نحن في وضع جهنمي يلقن الانسان دروسا مدهشة في البغضاء ، يعلمك بدقة عالية كيف تكره وطنك ، يعلمك باصرار كيف تنظر الى بلدك وكأنه ذلك المكان الأملح اللون الذي بصق عليه عدد هائل من الانبياء ، وقهقه في ظلامه الدائمي عدد هائل من الطواغيت ، بلد يحتضنك لتختنق ، وانت في حالة حرب أو في حالة نزوح أو في حالة ترقب لما سيجري غدا ، الشريف فيه منبوذ غريب الوجه واليد واللسان ، الموظف النزيه يحاربه المرتشون حتى يكون مثلهم ، والعسكري الشهم يحاربه الارهابيون حتى يركع لهم ، والسياسي الصالح يحاربه الفاسدون حتى يستسلم لهم ، والمثقف الحر يحاربه الانتهازيون والمتملقون حتى ينضم اليهم ، انظروا الى الاساليب الحديثة في صناعة الكراهية والتشرذم ، وتنمية القوى الطاردة ، والابداع في تلقينك مهارات كره الوطن ، المهاجرون يحنون الى اوطانهم ويبتهلون الى الله كي يعيدهم اليها لانها رمز الامان والكرامة والاستقرار ، وانت في هذا الوطن العجيب تبتهل الى الله ليمن عليك بنجاح خطة هروبك لاجئا الى اي بلد فرارا من وطن اصبح في ثقافتك يرمز الى القلق والذل والتهديد ، انت عندما تنتخب تحاول مع عشرين مليون ناخب ان ترسم صورة جديدة لنفسك ووطنك ومستقبلك ، انت تنتخب حتى لا يتحول المنفى الى أمنية كبرى ، لكي لا يرمز الوطن الى المكروه الأكبر في ذاكرة اهله الخائفين .