سجلت الحوادث الدموية التي طالت الأبرياء والعسكريين على حد سواء في شهر ايار رقما قياسيا في اعداد الضحايا الذين سقطوا نتيجة انفجار السيارات المفخخة او الاحزمة الناسفة او العبوات اللاصقة او الاسلحة الكاتمة رغم ان الشهر لم ينتهي بعد ويبدوا ان الحصيلة في تزايد مستمر وهي نتيجة طبيعية لحالة الاحتقان والشد الطائفي والتحريضي الذي تشهده الساحة السياسية العراقية خاصة بعد حوادث الفلوجة والحويجة . وواضح ان الانهيار الامني يمثل انعكاسا حقيقيا لافرازات ساحات الاعتصام في الفلوجة والانبار والحويجة وسامراء والموصل وامتدادا للغة العنف والانتقام والاتهام والاتهام المتبادل التي يطلقها عدد من النواب الغير منضبطين وممن لا يشعرون بالمسؤولية تغذيهم وتمدهم أجندات من خارج الحدود وكما اعلنها محافظ صلاح الدين وعلى رؤس الاشهاد من استلام عدد من السياسيين وشيوخ العشائر والمتاجرين بارواح ودماء الابرياء في المناطق الغربية لمئات الملايين من الدولارات. وواضح ان الانهيار الأمني سيستمر مدة أطول وواضح أيضا ان اعداد الضحايا في تزايد وان كل شهر يترحم على الذي قبله لغياب الحلول الحقيقية وعجز الاجهزة الامنية عن توفير الامن والنظام واستمرار صراع الإرادات الغير منضبط والذي يركز على السلطة كغاية ووسيلة دون الالتفات الى الثوابت الاخلاقية والوطنية وكذلك بسبب التدخلات الخارجية التي دخلت من منفذ الخلافات والتقاطعات لتضيف الى عمق الجراح نصلا غائرا في جسد الشعب العراقي لا يشعر بحرارته والمه من هم في مركز القيادة او التصدي للمسؤولية. ان السوط الاكثر ايلاما في واقعية الانهيار الامني هو هذا الاسترخاص المتعمد واللا ابالي لارواح ودماء الابرياء المدنيين والعسكريين وقد يكون هو الاسوء على طول تاريخ العراق الحديث بقرينة عدم سعي اصحاب القرار الى وقف هذا التداعي بل ان هؤلاء يحاولون ويسوفون وسيعملون دون ان تكون لديهم القدرة والرغبة الحقيقية للعلاج واعتقد ان هذا التسويف وهذا التداعي ما كان ليستمر لو ان شخصا يحمل في عروقه دماءا نقية وطاهرة ارتوت وتعشقت بماء دجلة والفرات ودهلى الاهوار . ان الانهيار الامني سيستمر وستتصاعد وتيرة العنف في بغداد وباقي المحافظات وسيكون حزيران اكثر دموية من نيسان وايار ما دام المالكي وشلته من جهة وزمرته من جهة اخرى مستمرين بنهجهم العدائي التحريضي ولا تربطهم بالعراق وشعبه غير المصالح الشخصية والحزبية وما دامت ساحات الاعتصام في المناطق تقدم خطبها التحريضية الرنانة كل يوم جمعة وما دام الارهاب يمسك بعصمت الملف الامني وما دام الاتحاد الاوربي رحيما وعازما على تزويد الجيش السوري الكر وجبهة النصرة بالاسلحة الحديثة والفتاكة. ان الحقيقة الكامنة في قادم الايام تؤشر الى احتمالات سيئة ربما يواجهها العراق لكن نوافذ الامل لا زالت باقية وراسخة في فكر ونهج ومخيلة الشرفاء ممن يحاولون اطفاء نار الفتنة والاحتراب وان كانت الفرص محدودة والخيارات قليلة جدا.
مقالات اخرى للكاتب