خفي على كثير من العراقيين بالخصوص، والعالم بالعموم، الدور الأمريكي بخراب المنطقة العربية، من خلال نخر المجتمعات، وخلق عدوّ من داخلها، وجعلها تأكل بعضها من دون تدخلها تدخلا مباشراً! وهذا بالطبع يحتاج أمولاً ضخمة، وهنا يأتي الدور السعودي، إبتداءاً من تكوين تنظيم طالبان، الذي تم تغذيته بكل الأسلحة والعتاد وباقي المستلزمات اللوجستية، وإنتهاءاً بالصواريخ المحمولة على الكتف، لإستهداف الطائرات السمتية الروسية، مما أدى بخروج القوات الروسية من أفغانستان، وتنتهي بذلك صفحة نجح الأمريكان بها، ومقاتلة الروس بهذه التنظيمات بحجة إحتلال السوفيات لأفغانستان، وتحريرهم بواسطة ذلك .
بعد الهدوء الذي ساد أفغانستان، وبدأت الحرب الداخلية بين الفصائل، التي كانت تحارب بالأمس العدو المفترض، حتى بدأ القتال فيما بينها، وهذا عرض للتصفية بالتخلص من هؤلاء المقاتلين، الذين تعلموا القتال في مناطق يصعب التوغل فيها، بطبيعتها الجبلية الوعرة ليبقى التنظيم المسيطر ليتم تسميته بعد ذلك تنظيم القاعدة، الذي ما إنفكَّ ليتمدد لباقي المنطقة العربية، ويكون خلايا جاهزة عند الإشارة، ليأتي الدور على العراق، ولصعوبة تدخلهم بإيران، لتكون بغداد محور الإرهاب بالعالم، بالإضافة للحواضن الجاهزة التي إنظمّت بشكل وآخر، بتسميات عديدة لتكمل الدور المناط بها في تخريب المنطقة .
أمور عدة فيها كثير من الغرابة لهذه التنظيمات، من حيث التجهيزات والأسلحة، والعتاد والتمويل، وسرعة الإنتقال، والطائرات المسيرة! التي لا يمتلكها أحد سوى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، ومن المعلوم طبعاً وعلى لسان هيلاري كلينتون، بإعترافها علنا أنهم وراء تكوين التنظيمات الإرهابية الموزعة بعناية في كل دول العالم، وهذه التنظيمات تعرف الأماكن أكثر مما يعرفها الجيش، والمسح الجغرافي بواسطة أحدث الأجهزة المتطورة، يرافقها أحدث أجهزة الإتصال، بربك قل لي من أين تأتي هذه الأجهزة؟ ومن الذي يوصلها لها، وكيف ومعظم التنظيمات تمر خلال المطارات العالمية !؟.
أصبح واضحاً وجلياً بعد التدخل الروسي، وكشف الأوراق من يقف خلف هذه التنظيمات، وقيام القوة الجوية الروسية بضرب الأهداف لتلك التجمعات، أفشلت مخطط كبير جداً، بل مهم أكثر مما نتصور، ولهذا نرى التدخل الأمريكي في إعطاء الفرص لهروب قادات تلك التنظيمات، وإلا أين كانت أمريكا عندما بدأت هذه التنظيمات، بضرب كل من العراق وسوريا؟ وتخريب البنى التحتية وسرقة النفط، وبيعه لتركيا بأبخس الأثمان، وكان للجانب التركي الكأس المعلى، بإستقطاب المقاتلين، وتسهيل مهمة دخولهم سواء للأراضي العراقية أو السورية! كونها ترتبط مع الدولتين بحدود متلاصقة، إضافة لتمويل تلك الجماعات بالأمور اللوجستية والمعلوماتية .
التدخل الأمريكي بالمعركة، وفرض نفسها كأحد الأقطاب لتحرير الموصل، هو حفظ ماء الوجه بعد عناء تدريب تلك الجماعات الإرهابية، وبما أن الإنتخابات على الأبواب، فهي تريد تبرير موقفها أمام العالم بأنها تحارب الإرهاب، بينما المنتج على الساحة وحسب المعطيات، فإنها هي من تُسَيّر تلك الجماعات، وهذا يقودنا لسؤال أين كانت أمريكا، عندما دخلت المجاميع الإرهابية للموصل؟ وهي موقعة على إتفاقية الإطار الاستراتيجي مع العراق والتي أهم فقراتها حماية حدود البلد! بعدما قامت بحل الجيش العراقي، وهي تمتلك كل المتاحات من أجهزة وأقمار صناعية ومراقبة جوية، وبإمكانها ضرب تلك الجماعات، وإنهائها بظرف أسبوع واحد، من خلال إستهداف أماكنهم، وربي وحده يعلم ماذا تخبيء أمريكا؟ في قادم الأيام وفي أي دولة.
مقالات اخرى للكاتب