Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
زمن الخوف.. قصة قصيرة.. بقلم: أياد خضير
السبت, تشرين الثاني 30, 2013

 

 

 

 

 

 

اِستيقظَ في الصباح مبكّراً ، اِرتدى ملابسه وخرج ، كان جائعاً ، حملته أقدامه إلى شوارع المدينة الغاصّة بالناس ، توفيت أمّه إثر نوبةٍ قلبية ، كذلك أبوه إثر مرضٍ عضال ، بعد أن ترك له مبلغاً بسيطاً من المال وبعض الأثاث الثمينة ، لم يكن سعيداً كلّ ما يحتاجه هو أن يستمرَّ في الحياة حتّى يكبر ، طالما حلم أن يعمل في مخزن كبير للمواد الغذائية يتحمّل مسؤولية ، لسدِّ حاجته للعيش في هذه الحياة التي أصبحت صعبة بالنسبة له ، انسحقتْ أمعاؤه تحتَ هذه الكلمات ، الجوع .. العطش ، كان يحملُ في يده تمثالاً برونزياً للفنان بتهوفن ، وهو آخر القطع الثمينة التي كان أبوه يحتفظُ بها في مكتبته  . ينادي بصوتٍ مرتفع :

 ـ تمثالٌ للبيع ؟

 ـ تمثالٌ برونزي للبيع ؟ 

أستوقفه رجل ذو عينيين رماديتين أشبه بلون رماد سيكارة منطفئة ، فتحت للآخر ، بعد أن حدقِّ به 

- هل هذا التمثال للبيع ؟! 

- نعم .. للبيع إلا تسمعني ؟! 

- من أين لك هذا ؟ هل سرقته من المتحف ؟! 

- أقسم بالله العظيم لم أسرقه ،إنّه حلالي ، ملك أبي ! 

أمسك به بقوّة ، باءت كلّ التوسلات التي قدّمها بالفشل ،حتّى أحتقرَ نفسه أكثر من ذي قبل صرخ به 

-من أين جئت به ، أنطق ؟! 

- إنّه لأبي المتوفّى ، بعتُ جميع كتبه الثمينة حتّى أعيش ،لم يبقَ سوى هذا التمثال .

- لماذا لا تشتغل ؟! 

- أين أشتغل .. وبأي مهنة ، خذْ التمثال ودعني أذهب

قبل أنْ يكمل كلامه لطمه على وجهه بقبضة يده ، وساقه وسط حشدٍ من الناس الذين ينظرون إليه غير مبالين لأنّ الأمر لا يهمهم . لم يستطع تحمّلَ الألم ، فار الدم فيه ، أخذَ ينزفُ من رأسه حتّى وقع مغمىً عليه وعندما أفاقَ من غيبوبته وجدَ نفسه مقيداً بسلاسلَ حديديّة في سجن انفرادي ، رطبٍ ، مُعتم ٍ، توجد كوّةٌ صغيره أعلى الجدار ، في الزاوية تنبعث روائح كريهة من صفيحة وضعت للتبوّل ، الصمتُ هنا يتسلّل كأغنية خرساء ، أعاد ترتيب الحوادث في ذهنه بسرعة : 

استيقظ في الصباح مبكراً ارتدى ملابسه وخرج ، كان جائعاً ، يحمل في يده تمثال ، هذا كلُّ شيء  مرّت ساعاتٌ ظلامية ، ثقيلة ... الذهن شارد ، والجسد مرهق ، لقد وقع تحت سيطرة عدوٍّ مارد لا يرحم ، لا مجال للهروب ، تلاحقت أنفاسه والتهبتْ النيرانُ في صدره ،وأبت أن تخمدَ في ذاكرته ، هالةٌ أخذته في رحلة داخل الزمن الفائت ، وظلّتْ عيناه المتعبتان تحومان .. تبحثان عن مخرج . عاد إليه الرجل وقاده إلى قبوٍ مظلم ، رأى في الزاوية البعيدة من القبو حبلاً رفيعاً يتدلّى أمام عينيه ، كمشنقة مرتجلة ، بجوارها سوط أسود يشبه ذيل عجل ، جفَّ حلقه وغاص قلبه بين أضلاعه ، تجمّعتْ حفنة صغيرة من غيوم الخوف في عينيه ، لا مجال للتفكير بالهرب ، لأنه لا يعلم في أي مكان قابع ، إلّا إنّه سرعان ما أراد أن يريح نفسه 0 قــال : إنّ التمثال ملكي ، لم أسرقه ، لماذا أنا خائف ؟! لكنْ دون جدوى فقد سيطر الخوفُ عليه سيطرةً تامة جعله يخاطب نفسه : ألا ترى أن نصيبك في الحياة هو هذه البقية الباقية من تأريخك ، فلم يصادفك نجاحاً كبيراَ بحصولك على عمل تحلم به ، كنتَ مدلّلاً وها أنت تدفع ثمن دلالك ، لم تتعلّم صنعةً تنقذك من هذه الظروف الصعبة التي تمر بها ، ارتفعت رطوبة السجن ، أحسّ بأن الهواء الذي يستنشقه ثقيلا ً، رائحة كريهة صفراء كأنها بخور عفن تضرب رأسه . نما الألم في قلبه وسيطر عليه نوع من الخوف العميق الذي لم يعرفه من قبل ، دبَّ اليأس كبادرة نهائيه ، لا يوجد سجينٌ يتحدّث معه ، سمع صرير الباب ، تكوّر طارقاً برأسه إلى الأرض . عاد إليه الرجل يصرخ بوجهه ويركله ، وهو يطيل النظر إليه ، إلى رذاذ فمه الذي يتطاير حوله ، ثمل ، يترنّح وبيده ذلك السوط اللعين . قـــال - في سره وهو يرتعش - : أنا أعرف ويعرف الجميع أن الرأفة بالمظلوم هي أناقة بالنسبة إلى الطغاة ! 

- أعترف من أي متحف سرقت التمثال ؟ وإلّا ... ؟ ورفع يده إلى الأعلى ليضربه . 

- إنّه لأبي . 

- أين أبوكَ ؟ ! 

- أبي توفي منذ سنتين ! 

- تكذب ! 

صرخ به وضربه على رأسه ضربةً قويه ، أمسك بشعره وضرب وجهه بالأرض . لمّا أفاق من غيبوبته ،وجد نفسه في منطقة نائية ، أحسّ بألم شديد في رأسه وكتفه الأيمن إثر الضربة القوية من ذلك السوط الأسود ، لقد سلبوا التمثال منه . 

قـــــال - وكأنه يخاطب جمعاً من الناس - : إنّها رحلة مرعبة ، مريعة لكنّ الأشياء لا تكون فظيعة إلّا من جانبٍ واحد لأنكم لو مررتم بالشيء الذي حصل لي لدافعتم عني .. لا تنسوا ذلك ، التجربة كما تعرفون مصباح أمل لا يضيء إلا لحامله ،أتمنّى أن تحملوا المصباح لتنيروا به طريقكم أقول لكم إنّه ليس لكم الحق أن تموتوا .. الموت أطلبوه بعد أن تتوفرَ لكم قصة جيدة تحكوها ، علينا أن ندخل إلى الحياة فنحكي قصصنا ثم نخرج منها ، نفارقها ، بهذا الموت الذي قيل عنه (بأنّ الإنسان لا يملك حياله شيئاً وهو التحدي الذي لم ينتصر عليه الإنسان) بعد إن انتهى من خطبته حملته أقدامه إلى شوارع المدينة الغاصّة بالناس ، وفي داخله صراخ صامت راح يداعب مخيلته ، معاناة من الزمن المسلوب ، زمن الخوف تضاف إلى تلك المعاناة المريرة التي عاشها ، ملابسه ممزّقة وسخه حافي القدمين يتمتمُ كلاماً غير مفهوم . 

قـــــال أحدهم : لابدّ وأنّ هذا الشاب مجنون ، يا للخسارة... 



اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.4229
Total : 100