سيبدأ الصيف في باريس عما قريب ويحل الموسم السياحي بكل أشكاله وألوانه ، ففي الوقت الذي سوف يغادرفيه الباريسيون العاصمة من أجل قضاء عطلاتهم الصيفية بعيدا عن باريس وأجوائها، يحل محلهم ملايين السياح القادمين من كل أنحاء العالم متشوقين لزيارة العاصمة ومواقعها التأريخية والسياحية الجميلة والرائعة، فكل مانعتبره عاديا وبسيطا بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في باريس يبدومثيرا للدهشة للسياح الذين لاينفكون عن ألتقاط الصور حتى لأتفه الأشياء. في هذا الصيف وكباقي الصيفيات الماضية نتوقع ان يقع الكثير ضحايا مرض ذات اعراض غريبة يصيب العشرات من السياح وخصوصا اليابانين والذي يبلغ عددهم حوالي المليون سائح سنويا ، فقبل عامين تم إعادة عشرات من السياح اليابانيين الى موطنهم بسرعة وبشكل عاجل من اجل الشفاء وعدم العودة أو الرجوع الى باريس وربما الى الأبد ، فما هو هذا المرض وما هى أعراضه ؟ .
هذا المرض الغريب يتمثل بأعراض جسدية ونفسية مثل الهلوسة ودرجة الحرارة المرتفعة والوصول الى حالة من الجنون والشعور بالاضطهاد والتي تؤثر وبشكل سلبي على الناس الذين يزورون العاصمة الفرنسية للمرة الأولى في حياتهم، هذه الأعراض تظهربسبب التناقض الكبير بين الصورة المثالية التي يرسمها السياح في مخيلاتهم عن مدينة النور وأجمل مدينة في العالم والواقع الفعلي والحقيقي الذي تعيشه المدينة، فقد تم أكتشاف هذا المرض في عام (1986) من قبل البروفيسور والطبيب النفسي هيروكاي أوتا في مركز) سانت ان ) في باريس ليتم تصنيفه رسميا وعالميا عام(2004) من بين الأمراض النفسية والتي سميت بمرض باريس أو نقرس القرن الحادي والعشرين.
فالأسباب التي تؤدي الى ظهور أعراض هذا المرض كثيرة، أولها حاجزاللغة، فالقليل من اليابانيين يتكلمون اللغة الفرنسية ، ويعتقد أن هذا هو السبب الأول الذي يثير بقية الأعراض، بالاضافة الى ذلك هنالك اختلافات واضحة بين العديد من التعابيرالفرنسية واليابانية حيث تفقد التعابير اليومية معناها ومضمونها عند ترجمتها الى الفرنسية، مما يدعو الى الارتباك لليابانيين المشهورعنهم بأن لديهم عادات وتقاليد وتعابير خاصة.وجدير ذكره أن السفارة اليابانية في باريس خصصت رقم هاتف خاص يسمى بالخط الساخن لكل ياباني يمكن أن يعاني من هذا المرض من أجل علاجه بأقصى سرعة.
السبب الثاني هو الاختلاف الثقافي، فالأختلاف اللغوي الكبيرليس كافيا أذا لم نضف اليه أختلاف أسلوب التعامل أو ألاتكيت، فبالمقارنة مع الثقافة اليابانية الرسمية والتي تتصف بالجدية والصرامة ، لا يمكن للفرنسي أن يفهم طريقة تعبيروتفكير الياباني أوأسلوب وطريقة التعامل معه ، مما يخلق صعوبة في التحاوروالتفاهم لدى الكثير من الزوار اليابانيين ويؤدي الى تقلبات سريعة ومتكررة في مزاجهم ويضعهم في موقف متوتر ومتشنج ، وخاصةعند ممارسة الطرفه والفكاهة من قبل الباريسيين التي قد لايفهمها الياباني مما يؤدي الى التسبب في معظم المشاكل.
فالنظرة التي يتصورها السياح في مخيلتهم من خلال الأعلانات التجارية أو الأفلام عن باريس مثالية جدا، فالكثير من الأجانب يتصورون باريس مثل دعاية عطر شانيل 5 أو مدينة العشاق أو حتى الصور المشهورة عن باريس من خلال النساء الأنيقات اللواتي تحملن المراوح اليدوية الجميله الزاهيه متجولات ومتبخترات في شوارع العاصمة، كل هذه الصور تحجب كليا المشاكل الأجتماعية والاقتصاديه وعدم المساواة مما ينسحب على بعض الباريسيين في عدم اكتراثهم في تعاملهم بعض الاحيان مع الاخرين فالسياح غالبا ماينسون أنهم في مدينة ككل مدن العالم يمكن أن يجدوا فيها مايسرهم اويزعجهم ويجدوا فيها حتى ألأطعمة السريعة مثل ماك دونالد KFC.. والخ وليس فقط الطبخ الفرنسي المشهور عالميا بالذوق والطعم الرفيع.
أذا كيف للسياح تهيئة أنفسهم لعاصمة النور وتجنب العودة الى الوطن مع طبيب نفسي مرافق في رحلة طارئة الى المنزل ؟ ببساطة يجب التسلح بالقراءة عن باريس وعن حقيقة هذه المدينة للمتحمسين لزيارتها من خلال ومعرفة أسباب ماحدث من أعمال الشغب التي حدثت في ضواحي باريس في عام (2005) أو من خلال القراءة عن المناطق التي يكثر فيها جرائم المافيات وتعاطي المخدرات والتي من شانها تهيئة السائح نفسيا كي لايتلقى الصدمة عند مواجهتها أثناء وصوله وتجواله في العاصمة، فعلى الرغم من غروب الشمس الجميل وراء برج أيفل فهناك الكثير من الأشخاص بالقرب من البرج يحاولون إقناع وخداع السياح بشراء بضائعهم بصورة غير شرعية بعيدا عن أعين الشرطة، ونقطة أخرى يجب تذكرها وخصوصا عند التبضع، فهنالك مقولة شائعة في فرنسا تقول " الزبون هو كالملك" ولكن عند النظر في التأريخ الفرنسي، نجد أن كثيرا من ملوكها آلت رقابهم الى المقصلة . إن تسلح السائح بالمعلومات قبل المجي الى العاصمه ، سوف يجدها من أجمل مدن العالم بدون شك بل ويعيش ويتذكر في سنين حياته اجمل الايام والذكريات في مدينة النور والجمال ويبعد عن نفسه خطر المرض والهلوسة .