كان الأملُ يَحدونَا خلال السنوات الماضية بتمكنِ جميع قِطاعات البلاد مِنْ قطعِ أشواطٍ طويلة فِي مجالِ إعادةِ وَتطوير بنَاهَا التَّحْتِيَّة الَّتِي أصابَ أغلبها أَنْ لَمْ نقل جميعها الضرر؛ جراء شدة تأثرها بتداعياتِ سنوات الحروب المتأتية مِنْ عبثيةِ سياساتِ النظام السابق، وَالَّتِي كان فِي مقدمتها الحصار الجائر الَّذِي فرض عَلَى شعبِنا بدعوى الضغط عَلَى النظامِ الدكتاتوري، فضلاً عَنْ غيره مِنْ الاثارِ الَّتِي انعكست سلباً عَلَى أداءِ مختلفِ الِقطاعات. ولعلَّ مِنْ أبرزِ التساؤلات المثارة فِي الشارعِ العراقي المتخم بالهمومِ هو السر فِي عدمِ اهتداء وِزَارَة التَّرْبِيَة الى استثمارِ أيام العطلة الصيفية، وَتوظيف أيامها لتنفيذِ المَشْروعات الخاصّة بإعادةِ بناءِ بعض الْمَدَارِس الَّتِي أزيلت، بالإضافةِ إلى ترميمِ بعضها الآخر، وَالَّذِي ما يَزال بحاجةٍ إلى إعادةِ تأهيل، بوصفِها فرصة مناسبة تحقق للوِزَارةِ إمكانية تنفيذ التزاماتها بصورةٍ تفرض عَلَى الجميعِ مباركتها.
لا مغالاةً فِي القولِ إنَّ فِي مقدمةِ العوامل الَّتِي ساهمت بتدني كفاءة أداء الحلقات الإداريّة لعمومِ مَشْروعات الإِعْمَار فِي بلادنا، فضلاً عَنْ أذرعها التَّنْفيذِيَّة هو غياب التَّخْطِيط السليم، وَضعف فعالية المتابعة الَّتِي مِنْ شأنِها مراقبة الأداء فِي مختلفِ مراحل العمل، بالإضافةِ إلَى إغفالِ الإدارات أَهمِّيَّة التمسك بنهجِ تقويم الأداء، وَالَّذِي تترتب عليه جملة نَّشَاطُات إداريّة مِنْ بينِها المحاسبة وَتعزيز البرامج المعنية بتطويرِ القدرات، وَتحديث معايير بناء المَشْروعات، وَلعلَّ خير مصداق عَلَى ما تقدم هو أَنَّ القرارَ الخاص بهدمِ البناياتِ المَدْرَسيَّة المشمولة بالإزالةِ لأجلِ إعادة بنائها نفذ حينها مَعَ حلول امتحانات نصف السنة، ما أفضى إلى إرباكِ إدارات الْمَدَارِس، فضلاً عَنْ التأثيرِ عَلَى عمومِ مسار العَمَلية التَّرْبوية.
الْمُلْفِتُ أنَّ الركون إلى خيارِ نظام اللامركزية عبر إحالة هَذه المُهِمّةِ إلى مجالسِ المحافظات بدلا مِنْ إحالةِ أغلبها إلى وزارتي الصِّنَاعَة وَالإعمار وَالإسكان مثلما كان معمول به لسنوات؛ بالنظرِ لتدني نسب الإنجاز فِي مَشْروعاتِ الأبنيةِ المَدْرَسيَّة، لَمْ يفضِ إلى نتائجٍ مؤثرة، وَلَمْ يرتقِ أداء العمل إلى مستوى الطموح إذ لا تَزال بعض البنايات المشمولة بقرارِ الإزالةِ أما مقفلة أو متروكة بعد أَنْ جرى تسويتها بالأرض، ليتحول بعضها إلى مكبٍ عشوائي للنفاياتِ أو مرآبٍ غير مرخص لوقوفِ وَمبيت السيارات أو غير ذلك.
لا نبعد عَنْ الصَوَابِ إذا قُلْنَا إنَّ البحثَ فِي عدمِ فاعلية الأنْشِطَةِ الخاصّة بإِعْمَارِ الأبنيةِ المَدْرَسيَّة وَإعادة تأهيلها، لا يخلو فِي واقعِ الأمر مِنْ بعضِ التحديات الَّتِي فِي المُقدِّمةِ مِنها ضعف التَّخْطِيط العِلْمي وَغياب القدرات، بالإضافةِ إلَى نفوذِ الإرادات الساعية إلى الحفاظِ عَلَى مصالحِها وامتيازاتها غير المشروعة، الأمر الَّذِي أفضى إلى فتحِ الباب واسعاً لكثيرٍ مِنْ عملياتِ الفَسَاد، وَالَّتِي كان لها الدور الفاعل وَالمؤثر فِي إعاقة مُهِمّةِ إعادة إِعْمَار البَنِيَّةِ التَّحْتِيَّة الخاصّة بوِزَارةِ التَّرْبِيَة؛ بالنظرِ لزيادةِ العوامل الَّتِي بوسعِها تحجيمِ إرادة تصحيح الانحرافات، وَإجهاضِ محاولة معالجة المسارات الخاطئة فِي أنْشِطَةِ النهوضِ بهَذَا القِطاعِ الحيويّ.
فِي أمانِ الله.
مقالات اخرى للكاتب