حين نتكلم عن شبكات التواصل الأجتماعي نقول أنه عالم أفتراضي مما يعني أنه كالخيال ندخل من خلاله الى دنيا جديدة وحلم يكاد يكون معدوماً الا من خلال هذه الأجهزة الصغيرة التي باتت تأخذ من وقتنا وأهتمامنا الكثير
ومن خلال هذا العالم الأفتراضي دخل كل من كان يعاني الوحدة أو عدم الأهتمام بأمكانياته وقدراته في عالمه الخاص فمنهم من أستطاع أن يكسر وحدته في التعرف على أشخاص بعيدين كل البعد عن واقعه المؤلم ومنهم من أستطاع أن يجعل من هذا العالم متنفساً يعبر فيه عن غضبه من واقع سحق كل أحلامه وهدم أحساسه بالامان الذي أفتقده في مجتمعه
ولكن الأن وفي هذه الفترة وجدنا أن هذا العالم قد تحول من أفتراضي الى حقيقة ملموسة وأنجازات كانت فيما مضى مجرد حلم بسيط في عقل الشباب العراقي
أتكلم عن واقع لمسته ورأيته في المجتمع العراقي لان هذا المجتمع عاش فيما مضى حرماناً قاسيا وكلنا نعرف كيف مضت السنين على شباب العراق وكيف كانت كل أحلامهم معلقة بقرار من الحكومة حتى في دراستهم مثلاً وليس حصراً أذا كانت الدولة حين ذاك بحاجة الى التصنيع العسكري حينها مهما كانت شهادة الشاب العراقي وبأي تخصص كان لابد له أن يكون رهن الاوامر ويذهب لكي يكون موظفا او عاملا في تلك المصانع وقد شاهدنا الكثير من الأختصاصات قد هجرت البلاد وذهبت تمارس حقها في بلد أخر حتى تستطيع أن تعمل ماتحب
ومن بقي ماتت فيهم الرغبة في التعليم والابداع لانه وبكل بساطة لايستطيع أن ينال مايرغب
واليوم وبنفس الأسلوب من الحكومات العراقية المتعاقبة أصبح كل شباب العراق عاجزين عن تقديم خدماتهم للبلد الذي ينتمون اليهرلالشئ سوى أن هذه الحكومات قد صادرت أحلامهم وتركتهم هكذا دون عمل بعد حصولهم على شهادات التخرج التي جهدوا طوال سنين الدراسة للحصول عليها
ولهذا وجدنا أن شبابنا توجه الى هذا العالم الأفتراضي فقط لكي يعبر عن ذلك الغضب المكبوت الذي بداخله
وهنا تأتي المفاجئة حيث يكون هذا العالم هو من يستطيع أن يحقق أحلام الكثيرين
كيف ذلك ومن من الشباب أستطاع أن يحصل على حلمه الذي عاش في عقله كل هذه السنين دون أن يرى أي بادرة الى تحقيق مايصبو اليه
نرى مثلاً ولمجرد الذكر لا الحصر الكتاب والشعراء والأعلاميون وكيف أستطاعت هذه الشبكات أن تحقق أحلامهم وطموحاتهم حيث بدأنا نرى هذه الايام أنجازات كثيرة وكتابات رائعة لشباب مبدعين في عالم الشعر والأدب
وكل ذلك تحقق من خلال هذا الجهاز العجيب
وكيف تواصلت الأجيال بين بعضها حتى تتكون تلك العائلة الكبيرة لتنجب هذه الروائع
فمن خلال هذا العالم تعرف الجيل الماضي بشباب الحاضر وكانوا لهم سنداً وعوناً في أضهار كل أمكانياتهم وبلورتها لتأتي في النهاية فتصبح عالماً حقيقياً ملموساً
فقد كانت هناك الكثير من المواهب مجرد حبر على ورق ونراها الأن وقد أصبحت كتبا مطبوعة ومقالات منشورة وكلمة مسموعة في كل الميادين والتي كانت فيما مضى محصورة بين من يكتب عن أمجاد الدولة وفعاليات الرئيس
وهكذا ومن خلال شبكات التواصل الأجتماعي وهذا العالم الأفتراضي أصبحت الساحة الأدبية والأعلامية كالبستان ينبت فيها كل يوم برعم صغير ويكبر هذا البرعم حتى يصبح زهرة فواحة يشم عطرها الأجيال القادمة من خلال أعمال أدبية رصينة
ليصبح هذا العالم الأفتراضي حقيقة ملموسة يحصد ثمارها كل من حرم من تحقيق أحلامه ولكي نرى من أبداع الشعب العراقي كل ماكان مغيباً عن العالم الكبير
ولكي تكون هذه الأنجازات أرثاً رائعاً لكل الأجيال
وهنا لابد لنا من القول أن العالم الأفتراضي ليس أفتراضياً ولا مجرد هروب من الواقع ولن يكون للتسلية فقط بل هو أمكانية رائعة لو أستخدمت بالطريقة الصحيحة .
مقالات اخرى للكاتب