أعمدة الارتكاز السياسية والدينية والثقافية مع مجتمعاتها على اساس فهم هذه المجتمعات والمرحلة التي تمر بها والتي ينبغي التعامل معها وفق المتغيرات الفكرية والفلسفية التي يمر بها العالم بأعتبار المجتمع العربي جزء منها ويتأثر بها على اساس حركة التطور الاجتماعي العالمي الاقتصادي والثقافي والعلمي وتأثيراتها المتداخلة بين شعوب العالم . الابتعاد عن دراسة ومراقبة حركة المجتمعات وتأثيراتها ومجاراتها والاستفادة منها يعتبر غباء قاتل وهذا ما تعانيه مجتمعاتنا الحالية . في اختبار بسيط نجريه على انفسنا كأفراد في مجتمع محدد واضح المعالم , لماذا نرفض الكثير من الامور التي نتعامل بها حالياً أو نعتبرها منقوصة وغير متكاملة في مجال القوانين والتشريع والعدالة الاجتماعية والخدمات وحتى في منظومة القيم الاجتماعية السائدة , نضرب مثلاً بسيطاً . مصر دولة عربية كبيرة تُعتَبَر من دول اللجوء لماذا يعزف معظم العرب عن اختيارها كمكان بديل للعيش ويفضلون اللجوء الى اميركا او البلدان الاوربية , في استبيان لأحدى الجمعيات العربية لحقوق الانسان لاحضت أن 90% من السورين المتواجدين في مصر يحاولون الهرب الى الخارج بالرغم من المخاطر التي يتعرضون لها وهذا الحال ينطبق على العراقيين والليبيين وغيرهم ممن يعانون الحيف في بلدانهم , بدى واضحاً ما نريد الوصول اليه , ان المجتمعات الاميركية والاوربية البديلة لطالبي اللجوء هي افضل من مجتمع الاجئ الباحث عن الامان والاستقرار وفرص العيش السليمة ولا نقول الطبيعية , يترتب على ذلك اذاً الاخذ بالمعايير المجتمعية العالمية والعمل بها في كافة المجالات حتى نُغني الفرد عن البحث والتفكير في ملاذ آخر يقضي بقية حياته فيه . وقد نكون يوماً بلدان لجوء لا بلدان هروب ونفرة . على من يقود العباد والبلاد الاقتناع بهذا المنطق { سلامة الفرد وسعادته وقوته تعني سلامة المجتمع وسعادته وقوته } غير ذلك لا ولن تستقيم الامور والكل خاسرٌ في النهاية قيادات ونخب ومجتمع وأفراد , المنظومات السياسية الفاعلة في الوطن العربي التي انهارت والتي ستنهار تباعاً تقع ضمن دائرة هذا المنطق ولن تسلم منها اية منظومة حكم عربية وينسحب ذلك على اسرائيل والنظام الايراني وسيقع ذلك في المستقبل المنظور قَصِرَ أم طال مداه . لأنها تصارع حركة التطور و التغيير الحتمية ولا تريد القبول بها والتعايش معها .