هذا العنوان كنت قد كتبته في حضرة المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي عام ٢٠٠٧ وهو خاطرة بما يجول في أعماقي من مشاعر وتهنئة لإنعقاد المؤتمر العتيد ، كانت محملة بكل ما هو جميل من أمنيات ورغبات يفوح منها الورد والعطر والهيل والعنبر .. . وتمر السنين العجاف محملة بالآهات والأنين على ما ضاع من العراق لكل ما هو جميل حيث كان المؤمل أن ينهض بعد التغيير عام ٢٠٠٣ ويرتقي إلى مصاف البلدان المتقدمة لما يملكه من عقول ومال وإمكانيات هائلة لو أُستغلت بشكلها العلمي الصحيح لكنا بألف خير وبركة وسلام .
وهنا يمكننا الإستعانة بما قاله شيخ الشعراء أبو الطيب المتنبي حين قال :-
مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ
نعم .. جرت الأمور حسب رغبات الكبار الذين قبضوا على المال والسلاح وضاع الوطن وضاعت خيراته ولم يعد هناك من يقول ( القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود ) .
لا نريد أن نعدد المصائب فهي والحمد لله كثيرة لا تحصى ، وآخرها داعش وقوى الإرهاب وإحتلال ثلث أراضينا والنازحين ، لكن الذي يعطينا الأمل والتفاؤل هو ما يتحقق الآن من إنتصارات على أيدي جيشنا الباسل والشرطة الإتحادية وقوات الحشد الشعبي والعشائر وقوات البيشمركة والتضحيات الجسام التي يقدموها من أجل الشعب والوطن لإسترجاع مدننا السليبة وفي المقدمة منها الموصل الحدباء .
ونحن في خضم هذه الإنكسارات والإنتصارات يحدونا الأمل بالشيوعيين العراقيين وحزبهم المجيد الذي بذل الغالي والنفيس من أجل ( وطن حر وشعب سعيد ) .. وفي عشية المؤتمر الوطني العاشر له يسعدني أن أعيد ما قلته بحقه في المؤتمر الثامن قبل تسع سنوات : -
حين يعجز اللسان عن الوصف , ويتسمر عن الإتيان بمفردات الكلام التي تتناسب مع هذا الحدث الجليل , اقول حين أقف وسط تزاحم الأفكار , وأيهما يأتي الى الصدارة , أكون قد جانبت الحقيقة , فهناك سجلُ طويل عريض من التأريخ المجيد للحزب الشيوعي العراقي , الذي وضع الرفيق الخالـــــــد ( فهد ) , ورفاقــــــــه الميامين الأسس الصحيحة لبنائه الحزبي الخلاق , كي يكون ( إسماً على مُسمى ) , مناضلاً صلباً ضد الأستعمار والرجعية والإقطاعية , ومدافعاً أميناً عن مصالح العمال والفلاحين والفقراء مــــــن الكسبة والحرفيين والمثقفين الثوريين من الطلبة والشباب والنساء , وكذلك للمسيرة التأريخية الطويلـــة المتلاحقة بإنتصاراتها وإخفاقاتها , وفي كل هذه المحطات هناك فوانيس مضيئة تنير له الدرب كلما إزداد الليل ظلاماً وحلكة , وسقوط العشرات والمئات والآلاف من أبناء الحزب في خضم المعارك الطبقية مـــن قِبل اعدائه , قوى التخلف والرجعية والدكتاتورية والاستعمار القديم والجديد , ما هو إلا دليل على أن الذي يُقدمه هو قرابين لمبادئه السامية المتمثلة في شعاره العتيد ( وطنُ حُرُ وشعبُ سعيد ) .
لقد كانت أفراح وأتراح الناس أيام زمان تأتي مع الأعراس والختان ( والخَتمة ) , ( والتعميد ) , والمآتم ولكل منها طقوسها الخاصة , وحتى لِباسها المميز , وعلى أصوات الهلاهل , والتي تُسمع من بعيد , تتجمهَر الجموع من كل الأعمار, ويتخللها( طش الواهليّه) ويبقى ذلك اليوم حلو المذاق بعد أن وضع كلُ في فمه ما تلقفه من ( حامض حلو وجكليت) الواهليّة , وعند المساء تتشكل حلقات الرقص ( والجوبية ) والغناء الشعبي , وأصبحت عادات وتقاليد متوارثة , ودخلت معها تقاليد ( النذور ) .
وعودة الى ما يقرب من عام حين طرح الحزب - مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي و مشروع النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي , ومنذ ذلك الحين قُدِمَت عشرات ومئات وآلاف الرسائل والمساهمات والبحوث , تُعالج كل صغيرة وكبيرة في هاتين الوثيقتين , وقد طرح الحزب لأول مرة في تأريخ الأحزاب السياسية , الوثيقتين الى الجماهير مباشرةً للمساهمة في رسم سياسته القادمة ووضعها في المسار الصحيح . ورغم ما ( قيل وقال ) عن وجهات النظر المختلفة , إلا أنه إجتاز بنجاح كل الصعوبات والعراقيل ,ورغم الظروف الإستثنائية البالغة التعقيد التي يمر بها الوطن ورغم كل المخاطر أقام عرساً بهيجاً يتذكر فيه كل من زادت همومه من جراء إحتلال الوطن وتقطيـــــع أوصاله والإحتراب بين مكوناته المختلفة .... نعم رغم هذا وذاك , عقد الحزب مؤتمره الوطني الثامن بنجاح , وإلى كل المساهمين فيه باقات ورود حمراء , وليتذكر الجميع الوصف الشعبي ( لو ضاك خلكك تذكر أيام عرســــــــــــــــك ) .
مقالات اخرى للكاتب