أنا من المؤمنين بأنّه ليس للارهاب دين، كما أنّه ليس حكرا على عرق بشريّ معيّن، وممّا يلفت الانتباه أنّ هناك طاحونة اعلاميّة تتحدّث عن "الارهاب العربيّ والاسلاميّ" بشكل يوميّ ومدروس ومخطط، وأنا هنا لا ولن أدافع عمّن يمارسون الارهاب من العرب والمسلمين، كوني عربيّ مسلl، بل أكثر ما يؤلمني أن يكون من بين قومي وأتباع ديني من يمارسون الارهاب، مع أنّه هناك جماعات من المتأسلمين الجدد تعتمد على نصوص دينيّة في كتب التّراث الاسلامي، لتمارس ارهابها على المسلمين وغيرهم، مثلما فعلت القاعدة وداعش وغيرهما، فالمتأسلمون الجدد قتلوا في الجزائر بين 1992-2002 ما يزيد على مائتي ألف جزائريّ، وقتلوا أكثر من هذا العدد في الصّومال، سوريا،العراق، ليبيا، مصر وغيرها من البلدان العربيّة، ولا يزالون يمارسون القتل والتدمير في عدّة دول معتمدين على نصوص وفتاوي دينيّة.
لكن هل غير العرب وغير المسلمين أبرياء من ممارسة الارهاب؟ فلنستعرض شيئا من التّاريخ الحديث لنقف على بعض الحقائق، فهناك دول تمارس ارهاب الدّولة، وهو أبشع أنواع الارهاب، فمثلا الحركة الصهيونيّة القائمة على غيبيات دينيّة، مارست ولا تزال تمارس الارهاب ضدّ الشّعب الفلسطينيّ، وارتكبت مجازر ومذابح جماعية منها: دير ياسين، الطنطورة، الدّوايمة وغيرها في العام 1948، وبعد قيام دولة اسرائيل ارتكبت مذابح مثل: كفر قاسم، قبية، بحر البقر، قانا وغيرها، واسرائيل مستمرّة في احتلالها للأراضي العربيّة بدعم من دول تعتبر نفسها ديموقراطيّة ومدافعة عن حقوق الانسان، وتقوم بالقتل والتدمير وهدم البيوت وقطع الأشجار ومصادرة الأراضي بشكل شبه يوميّ، وهناك مؤلفات لحاخمين يهود دعوا فيها بشكل واضح إلى قتل العرب بمن في ذلك النّساء والأطفال، أو ليس هذا وغيره ارهابا؟
وفي الحرب الكونيّة الثّانية التي شنّتها المانيا النازيّة قتل فيها حوالي سبعين مليون شخص، والقاتل والقتيل من أتباع الدّيانة المسيحيّة، وكانت تركيا "المسلمة" قد قتلت أكثر من مليون أرمني "مسيحي" في العام 1915 أثناء الحرب الكونية الأولى.
وفي العام 1994 قتلت قبائل الهوتو في رواندا أكثر من ثمانماية شخص من قبائل ستوتسيي في مئة يوم، والقاتل والقتيل من أتباع المسيحيّة أيضا.
وفي العام 1995 شنّ الصّرب "المسيحيّون" حرب إبادة من منطلقات دينيّة ضد "المسلمين" في البوسنة والهرسك وقتلوا مئات آلاف المسلمين خصوصا في مدينة سربرنيتسا واغتصبوا النّساء. وفي بورما ومنذ سنوات قتل البوذيّون ولا يزالون يقتلون مئات آلاف المسلمين، وشرّدوا مئات الآلاف منهم.
وفي كمبوديا قتل ملايين المواطنين على أيدي بول بوت الشيوعيّ الماوي. وقتلت روسيا عشرات آلاف المسلمين في الشيشان.
وفي العام 2001 قام الرّئيس الأمريكيّ جورج دبليو بوش باحتلال افغانستان، وفي العام 2003 احتل العراق، ودمّر هذين البلدين وقتل الملايين فيهما، بل إنّه هدم الدّولة العراقيّة، وكان يصرّح لوسائل الاعلام أنّه يتلقى أوامره من الرّب! وهذا يعني أنّه ينفذ تعاليم المسيحيّة المحافظة أو المتصهينة التي يدين بها! فهل بوش حجّة على المسيحية؟ علما أنّ أمريكا لا تزال أمريكا تدرب وتسلح وتموّل الارهابيّين في سوريّا وغيرها بشكل مباشر أو عن طريق أتباعها من دول البترول العربيّ.
وهيلاري كلنتون التي تسعى لتكون مرشّحة الحزب الدّموقراطي الأمريكي لانتخابات الرئاسة، قالت أمام وسائل الاعلام أنها ستسمح لاسرائيل في حربها القادمة على الشعب الفلسطيني بقتل مائتي ألف شخص، وليس ألفي شخص كما حصل في محرقة العام 2014 على قطاع غزّة.
واذا كان الارهاب مدانا بكلّ المقاييس، وكلّ القيم بغض النّظر عن دين وعرق ولون فاعله، فلماذا التّهرّب من تسمية الأمور بمسمّياتها الصّحيحة؟ وكيف يبني البعض آمالا في محاربة الارهاب مِن خلال مَنْ يمارسونه؟ ولماذا لا يتم استئصال أسباب الارهاب؟ ولماذا لا يتمّ احترام حياة الانسان بغضّ النّظر عن دينه وعرقه ولونه؟ مع التّأكيد على أنّ الأمم المتحدة مطالبة بتعريف الارهاب، والتفريق بين المقاومة والارهاب.
مقالات اخرى للكاتب