ان ما يهز المراقب ويذهله هو هذا الكم من الاحزاب والكتل العاملة في الساحة السياسية ، وان ما يثير الاستغراب هو التشابه والتماثل ما بين بعض هذه التنظيمات ، وخاصة التنظيمات ذات التوجه الديني الشيعي ، كما وان العديد منها لايمتلك مدرسة خاصة به ، ذلك ان الاحزاب السياسية ، هي مدارس فكرية ذات مناهج واضحة ، وقد اتسمت بعض هذه العناوين بالسطحية ، وبالاسياسية ، لان السياسة هي فن ادارة الدولة ، وحل لمشكلاتها ، ولو كانت هذه العناوين سياسية لما ظلت الدولة ودوائرها حتى هذه اللحظة تعاني من الاف المازق والمشاكل، وظل اغلبها ينتج يوميا المشكلة تلو الاخرى ، ولو اخضعت العديد من هذه العناوين الى معايير علم السياسة ، لما حصل الكثير منها على عنوان حزب ، فالحز ب وفق علم السياسة هو تنظيم يجمع عدد من الاشخاص لهم اهداف موحدة وامال مشتركة له اهداف واضحة وبرنامج اقتصادي محدد يهدف الى تحقيقه حال استلامه السلطة ، من هذا يتضح ان بعض هذه الاحزاب هي احزاب نخبة لا تمتلك قواعد حقيقية في الشارع تعمل على دفعها للسلطة ، والبعض الاخر تتشكل قواعده وانصاره وقت الانتخابات وبدوافع مادية واضحة ، كما ان البعض منها اصبحت احزاب تجارية فبدلا من جعل الوزارة دائرة خدمة واعمار ، جعلتها بعض هذه العناوين دائرة تمول لجانها الاقتصادية بالاموال ، لذا فقد افرغ العراق من كل شى لحساب لا شي ، ان الازمة الحالية هي نتاج عمل هذه العناوين ، اذ عبرت هذه العناوين عن مصالح فؤية ، اما مذهبية او عنصرية او طائفية وظلت تدور حول نفسها وبذات المنطلقات التي جاءت بها ولم تستطع التجربة وممارسة السلطة صقل قابلياتها للتحول الى احزاب دولة ، بعد ان كانت احزاب معارضة . ان هذا الكم من التنظيمات السياسية، يشير الى تغليب الذات على الموضوع ويشير بالمقابل الى نزعات فردية طامحة للسلطة والقيادة وليست طامحة لبناء وطن او انقاذ دولة ارهقها الارهاب بحقده الدفين واسقمها التصرف اللا مسؤول للبعض من السياسيين .سادتي لينصرف كل منكم للبحث عن المشتركات بين كل منكم ولا يعتد اي منكم بنفسه فالحق يقال كلكم بدا بالاخطاء وظل الجميع يدافع عن هذه الاخطاء . لذلك ظلت هذه الاخطاء مشتركاتم ، ولم يحصل ان اتفقتم على مشترك واحد صحيح . والسؤال المؤلم والملح الا يوجد مشترك واحد بين التنظيمات الدينية الشيعية على سبيل المثال لم كل هذا الخلاف وانتم تقودون هذا البلد . ؟ الجواب لا يتعدى الخلاف كونه خلاف تنظيمات لا خلاف مبادئ ،ان البيت الشيعي هو اكثر التنظيمات غزارة بالمشتركات ولا يحتاج الا الى وحدة التنظيم ، بتعبير اخر ليتجه الجميع نحو تشكيل تنظيم موحد لكل تلك الاطراف السياسية، تفقد فيه كل منها شخصيته المستقلة لصالح تنظيم موحد يتخطى التحالف الوطني ،القائم حاليا ، وبالمقابل على القوى الديمقراطية واليسارية والاحزاب القومية واحزاب اليمين المعتدل والتنظيمات المنادية بالدولة المدنية ، ان تتجه نحو تشكيل تحالف للقوى اللبرالية ما دامت هناك مشتركات كثيرة تقوم على اساس قيام الدولة المدنية المؤمنة بسيادة القانون وتطبيق العدالة الاجتماعية . اما الاحزاب السنية با ستثناء الحزب الاسلامي. فلها ان تشكل تنظيمها الموحد اذا لم يرغب بعضها بالانظمام الى الجبهة اللبرالية ، وبذلك تكون هناك خمسة كيانات انتخابية اذا ظل الحزب الاسلامي منفردا هي التكتل الشيعي والتكتل اللبرالي والتكتل الكردي والتكتل السني ، على ان تغادر هذه التسميات الى عناوين سياسية ذات مدلول وطني يتخطاها تدريجيا وبمرور الوقت
مقالات اخرى للكاتب