منذ نشأة الخليقة والصراعات الفردية والاجتماعية لا تكاد ان تنتهي لفترة من الزمن الا وعاودت الظهور مرة اخرى ،فالصراع الفكري اخذ حيزا كبيرا على مر العصور الغابرة لاسيما منه المتقارب . بالرغم من وجود ادوات للتقارب لكن تلك الجهود قد اصبحت كنوع من انواع التهدئة المؤقتة للازمة ، فحينما اختلفت قريش مع النبي محمد(ص) واله وصحبه وسلم كان لجؤهم الى الحبشة وبعد الاستماع لكلا الطرفين اقتنع النجاشي ملك الحبشة برسالة الاسلام مع العلم انه رجل نصراني ولكنه يؤمن بمبدأ العدالة وقد خط بعصاه خطا على الارض قائلا: ليس بين ديننا ودينكم سوى هذا الخط. ولتلك الخطوط مفاهيم عديدة نستطيع تحليلها بانها مخطط يضعه فرد ليقرر مصير مجتمع ما ، بعد ان اصاب بعض الدول العظمى في مطلع القرن العشرين نوع من التشتت والاضطراب الداخلي وازدياد الازمات قرروا ان يرسموا الخطوط لحل الازمة وقد تحقق لهم ذلك في عام 1916 عندما اجتمعت بريطانيا وفرنسا وقرروا اتفاقية سايكس بيكو والتي تمخضت عن تقاسم النفوذ على الاراضي العربية بين الدولتين وفقا لخطوط معينة . وقد استخدم الخط في الحروب لإعادة انتشار الخطط والتفكير في اتخاذ خطط جديدة والخطة العسكرية تعتمد على خطوط متباينة على الخارطة ، ومن منا لا يتذكر قصة نجاح معركة خط بارليف عام 1973 ، وقد استخدمت الخطوط في السياسة لا سيما التحذير او عدم الاقتراب فأطلق مصطلح الخط الاحمر للتحذير والتمييز والخط الازرق اعتمدته الامم المتحدة لحل النزاعات الحدودية بين الدول والمناطق المجاورة ، ويبقى السؤال هل اسهمت تلك الخطوط بإيجاد نوع من التقارب بين طرفي الخط ام زادت من التباعد والافتراق ، يرى بعض المراقبون ان تلك الخطوط بدأت بالانهيار في اوربا خلال نهاية القرن العشرين فقد اسهم تحطم جدار برلين في توحيد المانيا لكن الخطوط قد اعادة توزيع الدول السوفيتية ، اما واقعنا العربي فالخطوط لا تمثل سوى ادوات للتقسيم والتحجيم فالسودان انقسم على نفسه الى جزئين شمالي وجنوبي ، فالخطوط مصطلحات يضعها افراد على خارطة معينة لغرض احداث تغييرات او تعديلات على نمط معين من الحياة ، او خطط عسكرية تكتب على الخرائط وتنفذ على الارض ، ويبقى الاختلاف بين رسم تلك الخطوط من ناحية احداث التقارب والوئام او التباعد والانقسام ، وكل حسب ما وجده في تفكيره الخاص..
مقالات اخرى للكاتب