Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
الملائكة مفهوم ديني مصداقه القوانين التي تتحكم في مجريات الكون
السبت, نيسان 30, 2016
علي الابراهيمي

( وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )1

الذهنية البشرية التي نزل القران في زمانها لم تكن لتستسيغ مفهوم القانون الفيزيائي ، كما انّ الذهنية المعاصرة لا تزال بعيدة عن فهم حقيقة وكنه القوانين الحاكمة في الكون المنسجم والمترابط ، ولم يستطع العلم سوى توصيف العلاقات على هذه القوانين .
لقد ربط القرآن الكريم وجود الملائكة بالعرش ، والعرش هو أصل كل شيء أنار بنور الله . قال علي بن ابي طالب : ( إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة: نور أحمر، منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أبيض منه [ ابيض ] البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة، بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة، فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فكل شيء محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء، وهو حياة كل شيء ونور كل شيء، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً )2 .
والعرش هو المقترن بتدبير الامر ، حيث يقول تعالى ( ان ربكم الله الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والارضَ في ستةِ ايامٍ ثمّ استوى على العرش يُدبّرُ الامرَ )3 . وقرن الله تعالى عمل الملائكة بتدبير الامر ، وقد أشار جلّ جلاله الى ذلك حين قال ( فالمقسمات أمرا )4 ، حيث قال صاحب تفسير ( الميزان ) : ( وقوله : " فالمقسمات أمرا " عطف على ما سبقه وإقسام بالملائكة الذين يعملون بأمره فيقسمونه باختلاف مقاماتهم فان امر ذي العرش بالخلق والتدبير واحد فإذا حمله طائفة من الملائكة على اختلاف أعمالهم انشعب الامر وتقسم بتقسمهم ثم اذا حمله طائفة هي دون الطائفة الاولى تقسم ثانيا بتقسمهم وهكذا حتى ينتهي الى الملائكة المباشرين للحوادث الكونية الجزئية فينقسم بانقسامها ويتكثر بتكثرها )5 . ويمكن ادراج قوله تعالى ( فالمدبرات أمرا )6 في هذا المعنى ، حيث ذكر صاحب الميزان انها في الملائكة ايضا ، ( تَنَزَّل الملائكة والروح فيها باْذن ربهم من كلّ امر ) .
وَمِمَّا يؤيد هذا الدور العملي في الخلق للملائكة ان الله تعالى جعل انقضاء الامر مقرونا بهم ، حيث قال تعالى ( ما نُنزّلُ الملائكةَ الا بالحقِّ وما كانوا إذاً مُنظَرين )7 ، و قال ايضا جلّ شأنه ( يوم يَرَوْن الملائكةَ لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا )8 ، و ( ويوم تشقق السماءُ بالغمام ونُزّلَ الملائكةُ تنزيلا ) ، و ( هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظُلَلٍ من الغمامِ والملائكةُ وقُضِيَ الامر والى الله تُرجعُ الأمور )9 .
ومن لطيف التعبير القراني عن عمل الملائكة هو قوله تعالى ( له مُعقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله إِنّ اللَّهَ لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللهُ بقومٍ سوءاً فلا مَردّ له وما لهم من دونه من وال )10 ، حيث اقرت الآية ما نريد من كون الملائكة يعملون كقوانين تحفظ الانسان من الأوامر الكونية لله .
انّ المقصود من مفردة ( أمر ) في هذه الآيات هو ذاته الذي ورد في آية ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وأوحى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )11 بمعنى ( قانونها ) .
لقد كانت التسمية التي أطلقها العلامة ( كريمر ) على الموجودات المقدسة عند السومريين ( مجمع الآلهة = البانثيون )12 محض انعكاس لصورة الديانة الرومانية الوثنية في عقله ، فهذه الصورة كانت الوحيدة التي تتوفر في ذهنه ، لانه لم يكن مطلقاً مستوعباً او قارئاً لعقيدة ورثة المجتمع السومري من شيعة العراق , اذ لولا ما يختزنه العراقيون من ذاكرة عقائدية تقرّ بالولاية التكوينية لما اختار علي بن ابي طالب ارضهم مقراً لعقيدة ( الإمامة ) .
من هنا لم يكن الرأي التفسيري عند كريمر متجاوزاً ما يختزنه من معرفة سطحية محدودة في مجال العقائد ، لهذا نجده يقول : ( ورب سائل يسأل ، كيف كان يعمل هذا المجمع الالهي ؟ أولاً : كان يبدو من المعقول بالنسبة للسومري ان يفترض بان الآلهة التي تؤلف المجمع الالهي " البانثيون " لم تكن جميعها بنفس الأهمية او من منزلة متساوية . فلم يكن من المنتظر ان يقارن الاله الموكل بالفأس او قالب الاجر مع الاله الموكل بالشمس ، كما لم يكن متوقعا ان يكون الاله الموكل بالسدود والجداول مساويا فى المنزلة للاله الموكل بالأرض كلها ، ومن ثم ، بالقياس على التنظيم السياسي في الدولة البشرية ، كان طبيعيا ايضا الافتراض بانه كان على راس المجمع الالهي اله اعترفت به جميع الآلهة الاخرى كملك وحاكم عليها. وعلى هذا كان يتصور بان مجمع الآلهة السومري يعمل على هيئة مجلس يقوم على رأسه ملك )13 .
وهذه التراتبية التي يقرأها كريمر خطأً منذ البدء - بترجمته للكلمة دنجير بمعنى اله وهي تعني الشيء المقدس واقعاً - ليست سوى تراتبية ( النور ) في عقيدة الشيعة الامامية ، بمعنى انه كان هناك نور رسول الله محمد في البدء ، وبه ومن خلاله الإفاضة ، ثم نور علي بن ابي طالب ، الذي كان كنفس رسول الله ، ثم نور الزهراء فاطمة وباقي الأئمة المعصومين .
[ - الحاكم أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن محمد بن إبراهيم الجرجاني عن عبدالصمد بن يحيى الواسطي ، عن الحسن بن علي المدني ، عن عبدالله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال : إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل أن خلق السماوات والارض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار وقبل أن خلق آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان عليهم السلام وكل من قال الله عزوجل في قوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب ) إلى قوله : ( وهديناهم إلى صراط مستقيم ) وقيل أن خلق الانبياء كلهم بأربع مائة ألف سنة وأربع وعشرين ألف سنة ، وخلق عز وجل معه اثني عشر حجابا : حجاب القدرة ، وحجاب العظمة ، وحجاب المنة ، و حجاب الرحمة ، وحجاب السعادة ، وحجاب الكرامة ، وحجاب المنزلة ، و حجاب الهداية ، وحجاب النبوة ، وحجاب الرفعة ، وحجاب الهيبة ، وحجاب الشفاعة . ثم حبس نور محمد صلى الله عليه وآله في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة ، وهو يقول : ( سبحان ربي الاعلى ) وفي حجاب العظمة إحدى عشر ألف سنة ، وهنو يقول : ( سبحان عالم السر ) وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان من هو قائم لا يلهو ) وفي حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان الرفيع الاعلى ) وفي حجاب السعادة ثمانية آلاف سنة وهو يقول : ( سبحان من هو دائم لا يسهو ) وفي حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان من هو غني لا يفتقر ) وفي حجاب المنزله ستة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان العليم الكريم وفي حجاب الهداية خمسة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان ذي العرش العظيم ) وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول : ( سبحان رب العزة عما يصفون ) وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة ، وهو يقول : ( سبحان ذي الملك والملكوت ) وفي حجاب الهيبة ألفي سنة ، وهو يقول : ( سبحان الله وبحمده ) وفي حجاب الشفاعة ألف سنة ، وهو يقول : ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ثم أظهر اسمه على اللوح فكان على اللوح منورا أربعة آلاف سنة ، ثم أظهره على العرش فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة ، إلى أن وضعه الله عزوجل في صلب آدم عليه السلام ، ثم نقله من صلب آدم عليه السلام إلى صلب نوح عليه السلام ، ثم من صلب إلى صلب حتى أخرجه الله عز وجل من صلب عبدالله بن عبدالمطلب ، فأكرمه بست كرامات : ألبسه قميص الرضا ، ورداه برداء الهيبة ، وتوّجه بتاج الهداية ، وألبسه سراويل المعرفة ، وجعل تكته تكة المحبة ، يشد بها سراويله ، وجعل نعله نعل الخوف ، وناوله عصا المنزلة . ثم قال : يا محمد اذهب إلى الناس فقل لهم : قولوا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وكان أصل ذلك القميص من ستة أشياء : قامته من الياقوت ، وكماه من اللؤلؤ ، ودخريصه من البلور الاصفر ، وإبطاه من الزبرجد ، وجربانه من المرجان الاحمر ، وجيبه من نور الرب جل جلاله ، فقبل الله عز وجل توبة آدم عليه السلام بذلك القميص ، ورد خاتم سليمان عليه السلام به ورد يوسف عليه السلام إلى يعقوب عليه السلام به ، ونجى يونس عليه السلام من بطن الحوت به ، وكذلك سائر الانبياء عليهم السلام أنجاهم من المحن به ، ولم يكن ذلك القميص إلا قميص محمد صلى الله عليه وآله .
- عن جعفر بن محمد الفزاري بإسناده عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال : دخلت على الصادق عليه السلام وعنده ابن ظبيان والقاسم الصيرفي ، فسلمت وجلست وقلت : يا ابن رسول الله أين كنتم قبل أن يخلق الله سماء مبنية ، وأرضا مدحية أو ظلمة أو نورا قال : كنا أشباح نور حول العرش ، نسبح الله قبل أن يخلق آدم عليه السلام بخمسة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم عليه السلام فرغنا في صلبه ، فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهر حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله الخبر .
- إبراهيم بن هارون ، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلح ، عن عيسى بن مهران ، عن منذر الشراك ، عن إسماعيل بن علية ، عن أسلم بن ميسرة العجلي ، عن أنس بن مالك ، عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله خلقني وعليا و فاطمة والحسن والحسين من قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام ، قلت : فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال : قدام العرش ، نسبح الله ونحمده ونقدسه ونمجد ، قلت : على أي مثال : قال : أشباح نور ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ، ثم قذفنا في صلب آدم ، ثم أخرجنا إلى اصلاب الآباء وأرحام الامهات ، ولا يصيبنا نجس الشرك ، ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون ، فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين ، فجعل نصفه في عبدالله ، ونصفه في أبي طالب ، ثم أخرج الذي لي إلى آمنة ، والنصف إلى فاطمة بنت أسد ، فأخرجتني آمنة ، وأخرجت فاطمة عليا ، ثم أعاد عز وجل العود إلي فخرجت مني فاطمة ، ثم أعاد عز وجل العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين يعني من النصفين جميعا فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن ، وما كان من نوري صار في ولد الحسين ، فهو ينتقل في الائمة من ولده إلى يوم القيامة .
- جعفر بن محمد الاحمسي بإسناده عن أبي ذر الغفاري ، عن النبي صلى الله عليه وآله في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال : قلت : يا ملائكة ربي هل تعرفونا حق معرفتنا ، فقالوا : يا نبي الله وكيف لا نعرفكم وأنتم أول ما خلق الله ؟ خلقكم أشباح نور من نوره في نور من سناء عزه ، ومن سناء ملكه ، ومن نور وجهه الكريم ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، وعرشه على الماء قبل أن تكون السماء مبنية ، والارض مدحية ، ثم خلق السماوات والارض في ستة أيام ، ثم رفع العرش إلى السماء السابعة فاستوى على عرشه وأنتم أمام عرشه تسبحون وتقدسون وتكبرون ، ثم خلق الملائكة من بدء ما أراد من أنوار شتى ، وكنا نمر بكم وأنتم تسبحون وتحمدون وتهللون وتكبرون وتمجدون و تقدسون ، فنسبح ونقدس ونمجد ونكبر ونهلل بتسبيحكم وتحميدكم وتهليلكم وتكبير كم وتقديسكم وتمجيدكم ، فما انزل من الله فإليكم وما صعد إلى الله فمن عندكم ، فلم لا نعرفكم ؟ اقرأ عليا منا السلام وساقه إلى أن قال : ثم عرج بي إلى السماء السابعة ، فسمعت الملائكة يقولون لما أن رأوني : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم تلقوني وسلموا علي ، وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكة ربي سمعتكم تقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ،فما الذي صدقكم ؟ قالوا : يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه عرض ولايتكم علينا ، ورسخت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده ]14 .
وما يؤيد طرحنا هذا ما ذكره كريمر في كتابه من قوله :  وكانت اهم مجموعات هذا المجلس هى المجموعة المؤلفة من الآلهة السبعة التي (( تقدر المصائر )) ، ثم مجموعة الخمسين إلهاً التي عرفت ب(( الآلهة العظيمة )) . ولكن اهم تقسيم وضعه رجال الدين السومريون داخل مجمع الهتهم هو ذلك التقسيم الذي يميز بين الآلهة الخلاقة وغير الخلاقة ، وهو تصور توصلوا اليه نتيجة لآرائهم في اصل الكون . فبموجب هذه الاراء كانت العناصر الاساسية التي تكون الكون ، هى السماء والأرض والبحر والجو ، وكل ظاهرة كونية اخرى لا توجد الّا ضمن هذه العوالم . وعلى هذا كان من المعقول ان يستنتجوا ان الآلهة التي تسيطر على السماء والأرض والبحر والجو كانت هى الآلهة الخالقة ، وان كل ظاهرة كونية اخرى خلقت من قبل احد الآلهة الأربعة وفقا لخطط وضعت بالأصل من قبلهم 15 . حيث انّ تقسيم الموجودات المتحكمة في الكون الى قسمين أساسيين : الخلّاقة ، وغير الخلّاقة ، هو ذاته التقسيم الشيعي الإمامي من حيث الأئمة المعصومين وولايتهم التكوينية ، ومن حيث الملائكة العاملين كقوانين وحفظة .
عن تفسير القمي : ( سئل الصادق عليه السلام : هل الملائكة اكثر ، ام بنو آدم ؟ فقال : والذي نفسي بيده ، لملائكة الله في السماوات اكثر من عدد التراب في الارض ، وما في السماء موضع قدم الّا وفيه ملك يسبّحه ويقدّسه ، ولا في الارض شجرة ولا عودة الّا وفيها ملك موكل بها ، يأتي الله كل يوم بعملها ، والله اعلم بها ، وما منهم واحد الّا ويتقرب الى الله كل يوم بولايتنا أهل البيت ، ويستغفر لمحبينا ، ويلعن اعدائنا ، ويسألون الله ان يرسل عليهم العذاب إرسالا )16.
وكما هو جلي من هذه الرواية انّ الملائكة تعمل كقوانين حاكمة في الموجودات ، وهي ذاتها تقوم في وجودها على ولاية الأئمة المعصومين ، بمعنى هو ذاته التقسيم السومري لتراتبية الموجودات العليا . فيما يكون للمعصومين ذاتهم تراتبية خاصة ، تبتدأ برسول الله ، ثم علي بن ابي طالب ، ثم باقي المعصومين .
وما يؤكد قرائتنا هذه وجود ( نينخورساج = الام ) التي هي ( ننماخ = السيدة المجيدة ) , والتي يسميها السومريون ( ننتو = السيدة التي انجبت ) حيث والدة جميع ( الآلهة )17 . وقطعا سيتبادر الى ذهن علماء وفلاسفة الامامية اليوم ( السيدة فاطمة الزهراء = سيدة نساء العالمين ) , والتي كانت مصدرا لانوار ( الائمة ) الموكلة اليهم ( الولاية التكوينية ) , ولعل ما جاء في ( الاسرار الفاطمية ) نقلاً عن ( البحار ٤٣ \ ١٠٥ ) مؤيداً لمذهبنا هذا : ( قال الصادق عليه السلام : وهي الصدّيقة الكبرى ، وعلى معرفتها دارت القرون الاولى ) , وبنفس المعنى بيت للشيخ المجتهد ( محمّد حسين الأصفهاني ) في قصيدته (الأنوار القدسيّة ) : ( وحــــبها مـــن الصفات العاليـة * عليــه دارت الـــــقرون الخاليـة ) .
ونتيجة للرواسب السوسيولوجيّة الحاكمة على ذهنه ، نرى العلامة ( كريمر ) يتناول الإقرار السومري بانضباط وحاكمية القوانين الكونية بنحو من التكلف ، تجاوز فيه منطقية العبارة السومرية ، واحتكم الى مزاجه الخاص لتحميل الرؤية المعرفية السومرية ما لم تقل به ، فقال :  وبأسلوب مماثل قدم رجال اللاهوت السومريون ما كان بالنسبة لهم استنتاجا غيبيا مقنعا لتوضيح السبب الذي كان يجعل الذاتيات الكونية والظواهر الحضارية بعد ان تخلق تعمل باستمرار وانسجام دون تصادم او اضطراب . لقد كانت هذه هي الفكرة التي عبرت عنها الكلمة السومرية (( مي )) (me) التي لا يزال معناها الدقيق مشكوكا فيه ، ولكنها تشير بوجه العموم على ما يبدو الى مجموعة من الأحكام والقواعد التي خصصت لكل ذاتية كونية وظاهرة حضارية للإبقاء عليها عاملة الى الأبد بمقتضى الخطط التي وضعت من قبل الاله الذي خلقها . وهذا باختصار جواب سطحي اخر ، ولكنه لم يكن ، كما هو واضح ، بلا تأثير مقنع عن مشكلة كونية مستعصية ، انه جواب لا يعنى سوى اخفاء المشاكل الاساسية عن الرؤية تحت طبقة من كلمات لا معنى لها على الأكثر . وهذا الهذر اللاعلمي من كريمر لا يستند أبداً الى نص وثائقي او معرفي يكشف عن مراد السومريين الحقيقي من هذه المفردة ، ولا عن واقع رؤيتهم لها ، التي ربما تكون - ولا نستطيع نحن او كريمر نفي هذا الاحتمال - قائمة على أسس علمية بحتة لم تصلنا منهم بعد .
انّ القوانين وانضباطها في الكون والطبيعة مثار إعجاب علماء ومتخصصي العصر الحديث ، والذين عاصروا او اعقبوا ( صموئيل نوح كريمر ) ، واعتقاد هؤلاء العلماء هو ذاته الذي اعتقده العلماء السومريون من انتظام وحاكمية للقوانين ، التي جعلوا لها رموزاً تختص بفهمهم ، ولم يفهمها العلامة كريمر فحمّلها ما لا تطيق من السطحية .
يقول عالم الطبيعة والفيلسوف ( ميريت ستانلي كونجدن18 ) : ( نستطيع بطريقة الاستدلال والقياس بقدرة الانسان وذكائه ، في عالم يفيض بالامور العقلية ، ان نصل الى وجوب وجود قوة مسيطرة مدبرة تدير هذا الكون وتدبر اموره وتعيننا على فهم ما يغمض علينا من امر منحنيات التوزيع ، ودورة الماء في الطبيعة ، ودورة ثاني أوكسيد الكاربون فيها ، وعمليات التكاثر العجيبة ، وعمليات التمثيل الضوئي ذات الأهمية البالغة في اختزان الطاقة الشمسية ومالها من أهمية بالغة في حياة الكائنات الحية ، وما لا يحصى من عجائب هذا الكون . اذ كيف يتسنى لنا ان نفسر هذه العمليات المعقدة المنظمة تفسيراً يقوم على أساس المصادفة والتخبط العشوائي ؟ وكيف نستطيع ان نفسر هذا الانتظام في ظواهر الكون والعلاقات السببية ، والتكامل ، والغرضية ، والتوافق ، والتوازن ، التي تنتظم سائر هذه الظواهر وتمتد اثارها من عصر الى عصر )19 .
امّا عالم الكيمياء ( جون كليفلاند كوثران20 ) فيقول : ( قال لورد كيلفي - وهو من علماء الطبيعة البارزين - هذه العبارة القيمة : " اذا فكرت تفكيراً عميقاً فإنّ العلوم سوف تضطرك الى الاعتقاد في وجود الله " ولابد ان أعلن موافقتي كل الموافقة على العبارة . ان ملاحظة الكون ملاحظة تقوم على الخبرة والذكاء وتدبر ما نعرفه عنه من جميع النواحي سوف تقودنا الى التسليم بوجود ثلاثة عوالم من الحقائق ، هي العالم المادي " المادة " ، والعالم الفكري " العقل " ، والعالم الروحي " الروح " )21 .
ومن هذا المنطلق لفهم حقيقة الملائكة ندرك من اين عرفت انّ ( الانسان ) سيكون ( مفسداً في الأرض ) , اذ لا علم بصورته السابقة قبل الاستخلاف , بل كان قول الملائكة ناشئاً عن مقتضى قواعد العيش على الأرض بلباس المادة , ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)22 , أي ان هولاء الملائكة احصوا محصلة القوانين الكلية لعالم الدنيا فادركوا نتيجة من يسكنها . لكنّ المولى جلّ وعلا ارارد – بحكمته – ارجاع الملائكة – ومن اقترب من مقامهم – الى حقيقة انهم جميعاً مخلوقات محدودة مهما بلغت من الشأن ليخضع الجميع للواحد القهار , ( وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) .
وفي حين كان المخاطِب لمريم في بشارة عيسى عليه السلام هم ( الملائكة ) وجدنا انّ المخاطَب من قبلها هو ( الربّ ) لا هم , وهو خلاف السياق الطبيعي للحديث المباشر , ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)23 , ومنه ندرك انّ ( مريم ) ادركت البشارة بمقتضى ( العلم ) لا الحديث . كذلك كان الامر مع ( زكريا ) عليه السلام (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)24 .
لكنّ هذا الامر لا يمنع ان تتشخص للملائكة صور بمشيئة الله خالقهم , اذ قد يمكننا تعميم مصطلح ( الملائكة ) بعمومية مصطلح ( الجن ) الذي يعني كل ( خفي ) عن مدارك الانسان الحسية , فيكون مصطلح ( الملائكة ) مشيراً الى ما هو خفي في المقامات العليا . (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)25 , وانْ كان مقام ( الروح ) ربما له خصوصية تميزه عن مقام ( الملائكة ) .
ومن ثمّ يمكننا ان ندرك معنى نزول جموع الملائكة في مقامات وازمان خاصة , قدستها الأديان , لا لحاجة الخالق اليها بالتأكيد فهو الغني الحميد , لكن لحاجة الانسان الى وجودها كقوانين تسري بخصوصية ما .
(( قال الصادق (ع) : من زار أخاه في الله ، في مرضٍ أو صحةٍ ، لا يأتيه خداعاً ولا استبدالاً ، وكل الله به سبعين ألف ملك ، ينادون في قفاه : أن طبتَ وطابت لك الجنة ، فأنتم زوّار الله ، وأنتم وفد الرحمن ، حتى يأتي منزله .. فقال له يسير : جعلت فداك !.. فإن كان المكان بعيداً ؟.. قال : نعم ، يا يسير !.. وإن كان المكان مسيرَ سنةٍ ، فإنّ الله جوادٌ والملائكة كثيرٌ ، يشيّعونه حتى يرجع إلى منزله .
قال الباقر (ع) : إنّ المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره ، فيوكل الله عزّ وجلّ به ملَكاً ، فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يطلبه .
قال الباقر (ع) : كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى (ع) ، قال : يا موسى !.. أكرم السائل ببذلٍ يسيرٍ أو بردٍّ جميلٍ ، إنه يأتيك من ليس بإنسٍ ولا جان ، ملائكةٌ من ملائكة الرحمن ، يبلونك فيما خوّلتك ، ويسألونك فيما نوّلتك ، فانظر كيف أنت صانعٌ يا بن عمران .
قال الصادق (ع) : من صام لله عزّ وجلّ يوماً في شدّة الحرّ فأصابه ظمأٌ ، وكل الله به ألف ملَكٍ ، يمسحون وجهه ويبشّرونه .
قال الصادق (ع) : ليس خلق أكثر من الملائكة ، إنه لينزل كلّ ليلةٍ من السماء سبعون ألف ملَك ، فيطوفون بالبيت ))26 .
وفي بعض الروايات نرى ان وجود الملائكة كماً ونوعاً في أماكن تستدعي القول بانهم محض قوانين . (( قال رسول الله (ص) : إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء ، وحقّ لها أن تئطّ ، ما فيها موضع أربع أصابعٍ ، إلا وملَكٌ واضعٌ جبهته لله ساجداً ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله .. لوددت أني كنت شجرة تعضد .
قال النبي (ص) : نقّوا أفواهكم بالخلال ، فإنها مسكن الملَكين الحافظين الكاتبين ، وإنّ مدادهما الريق ، وقلمهما اللسان ، وليس شيءٌ أشدّ عليهما من فضل الطعام في الفم .
وعن ابن عباس قال : إنّ لله ملائكةً - سوى الحفظة - يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصاب أحدكم عجزة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله رحمكم الله ))27

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.43422
Total : 101