لم يعرف التاريخ ولا الجغرافية شعبا صبوراً و(مسلمها لألله) مثل الشعب العراقي..لكن صبره وسكوته وصلت لحدود مخيفة. وحين نطق البعض منهم طالبوا بعدم محاسبة القتلة! وبإعادة الاعتبار لمن تسبب بالكوارث!.
حروب جرت بعضها وهو ساكت لا حول ولا..الماء شحيح لا يصل لأوطأ حنفية، وسلم الامر لصاحب الامر وصار كل بيت يقتني مضخة كهربائية لتسحب الماء على علاّته.
الكهرباء سموها وطنية وكسروا خاطر المشاعر الوطنية وقد صارت تأتي بالقطارة لاسيما في موسم الجحيم..فبعض المنازل تقاطعها الوطنية لأيام ليتقلبون على جمر النار!. وسكت ولم يخرج للشارع شاهرا غضبه. حتى صرنا سوقا لمولدات الكهرباء التي لم نعرفها من قبل..فصار المواطن يتحايل على المصاريف الضرورية ليشتري (جنيريتر). متحملا ضجيجها القاتل ودخانها وحرارتها.واضطر على اثرها ان يستغني عن نوم السطوح لتحتلها تلك المكائن تخلصا من زئيرها.
وبعد سنوات التغيير ساءت الكهرباء وضاقت الانفاس بالدخان. ولم يخرج غاضبا سوى اهل البصرة داعين لانقاذ (الوطنية). ثم خدرته وزارة الكهرباء بالمولدات العملاقة التي وجدها التجار وسيلة للربح واستغلال المواطن بقطع (الواير) ليشتري آخر والتحايل على الساعات المخصصة. فصار منظر الشوارع مخجل لتشابك الأسلاك اضافة لخطورتها وهي تتدلى مما يعرض المارة للصعقة الكهربائية! عدا اعاقتها لمرور الشاحنات. والأخطر ما تسببه تلك الاجهزة من كوارث بيئية من حرارة ودخان.
ونتساءل جهلا(لمَ كان جونا اقل حرارة؟..بل كان البعض يكتفي بمروحة سقفية..بينما اليوم حتى المكيفات صارت غير كافية للتخفيف من الجحيم؟).
وزارة الكهرباء والبيئة والصحة تضامنت على السكوت.. فلا دراسات ولا بحوث عن بيئة العراق وصحة المواطن. فمادام الأخير ساكتا فهو راضي!..(ابوها راضي مالك انت ياقاضي)!
في الدول التي تحظى بالعناية الالهية ومسئولين لديهم ضمير انساني ويخافون الله، تدفع تعويضات للمواطن عن الاضرار بسبب تقصير تلك الوزارة او هذه المؤسسة..فكم من الضرر اصاب العراقي بسبب الكهرباء؟ بعيدا عن الاضرار الأخرى..
كم ارتفعت نسبة الاصابة بالربو؟ كم نسبة الكآبة التي سبّبها انقطاع الكهرباء؟. كم من الاجهزة تعطلت بسبب تذبذب (الوطنية)؟ وكم من الحرائق سببتها الكهرباء حين تأتي على حين غرة وبفولتية عالية!؟. وكم من خسائر اقتصادية بعد تعطل المعامل والمصانع المعتمدة على الكهرباء؟ هذا غيض من فيض.
نسمع عن البلايين المخصصة لانشاء محطات للكهرباء! ونفاجأ قبل تحسين الكهرباء والتخلص من المولدات، والإيعاز باستعمالها في الحالات الطارئة فقط. نفاجأ بان هناك قرار يدرسه او درسه مجلس الوزراء رقم (119) لسنة 2013، بشأن طلب براءة الذمة من ديون استهلاك الطاقة الكهربائية ضمن الوثائق في معاملات المواطنين!
وفي هذا الامر شقوق تجعلنا نشق اثوابنا ونصرخ. الشق الأول: اين هي الكهرباء ليُطالب بسداد فواتيرها؟ وماذا عن فاتورة (المولدات)؟ وهل هناك بلد يدفع مواطنه فاتورتين او ثلاثة عن الكهرباء؟ ثم كيف للمواطن ان يدفع عن خدمة بائسة ومضرة وحسناتها ضئيلة؟
الشق الثاني: اما يكفيكم الوثائق المطلوبة التي اهلكتم المواطن بتوفيرها لتمشية معاملات عن حقوقه لتزيدوها باخرى؟.
على امل ان يكون المقال هذا متأخر والغي ذلك القرار. والأمل الاكبر ان لا نسكت على المطالبة بحقنا وان ننطق بما هو معقول وبصالح الناس والوطن.
مقالات اخرى للكاتب